عبدالله قاسم العنزي

النفاذ المعجل

الاحد - 28 أغسطس 2022

Sun - 28 Aug 2022

يعتبر التقاضي على درجتين أحد المبادئ الأساسية لنظام القضاء وأحد أهم الضمانات لتحقيق المحاكمة العادلة، فالشخص حينما يرفع دعواه أمام القضاء فإن على القاضي أن يفصل في تلك الدعوى من خلال النظر في الوقائع والأدلة المقدمة بين يديه.

ويجوز للمحكوم له والمحكوم ضده أن يطعن بالاستئناف وهذه تعد ترجمة عملية لمبدأ التقاضي على درجتين وهي إتاحة الفرص للخصوم لطرح نزاعهم مجددا على محكمة أعلى لتقوم بإعادة النظر في القضية من حيث وقائعها والأدلة المقدمة فيها ولا يعد في هذه الحالة حكم محكمة الدرجة الأولى نافذا حتى ينتهي بتأييد من محكمة الاستئناف وتنقضي المدة المحددة نظاما للطعن بالاستئناف فيصبح حينئذ حكما نهائيا لا يقبل الطعن بالطرق العادية قابلا للتنفيذ؛ لأنه استنفذت فيه طرق الطعن العادية من معارضة واستئناف، وفي هذه الإجراءات الشكلية من الطبيعي أن تطول فيها مدة التقاضي بين المحكمتين محكمة الدرجة الأولى وبين محكمة الاستئناف، ولذا راعى المنظم السعودي إذا كان هناك ضرورة تعجيل التنفيذ في بعض القضايا التي يقتضي الأمر الاستعجال فيها بقوة النظام قبل أن يفصل في موضوع الدعوى وهذا ما يعرف بالنفاذ المعجل.

ويعرف الفقه النفاذ المعجل بأنه استثناء على الأصل العام بإعطاء القوة التنفيذية المؤقتة للحكم الصادر أمام محكمة أول درجة رغم الطعن عليه بطرق الطعن المقررة نظاما والذي يدور وجودا وعدما مع الحكم.

وهذه القاعدة العامة المتعارف عليها في النظام السعودي تقضي بأن الحكم الواجب النفاذ هو ذلك الحكم الذي أصبح حكما نهائيا غير قابل للطعن فلا يصح تنفيذ الحكم الابتدائي الصادر من محكمة أول درجة طالما جائز الطعن عليه بطرق الطعن المقررة تنفيذا لمبدأ التقاضي على درجتين وهذا ما نصت عليه المادة الـ10 من نظام التنفيذ.

ولكن هناك استثناء أورده المنظم السعودي على الأصل العام كما أشرنا إليه وهو فكرة النفاذ المعجل التي تمنح الحكم الصادر من محكمة أول درجة القوة التنفيذية والسبب في إيراد هذا الاستثناء إلى أن الانتظار لصيرورة الحكم نهائيا في بعض الأحيان من شأنه ترتيب أضرار أو تغير في المراكز القانونية لطرفي الخصومة مما يستلزم معه تنفيذ الحكم في أسرع وقت لإزالة الضرر.

كما تعد القوة التنفيذية التي يمنحها النفاذ المعجل للحكم الابتدائي هي قوة وقتية ترتبط بالحكم فإن استقر الحكم وتأيد بعد الطعن عليه ظلت أو أنها تزول بما رتبته من آثار إذا ألغي الحكم.

والحقيقة في هذا أن نظام التنفيذ نص في المادة الـ10على فكرة النفاذ المعجل من أنه لا يجوز تنفيذ الأحكام والقرارات والأوامر جبرا، مادام الاعتراض عليها جائزا، إلا إذا كانت مشمولة بالنفاذ المعجل، أو كان النفاذ المعجل منصوصا عليه في الأنظمة ذات العلاقة وعليه فإن التنفيذ المعجل هو نظام يخالف القاعدة العامة في تنفيذ الأحكام بإضفاء القوة التنفيذية للحكم رغم قابليته للطعن عليه بأحد طرق الطعن العادية فالحكم الابتدائي وفقا لفكرة النفاذ المعجل قابلا للتنفيذ قبل أن يحوز القوة الإجرائية التي تطلبها القاعدة العامة للتنفيذ ألا وهي أن يكون الحكم نهائيا.

إن الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل أشارت إليها المادة الـ169 من نظام المرافعات وهي أن يكون الحكم مشمولا بالتنفيذ المعجل، بكفالة أو بدونها حسب تقدير القاضي مثل قضايا النفقة أو الحضانة أو الزيارة والرؤية أو أجرة العامل وغيرها من القضايا التي نص عليها النظام بأن تكون مشمولة بالنفاذ المعجل وهذه القضايا التي أوردها المنظم يكون نفاذها بقوة النظام دون الحاجة للنص عليها في الحكم أي أن الطعن بالاستئناف لا يوقف تنفيذها ويتم اتخاذ إجراءات التنفيذ بالحكم الابتدائي.

expert_55@