شاهر النهاري

هل يصدق اليمانيون الله فيما عاهدوا؟

الثلاثاء - 12 أبريل 2022

Tue - 12 Apr 2022

رغم رزايا سبع سنوات من الحرب الدائرة في اليمن وبما فيها من خلافات فرعية، وتجمعات وتحزبات وشتات وخيانات وتدخلات عالمية وإقليمية، تمكن مجلس التعاون الخليجي مع بدايات شهر رمضان المبارك من تجميع الجماعات السياسية والمفكرين اليمنيين نزيههم، ومتورطهم، لنقاش يمني - يمني وذلك لوضع تصورا مثاليا للصلح والسلام، وجمع الكلمة بينهم، بعد أن عاشوا الشتات على مدى عقود من الزمن في هذا القطر المنكوب، الذي عايش القسوة والجهل والجوع والأمراض، وشظف العيش، وحكم القبائل، والعصيان على الحكومات، وأيدولوجيات الشتات، التي كانت تذبح اليمن من الوريد إلى الوريد. مع كل تحول مشهود منذ خروجها من نظام الملكية، وتشتيتها سياسيا بأحلام ديمقراطية منقوصة هشة، كانت تبرز في خناقات اجتماعات مجلس الشعب الصاخب بكل ما فيه من خلافات وتطاولات، أخرت اللحمة والتنمية في هذا البلد عشرات السنين، بالوحدة والانفصال، وعدم التوافق، ودخول الإرهاب إلى مفاصل البلد.

الحوثي لم يحضر الاجتماع في مدينة الرياض، ولكنه وبعد عملية إرهاب عظيمة اقترفها في مصفاة جدة، ومحطة كهرباء سامطة، ونقطة تحلية المياه بالشقيق، أعلن عن هدنة أحادية من جانبه، وظل يراقب الاجتماع والنتائج عن بعد، وربما لأنه لا بد أن يتشاور مع حليفه الفارسي، المصر على استمرار صنعاء عاصمة رابعة لسلطانه، بناء على طموحات تصدير الثورة الخمينية، إلى معظم عواصم الدول العربية، وبأيدي أبناء العرب المغيبة عقولهم.

قرارات عظيمة مفصلية رشحت عن الاجتماع بحضور البرلمان العربي، ومباركة هيئة الأمم المتحدة، وأمريكا وبريطانيا وعدد من الدول العالمية والعربية.

وقد أصدر الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي، إعلانا بإنشاء مجلس القيادة الرئاسي لاستكمال وتنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وتفويضه بكامل صلاحيات رئيس الجمهورية، وفقا للدستور والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

كما تم توقيع معاهدة بين جميع أطراف الحوار اليمني الحاضرين، وتعاهدهم على الصدق والإخلاص والاستمرارية في تنفيذ الحلول.

وتباعا فإن الجهود الحالية ترتكز على استكمال نتائج المبادرة، وعودة جميع المتعاهدين إلى أرض اليمن، وتمديد هدنة وقف النار، وبالتالي بدء التفاوض مع شريكهم الحوثي، للتوصل معه إلى حل سلمي يرضي جميع الأطراف، ويعيد السلام، ويجمع الكلمة على حكومة يمانية منتخبة، بعيدة عن التدخلات الخارجية، مع استمرار دعم دول الخليج العربي للتنمية، وإعادة البناء للوطن اليمني.

عمل جبار قدمت فيه السعودية أقصى ما يمكنها من دعم وحيادية، لجمع الأطياف المشتتة، ولعل هذا أن يكون الحل الناجع، إذا ما صدق المتعاهدون فيه بحفظ عهودهم، والإخلاص لثرى وطنهم، والمصداقية فيما يفعلون، ودون البحث عن أهون سبب للعودة للخلافات المزمنة، والتي قد تهدم تفاؤلهم الحالي، وتعيد الحرب والفوضى.

عندما تجتمع جميع الأطياف اليمنية المتعاهدة، وتتوحد في مساعيها، للبناء فقط، وكون الحوثي يراهم يدا واحدة، فلا بد له من أن يفهم أن القوة في الاتحاد، وأن الشتات والتبعية الخارجية لم يعد ممكنا، وأنه لن يجد الفرصة للتفرد بالقرار السياسي في اليمن، وأنه لا يحق له تسليم الوطن للفارسي، وأنه لو أصر على ذلك، فستكون جميع شرائح الوطن أضدادا له، ومناهضين، ومقاتلين، عن حرية يمنهم، وسلامة شعبهم، وعودة المهاجرين، واستكمال التنمية.

الحوثي منفردا لن يصمد، بشرط أن يستمر العهد بين المتعاهدين، ودون نكث أو تراخ أو خيانة.

shaheralnahari@