عبدالحليم البراك

من آيسف إلى جزر المحيط الهادئ!

الاثنين - 23 مايو 2022

Mon - 23 May 2022

في العرس الكروي الكبير، وبرعاية المليك، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وتشريف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد حصل الرياضيون كلهم بلا استثناء على تكريم كبير واستثنائي، كما حصل المتفوقون علميا هم الآخرون على تكريم من راعي الحفل وولي العهد الذي شرف المكان وأهله، وكانت الرسالة واضحة بجلاء لا تقبل الشك، أن الهرم السعودي يدعم العلم وأهله ويحتفي فيهم، وينقل للناس هذا الإنجاز ليكون هو شرف الانتصار الحقيقي، فإن كان المحفل الرياضي –الذي نعتز فيه– لأنه منافسة بدنية رياضية قوية، فإن ثمة محفلا آخر هو محفل العلم، وكأن الرسالة الخفية مرة أخرى، لا عزاء لأبطال الفلاشات والمحتويات الفارغة والتي احتلت عقل وحديث المواطن، أما عقل القيادة وإدارتها فإنها تركز على انتصارات العلم والعقل والجسد، ولا غيرها، وأن الرهان الحقيقي على وعي المواطن لا السياج التي تحدد خياراته، فلو أن كل من ظهر بمواقع التواصل الاجتماعي احتل جزءا من الأفراد، فعلى الأفراد أن يلوموا أنفسهم، كيف تركوا مساحة للتافهين أن يسيطروا على عقولهم، أو يأخذوا جزءا من وقتهم، أو أن يكون تأثيرهم بهذه القوة وهذا الحضور، فإذا كانت القيادة تدعم العلم وتكرم أهله، فإن الوقت وقت العلم والاحتفاء به وبإنجازاته.

مرة أخرى يمكننا أن نقول، يمكن للتافهين أن يغرروا بأعداد محدودة من الناس، لكن أن يحتلوا المشهد اليومي للناس، لهو دليل على أن مستوى الوعي لدى الأفراد يجب أن يكون مكان نقاش لكافة قوى الوعي وصناعته في المجتمع، فالمنع والعقاب وتدخل الدولة تعتبر أمورا مساعدة لكن الرهان الحقيقي هو رهان الوعي لا رهان الوعد والوعيد، حيث إننا أكثر من يعلم أن المنع ليس حلا بل الوعي هو الحل، أما الأنظمة والقوانين فإنما هي أمور تنظيمية لا أكثر، تنبع تشريعاتها من حاجة الناس ووعيهم!

والسؤال الأكثر ملاءمة الآن، كيف تخلق الوعي لدى الناس، فإذا آمنا بأن الوعي هو الأساس، كيف يمكن أن نوجده حيا في يوميات الناس وفي أبجدياتهم، والذي أعتقده جازما أنه لا يتم إلا بنقاش صريح وحر وواضح مع الأطراف بدون استثناء، الأطراف هم مشاهير التواصل الاجتماعي أنفسهم، وأساتذة علم الاجتماع، وعلم النفس، والمتأثرون بهم من أولياء الأمور، بيد أن جلسات المجاملة وملء الفراغ الإعلامي لا تفيد شيئا مطلقا، إنما الأكثر تأثيرا هي المواجهة والصراحة ووضع جميع الأطراف عند مسؤولياتهم.

الرهان الحقيقي بالنسبة للأسرة –الآن– هو التربية في خلق الوعي، فلم يعد للأب والأم خيار آخر إن أرادا تربية أبنائهم تربية حسنة إلا الجلوس معهم، فإن تأثير المدرسة والشارع والبيت يتضاءل أمام تأثير التكنولوجيا، ولا يسد الفراغ إلا الجلوس مع الأبناء ومناقشتهم والأخذ معهم والعطاء من جهة، وإعطاؤهم لقاح الوعي وهو العلم، فالعلم يرفع مستوى الشخص، وقلما تجد شخصا تافها وعالما، وقلما تجد شخصا غارقا في الشهوات أو في الملهيات وهو متعلم، ففي العلم –من خلال وجهة نظري– حصانة كبيرة!

Halemalbaarrak@