الصدر يرفع العصا في وجه إيران

رفض استقبال قائد فيلق القدس ووقف صامدا ضد نفوذه في العراق ناهي: طهران تحاول عزله سياسيا بعد إنهاء فكرة حكومة الأغلبية البيدر: يحاول تثبيت الهوية العراقية التي تطمح طهران في محوها الهيتي: شخصيته العربية تدفعه لرفض أطماع وتوسعات الوالي الفقيه
رفض استقبال قائد فيلق القدس ووقف صامدا ضد نفوذه في العراق ناهي: طهران تحاول عزله سياسيا بعد إنهاء فكرة حكومة الأغلبية البيدر: يحاول تثبيت الهوية العراقية التي تطمح طهران في محوها الهيتي: شخصيته العربية تدفعه لرفض أطماع وتوسعات الوالي الفقيه

الأربعاء - 24 أغسطس 2022

Wed - 24 Aug 2022

فيما رفض الزعيم العراقي مقتدى الصدر استقبال قائد فيلق القدس إسماعيل قآني أثناء زيارته الأخيرة إلى بغداد في الأيام الماضية، اعتبر المراقبون التصعيد الأخير وحملة المظاهرات والاعتصامات أمام مجلس القضاء الأعلى، دليل على أن الرجل القوي صاحب الأغلبية في الشارع، بات يرفع العصا في وجه نظام الملالي.

أدرك صاحب الـ73 صوتا في البرلمان العراقي أن طهران التي لعبت بكل الأوراق لتعزيز هيمنتها على العراق، تسعى إلى عزله سياسيا، بعدما أسهمت في تفكيك التحالف الثلاثي وأنهت فكرة حكومة الأغلبية التي نادى بها.

ويعد زعيم التيار الصدري الرجل الشيعي الأوحد سياسيا الذي يزور إيران ويدرس فيها، لكنه في الوقت نفسه يرفض تدخلها في المشهد السياسي العراقي، الأمر الذي يدفع للبحث عن سر العلاقة «المتوترة» بين الصدر وإيران، والسبب في عدم الارتياح المتبادل بينهما.

مخاوف الرافضين

يرى الباحث والكاتب العراقي صباح ناهي، أن الصدر اختط نهجا مختلفا عن سواه من الأقطاب السياسية في التعامل مع إيران، كونه يمثل أسرة عريقة أسهمت في العمل الوطني على مدى قرون، وارتبطت بمشروع سياسي وطني كان وراء تأسيس الدولة العراقية الحديثة.

وأشار الكاتب في مقال بـ»إندبندنت عربية» أن أسرة الصدر ترى أنها امتداد للنسل الهاشمي، تواصلا مع الحضور الفكري والسياسي لأسرة الصدر التي أنتجت اثنين من السياسيين المعاصرين، وهما محمد باقر الصدر مؤسس حزب «الدعوة الإسلامية»، ووالد الصدر محمد محمد الصدر، اللذين اغتيلا في زمن النظام السابق الذي جعل الصدر يعلن أن كل الإسلام الشيعي في العراق خرج من معطف الصدريين أبيه وأعمامه، ويخشى الرافضون للصدر من أن تقود استقلاليته البلاد، وتبعده عن نظام الوالي الفقيه في طهران.

بداية التسريبات

وفي أعقاب التسريبات الأخيرة، بات الصدر متأكدا أكثر من أي وقت مضى من أن الشيعة وتحالفهم الخماسي بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وراء عدم تمكن التيار الصدري الذي كان يمثل الأغلبية في البرلمان بـ73 مقعدا، بعدما أعلن الأخيرة عن تحالف ثلاثي مع السنة والكرد، ليجمع أكثر من 170 نائبا يمثلون الأغلبية السياسة في البرلمان، التي تخوله الحكم وترشيح رئيس وزراء شيعي بإدارة الصدر، ورئيس جمهورية باختيار الحزب الديمقراطي الكردستاني الحليف بزعامة مسعود بارزاني، واختيار زعيم سني تمثل في محمد الحلبوسي عن تحالف «تقدم».

ويؤكد ناهي أن الإطار التنسيقي حال دون اختيار رئيس الجمهورية بثلثي أصوات البرلمان المؤلف من 328 نائبا، وبفارق يصل إلى ناقص 20، وأحبط اختيار حكومة الصدر التي واجهت موقفا متشددا من فكرة الأغلبية النيابية، وأصروا على الانشطار العرضي للمكونات المجتمعية شيعة، وسنة، وأكراد، وعلى التوافقية الشيعية التي تريدها إيران، وكما فرضها بديناميكية الجنرال قاسم سليماني ومساعده مهدي المهندس، حتى مقتلهما بطائرة مسيرة أمريكية في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب على طريق مطار بغداد الدولي.

رفض قآني

رفض الصدر استقبال قائد فيلق القدس إسماعيل قآني، في إطار إعلانه عن غضب وامتعاض من طبيعة السياسة الإيرانية تجاهه، وهي سياسة تعتمد على المناورة «وفق ناهي»، رغم أنه أعلن أكثر من مرة أنه واقعي يسعى إلى طي صفحة الحكم الفاسد الذي ساد في ظل قيادات «حزب الدعوة» للدورات السابقة التي بددت ثروات زادت على تريليون دولار من عائدات النفط، خلال السنوات التي أعقبت عام 2003.

ويظن الصدر أن حصوله على الأغلبية النيابية تجعله مؤهلا لأن يتصدر المشهد، لولا إصرار خصومه الإطاريين الذين يحتمون بالمظلة الولائية لدعمهم، ومسعاهم لإبقاء مشهد الحكم المحاصصي الذي يجد صداه عند كثير من السنة السياسيين والأكراد المنتفعين، بواقع شيعي منقسم وسني ضعيف.

ومع وجود أغلبية عراقية متمردة ظهرت خلال انتفاضة تشرين عام 2019 التي أسقطت حكومة عادل عبد المهدي، وجاءت بمصطفى الكاظمي لسدة الحكم ليتولى مرحلة انتقالية، لكنه تصرف كرجل دولة، وعرف أن الضامن الوحيد لبقائه يتمثل في التيار الصدري وزعيمه، يوم كانت صواريخ وقذائف الميليشيات تتساقط على السفارة الأمريكية، وبيته وقواعد التحالف الأمريكية، وتهدد باقتحام المنطقة الدولية.

لماذا يكرهونه؟

ويدلل المراقبون على العلاقة المتوترة بين إيران والصدر التي وصلت إلى درجة الكره، بمساندته للثورة وحمايته للمتظاهرين من ميليشيات إيران، قبل أن يسحب نفسه من الانتفاضة لاحقا.

وزاد من عناد الصدر مع إيران، إصراره على تشكيل حكومة أغلبية، وتأكيده أنه لا وجود لقوى «الإطار» التي تمثل أجندة إيران فيها، ورفض تدخل طهران بعملية تشكيل الحكومة المقبلة، وفشل قائد «فيلق القدس» الإيراني، إسماعيل قآني في أكثر من زيارة منذ مطلع هذا العام بإقناع الصدر لإشراك قوى طهران في الحكومة المقبلة، ما أزعج بيت

المرشد علي خامنئي.

ويفسر الباحث الأكاديمي هيثم الهيتي سر تخوف وانزعاج طهران من الصدر فيقول «مقتدى الصدر ابن عائلة عربية، وجده محمد الصدر كان من أوائل رؤساء الوزراء في الدولة العراقية الحديثة إبان الحكم الملكي، وبالتالي فإنه يعد من أعمدة الدولة العراقية أولا، وشخصية عربية قبل أن تكون شيعية ثانيا، ورجل شيعي قومي عربي وليس بإيراني ثالثا».

ويؤكد أنه شخصية غير موثوقة لطهران؛ لأنها تتخذ من التشيع غطاء دعائيا لتصدير تدخلاتها في المنطقة باسم تصدير «الثورة الإسلامية»، لكن الحقيقة، أن طهران تصدر تحت عباء التشيع، التوسع والتخلف والمخدرات للسيطرة على دول الجوار، وذلك ما يرفضه الصدر بأن يحدث في العراق.

هوية عراقية

ويرى المحلل السياسي علي البيدر أن الصدر عراقي. ويبحث عن الهوية العراقية. في حين تحاول إيران تذويب تلك الهوية التي يحاول الصدر الإعلاء من شأنها، وذلك يتسبب بالتقاطع بينهما، وكذلك يسعى زعيم «الكتلة الصدرية» أن يكون ملجأ سياسيا واجتماعيا في العراق.

ويشير إلى أن الصدر لو تحالف أو تقرب من طهران وسياستها، فإن ذلك سيفقده الكثير من التأييد الشعبي له، ناهيك عن أن الصدر يريد الحفاظ على إرث عائلته المتمسكة بعروبيتها.

ويشدد على أن الزعيم الصدري يميل إلى العروبة، ويمتلك علاقات جيدة بمحيطه العربي ومع دول الخليج، وذلك ما يجعل طهران متخوفة منه؛ لأنها تريد سحب العراق من محيطه العربي وحصره بعباءتها. ويشدد على أن توجس طهران من الصدر؛ لأنه لا ينكر عروبته، ويحاول تثبيت الهوية العراقية التي تطمح إيران إلى محوها، لذلك تدعم قوى موالية لها من أجل إبعاد الصدر عن المشهد السياسي العراقي، ولكنها إلى الآن لم تفلح.

مقتدى الصدر:

  • ولد في 4 أغسطس 1974.

  • زعيم التيار الصدري الذي يعتبر أكبر تيار شعبي في العراق.

  • قائد أجنحة عسكرية تابعة لتياره مثل جيش المهدي ولواء اليوم الموعود وسرايا السلام.

  • بعد اغتيال والده وأشقائه تولى المسؤوليات التي كانت على عاتق والده.

  • فتح مكتب والده وأسس مجاميع سرية تستهدف قيادات حزب البعث وأجهزة الأمن والاستخبارات.

  • مع سقوط نظام صدام حسين، برز الصدر كقائد لقوة شعبية كبيرة في العراق.

  • أعاد بناء القوى الاجتماعية التي كونها والده بين الطبقة المسحوقة الشيعية.

  • حاولت إيران تحجيم دوره وإقصاءه وحمله على التفكير بحل جيش المهدي.

  • فاز تياره في الانتخابات الأخيرة بـ73 مقعدا وفرض نفسه كأثر الشخصيات تأثيرا في الشارع.