خضر عطاف المعيدي

نحو جامعة مصغرة وتعليم مزدهر

الأربعاء - 20 أبريل 2022

Wed - 20 Apr 2022

الاستمرار في التعليم مسؤولية فردية بينما تقنين التعليم وتطويره مسؤولية مؤسسية. والمتأمل للتعليم في مملكتنا الحبيبة يجد بأن هناك قفزات فلكية في التعليم بشقيه الكيفي والكمي ولقد سعت الدولة ممثلة في مليكنا المفدى وولي عهده الأمين لتطوير التعليم تحقيقا للرؤية المرتقبة والتي نلمسها في كل زاوية من مجتمعنا، ولكن لا بد من إعادة النظر في هيكلة التعليم للمضي في مضمار العالمية، وأقصد بذلك التعليم العام خصوصا المرحلة الثانوية، وهي التي تعتبر الجسر الذي يوصل للجامعة، فلا بد من النظر في الخطط والبرامج المطروحة على طاولة التعليم الثانوي كي تكون المخرجات التعليمية معززة لما سيتوجه لاحقا (التعليم الجامعي).

وكي نبسط الأمر: نجد بأن هناك فجوة معرفية وبحثية بين ما يتلقاه الطالب في المرحلة الثانوية وبين ما سيتلقاه في المرحلة الجامعية، حيث فجوة المنهج وخلل البحث وضعف التفكير الناقد وهشاشة التعلم الذاتي. يمضي الطالب ثلاث سنوات في المرحلة الثانوية ونجد لغته الإنجليزية ليست بذلك القدر ونجد أنه يعتمد على أستاذه في تلقي المعلومة وحينما يتجه للجامعة يجد صعوبة في التكيف مع التعلم الذاتي ومع الاعتماد على النفس في الأبحاث، ونجد -مثلا- أن تخصصا مثل التسويق أو السياحة والفندقة أو الإحصاء تعتبر تخصصات جديدة في الجامعة متوارية في المرحلة الثانوية ويمضي الطالب أول سنتين وهو في متاهة التخصص ومآله المستقبلي.

ومن هنا ومن منطلق المصلحة التعليمية، فلوزارة التعليم دور محوري في إعادة النظر في المسار الثانوي المطور والتقليدي والمضي قدما لتطوير التعليم الثانوي وفق المسارات المصغرة والتي أسميتها «الجامعة المصغرة» والتي ستنعكس ثمرتها على الطالب لاحقا، فبدلا من وجود مسارات إدارية وعلمية وأدبية لا بد من وجود مسارات مصغرة للتخصصات الجامعية، ومن هنا لا بد أن يكون في التعليم الثانوي مسارات مكثفة في مجال التسويق ومجال السياحة والفندقة ومسار الدراسات اللغوية بشقيها الإنجليزي والعربي، وكذلك المسار العلمي بجوانبه الدقيقة والمسار الشرعي.

ومن خلال هذه المسارات يتم تغيير المناهج وتكثيف محتواها وتكون السنة الأولى سنة عامة شاملة ويبدأ الطالب في اختيار توجهه من السنة الثانية ومن ثم يبدأ رحلته التخصصية والتي ستمنحه معرفة مصغرة لما سيتخصص به مستقبلا. ومن باب تبسيط الأمر سنأخذ تخصص اللغة الإنجليزية كمسار تنتابه فجوة ما بين المرحلة الثانوية ومرحلة الجامعة؛ ففي المرحلة الثانوية وبعد أن يحدد الطالب مجاله في اللغة الإنجليزية لا بد من تكثيف برامج الاستماع والتحدث وأسس البناء اللغوي للغة والكتابة الإبداعية والتفكير الناقد ومناهج البحث اللغوي، ويؤطر المنهج وفق التعلم الذاتي، حيث يتمركز التعلم وفق

جهد الطالب ويقل دور المعلم كمورد للمعرفة، بل يكون فقط دليلا لإرشاد الطالب نحو الصواب والخطأ، وبذلك نختصر السنوات التي يمضيها الطالب حال انتقاله للجامعة فيبدأ من السنة الأولى في الغوص في أعماق اللغة الزاخرة من لغويات وترجمة وأدب وأسلوبية ليختار مساره الصحيح وفق معطياته العلمية.

بهذا الأسلوب يتقلص العبء على الجامعة وأقسامها في إعداد الطالب، بل ترتكز الجامعة على تكثيف منهجها لإخراج طالب متمكن في تخصصه مهيأ أن يكمل دراسته العليا بيسر وسهولة ومهيأ للانخراط في خدمة وطنه وفق سلاح العلم الرفيع ليس في مجال اللغة -وهو مثال فقط- بل في جميع التخصصات.