أحمد الهلالي

أفكار العمل الخيري النوعية - حرفية سعودية أنموذجا!

الثلاثاء - 16 أغسطس 2022

Tue - 16 Aug 2022

العمل الخيري من أنبل الأعمال، فهو لمسة إنسانية لمن كبت بهم جياد حظوظهم، وكبلتهم الأقدار بما يفوق قدرتهم على النهوض بذواتهم مرة أخرى، فتأتي هذه اليد البيضاء (العمل الخيري) لتعينهم على القيام والبدء من جديد.

انحسر مفهوم العمل الخيري في صور نمطية ردحا من الزمان، فتركز غالبا في بناء المساجد والكسوة وكفالة اليتيم وحفر الآبار والسلال الغذائية، يضاف إليها إفطار صائم في مواسم رمضان، وقلما تجد الأعمال الخيرية تخرج عن هذه الأنماط في جل الجمعيات الخيرية، وهي أعمال نبيلة لا نقلل من قدرها ولا من قيمتها، لكن يجب أن تكون جزءا من العمل الخيري وليس كله، ففيها إهدار لموارد الجمعيات الخيرية دون عائد طويل الأمد على الأسر المستفيدة.

في ظل النقد الهادف الموجه إلى برامج الجمعيات الخيرية، بادرت بعض الجمعيات إلى إضافة التدريب إلى برامجها الخيرية، وعقدت دورات مهارية وبرامج تدريبية لبعض فئات المستفيدين من دعمها، وعلى أهمية الفكرة فهي ليست منتظمة، لكنها تطورت حتى ظهرت جمعيات خيرية متخصصة، وجهت كل برامجها إلى التمهير، فهي لا تمنح المستفيدين من خدماتها أيا مما سبق، بل تعمل على مدهم بالخبرات اللازمة لمزاولة العمل وكسب قوتهم، عملا بالأثر النبوي «شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم شدة الفقر، فقال له: أما عندك شيء؟ قال: لا. فأعطاه درهمين وقال له: اذهب فاشتر بأحدهما طعاما، وبالآخر فأسا واحتطب به وبع».

جمعية الأيدي الحرفية الخيرية، من الجمعيات التي سلكت هذا السبيل في العمل الخيري فكانت رسالتها «تنمية الإنسان لحياة كريمة»، فعملت الجمعية على تدريب المستفيدين بمنطقة مكة المكرمة بأفضل البرامج التأهيلية لأكثر من 28 حرفة وصناعة يدوية، صمم منها 19 برنامجا تتفق مع قدرات ذوي الإعاقة، وتنفذ مجانا مع تأمين المواصلات للسيدات من وإلى المنزل، وتنتهي برامجها بتأمين وظيفة أو تأسيس المشاريع الصغيرة من المنزل، وتستمر في دعمهم بتسويق منتجاتهم المتقنة من خلال منافذ بيع متعددة توفرها الجمعية لهم.

تقدم الجمعية خدمات في المدن الكبرى بمنطقة مكة المكرمة، وكذلك في المحافظات المتوسطة والمراكز التابعة لها، وتطبق معايير صارمة في برامجها التدريبية من لحظة بدء التدريب حتى تسليم مشروع التخرج، وتقريرها السنوي للعام 2020 المنشور على موقعها الالكتروني يوضح معظم أنشطة الجمعية وبرامجها، وصورا عن المنتجات المميزة التي أتقنها المتدربون في مشروعات تخرجهم.

أبهجني كثيرا امتداد عمل الجمعية مع المتدربين حتى حصولهم على الوظيفة المناسبة، أو نجاح مشروعاتهم الصغيرة، ففيه طمأنة للمتدربين، ومضاعفة لآمالهم بالخروج من شرك العوز والفقر والبطالة، إلى أمان الكسب المشروع، كما أعجبتني فكرة سوق (سندان) لكن حسب الموقع فهو ما يزال قيد الإنشاء منذ مدة، وأملي أن تحث الجمعية خطاها وتنشئ السوق لعرض منتجات متدربي وخريجي برامج الجمعية من خلاله، ويمكن لها الإفادة من خدمات تطبيق متاجر (سلة) الالكترونية لعرض المنتجات، والترويج لها.

أملي كبير أن تتكاثر على امتداد الوطن وفي كل جهاته، أمثال هذه الجمعية المباركة التي تمد المستحقين بالخبرات والمهارات اللازمة التي تضمن لهم حياة كريمة، وكما يقال «حرفة في اليد أمان من الفقر»، ويمكن للجمعيات الخيرية التقليدية أن تكثف برامجها التمهيرية لمستفيديها حتى في دورات اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي والأعمال المكتبية والحرف بأنواعها، وتسعى إلى إغنائهم عن خدمات الجمعية، لتوفيرها للفئات التي لا تستطيع العمل، وجزاهم الله خير الجزاء.

@ahmad_helali