عادل الحميدان

بين غاغرين وبوتين

الثلاثاء - 12 أبريل 2022

Tue - 12 Apr 2022

تحل اليوم 12 أبريل الذكرى الـ61 لصعود أول إنسان إلى الفضاء، ففي مثل هذا اليوم من عام 1961حقق السوفيتي يوري غاغرين حلما راود البشرية لقرون طويلة، وذلك بصعوده إلى الفضاء الخارجي على متن المركبة الفضائية فوستوك 1.

السوفييت بقيادة خروتشوف وبعيدا عن القيمة العلمية للرحلة سعوا إلى الاستفادة من هذا الفتح في حربهم الباردة ضد الولايات المتحدة الأمريكية، والتي عززوها بعد بعامين بتسجيل مواطنتهم فالانتينا تيريشكوفا كأول امرأة تصعد إلى الفضاء.

وهو ما اعتبر ضربة موجعة للخصم الأمريكي لم يفق من تأثيرها إلا بعد أن شاهد العالم خطوات ابن بلاد العم سام نيل آرمسترونغ على سطح القمر.

بعد ستة عقود من صراع التفوق الذي وصل إلى الفضاء بعد أن ضاقت الأرض بالقطبين، من الصعب الجزم بأن ما يحدث حاليا بين روسيا الوريث الشرعي للاتحاد السوفييتي من جانب وأمريكا من جانب آخر بعيدا عن الصراع الإيديولوجي القديم.

ورغم أن أمريكا وجدت نفسها وحيدة في حلبة الصراع بعد تحطم تماثيل لينين في عواصم الاتحاد السابق، إلا أن عين الريبة تجاه الروس وأي مشروع يحملونه كانت أولوية في السياسة الأمريكية.

من جانبهم، لم يكن الروس أكثر براءة من نظرائهم بقدر ما كانوا أكثر قدرة على التحمل في سبيل انتظار اللحظة المناسبة لإظهار قوتهم ومدى قدرتهم على بعثرة الأوراق في العالم أجمع، وهذا ما حدث بالفعل.

بوتين لم يهتم بجاهزية جيشه أو إلى أي مدى يمكنه المضي قدما على الصعيد الميداني، بقدر ما كان معنيا بمؤشرات شعبية الرئيس الأمريكي، واهتمامات بريطانيا في مرحلة ما بعد البريكست، وتعقيدات الوضع في القارة العجوز اقتصاديا وسياسيا حيث لم يبق من اللاعبين المؤثرين سوى فرنسا وألمانيا.

بوتين اختار المواجهة في وقت رأى فيه امتعاضا عالميا من فكرة الهيمنة الأمريكية كبديل عن قطبية متعددة بعد تجربة لا يمكن وصفها بالجيدة، فأمريكا في الألفية الثالثة لم تعد أمريكا التي عرفها العالم في القرن الماضي بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

في المواجهة الحالية ومع تصاعد اللهجة تارة وخفوتها تارة أخرى، يؤمن العالم أن فلاديمير بوتين ليس جورج بوش الابن، كما أن ماكرون ليس بصلابة ميتران، وجونسون ليس بدهاء تاتشر، وبايدن ليس بقوة جورج بوش الأب.

@Unitedadel