فهد عبدالله

الشخصية الرشيقة

الاثنين - 15 أغسطس 2022

Mon - 15 Aug 2022

من المفاهيم الحديثة والتي تلقى رواجا واسعا في العلوم الإدارية والتطبيقية ولها وقع وصدى إيجابي في المنظمات والشركات التي تتخذ مثل هذا الأسلوب، وهو الإدارة الرشيقة (Agility Management) والمفاهيم التي تحتويها وتميز شكلها عن الإدارة التقليدية الهرمية، والتي تعرف بأنها قدرة المنظمة على الأداء الإداري الذي يتميز بسرعة الاستجابة، وسرعة تعديل أسلوب العمل بصورة تتناسب مع متطلبات التغيير، المبدأ والأساس الكبير الذي قامت عليه فلسفة الرشاقة الإدارية هذه هو سرعة تبني المتغيرات لتحقيق الأهداف الكبرى والتنافسية العالمية.

ولا غرابة بأن يكون التبني لهذا الشكل الإداري في المجالات التقنية وما يتعلق بأنظمة المعلومات أكثر اتساعا من مجالات أخرى لطبيعة التغير المذهل الذي يحدث في أوقات زمنية قصيرة في هذه المجالات، عندما تعلمت شيئا من هذا الحقل التعليمي المذهل وكذلك الانخراط في بعض المشاريع ذات الشكل الرشيق أخذت التصورات لدي تكبر شيئا فشيئا عن معالم الشخصية الرشيقة التي أعتقد بمجرد وجودها في منظمة ما ستزهر المؤشرات لدى تلك المنظمة ويصبح صاحبها أكثر حظا في اتساع الأثر وصناعة الإبداع بأقل الجهود وأقصر الأوقات.

الشخصية الرشيقة تعلم يقينا بأن التغيير أمر لا محالة من وقوعه ويشمل جميع جوانب الحياة، سواء كانت محصلة التغيير مرغوبة أو تغيير أتت به الأقدار وكان غير مرغوب، لذلك تراكمت في دواخله ثلاثة جوانب نستطيع تأملا بأن نقول عنها بأنها القواعد الأساسية لبناء تلك الشخصية الرشيقة:

الجانب الأول: وهو ما يدور حول إدراك معنى التأثير والاهتمام تجاه معادلات الحياة، والمقصود به أن هناك أمورا في الحياة يمكن لك التأثير وإحداث التغيير فيها، وهناك أمور لها أهمية لديك ولكن ليس لديك أي قدرة على التغيير فيها، فتجد صاحبنا الرشيق يتعامل مع الأمور التي في دائرة التأثير ببذل الجهد قدر الاستطاعة في إحداث هذا التغيير والأثر، بينما الأمور التي تقع في دائرة الاهتمام بالتأكيد ستجد التسليم وسرعة الاستجابة للتغيير والتكيف، هذا ما يسيطر على المدركات والأفعال.

الجانب الثاني: إذا حدثت تلك المدلهمات التغييرية غير المرغوبة لربما يكون هناك شيء من الحزن أو الإحباط أو ما يجاريها من المشاعر حسب المواقف المختلفة، ويعلم يقينا بالحالة البشرية التي هو فيها بأنه يتأثر عند تلك الظروف المختلفة فيعيش أجواء تلك المشاعر الثلاثية الأبعاد في أقصر وقت ممكن ومن بعدها يقف سريعا ليرى ما هي الأدوار التكيفية الجديدة التي يجب أن يكون عليها.

الجانب الثالث: وهو بمثابة مسحة الوعي المدركة لطبيعة الحياة والأعمال بأن لا ينتظر الأحداث التي تجعل من التغيير واجبا في حقه أو بعبارة أخرى لا ينتظر أوامر التغيير حتى تحدث بل تجد إحدى عينيه على الواقع الذي منشغل فيه بصناعة الأثر والعين الأخرى تترقب فرص التغيير الإيجابية ويذهب إليها سعيا وهرولة.

تأمل في جميع المعطيات لديك الحالية أو التاريخية السابقة أيا كان اتجاهها بدون استثناء طالتها رياح التغيير وداهمتها وأحدثت فيها الاختلاف فالتغيير هو الثابت الوحيد في الحياة، فإما أن تقاوم التغيير أو تنتظره وتتكيف معه أو تذهب إليه. وأجمل تفاعلات التغيير هو ذلك التغير النابع من التأمل والإدراك والوعي، وتحين الفرصة والمسؤوليات والأدوار الجديدة قبل أن تقع.

@fahdabdullahz