غزل اليزيدي

المتقاعدون وكبار السن... احتياجاتهم بين الواقع والمأمول

الخميس - 07 أبريل 2022

Thu - 07 Apr 2022

طبقاً لأحدث إحصائية عن التعداد السكاني في المملكة العربية السعودية، والصادرة في منتصف عام 2020، عن الهيئة العامة للإحصاء، فإن عدد السكان يبلغ 35.013.414 نسمة، عدد من تجاوز الستين عاما منهم أو بدأ مرحلة التقاعد هو 1.919.322، بنسبة تتجاوز 5.4% من إجمالي عدد السكان.

يتم تعريف كبار السن بأنهم كل من تجاوز الستين عاما من كلا الجنسين. بينما يُعرف المتقاعدون والمتقاعدات بأنهم كل من انتهت فترة خدمتهم العملية وبدؤوا مرحلة التقاعد، طبقا لأحدث إحصائيات الهيئة العامة للإحصاء لعام 2022 فإن إجمالي عدد المتقاعدين في السعودية هو 730.431.000، وهذا العدد يستدعي الاستعداد الأمثل للقيام على احتياجاته. يعتبر كل من ينتمي لأحد هاتين الفئتين مرشح قوي للاستفادة من القرارات والأنظمة التي تعمل لمصلحتهم، لما للمرحلة التي سيبدؤونها من أهمية، وبحاجة لتعاون بين المؤسسات الحكومية والخاصة.

الخطط المقترحة للفئتين تشمل خطط يمكن تنفيذها على المدى القصير وأخرى على المدى الطويل. بعضا من الخطط قصيرة المدى تشمل، أن تقوم هيئة الترفيه بعمل خصم محدد لأسعار التذاكر والخدمات الأخرى للهيئة لكل من أتم الستين عام أو بدء مرحلة التقاعد، الغرض هو المساهمة في زيادة أواصر الترابط بين كبار السن والمتقاعدين مع ذويهم بتخصيص المزيد من الوقت المشترك بينهم، وتحقيق استفادة أكبر من الوقت الطويل غير المستثمر لديهم، أيضا تخصيص مقاعد لهم في الفعاليات توفر سهولة الوصول لها والمشاهدة الواضحة مراعاة لقدرتهم الجسدية والبصرية.

من جهة أخرى، فالنوادي الرياضية لها دور في المساهمة في تحسين حياتهم، فالمحافظة على الوضع الصحي المطلوب، والناتج عن الرياضة، له دور كبير في تعزيز الطاقة الإيجابية لهم مما له أفضل الأثر عليهم نفسيا، وذلك بتخصيص صفوف رياضية لمن تجاوز الستين عام، هذه الصفوف ستساعدهم جسديا وتنمي الروح الإيجابية لهم نتيجة لوجود ما يملأ جدول يومهم وليس اعتباره مجرد يوم فارغ بلا أي خطط. بالإضافة، لتخصيص بطاقة خاصة بهم تشمل العديد من المميزات لهم في القطاعات المختلفة.

أيضا، فبإمكان هيئة الثقافة تنظيم مسابقات ذات مستويات متعددة، مخصصة في مجالات القراءة والكتابة والشعر والإلقاء ومناقشة محتوى كتاب لكلا الفئتين حسب مستواهم، حيث تعتبر القراءة أحد المجالات الآمنة لنسبة كبيرة منهم كونهم معتادون عليها وبعدها عن التكنولوجيا التي لا يفضلها كثير منهم. هذه المسابقات قد تمتد من النطاق المحلي لتشمل كبار السن والمتقاعدين في دول الخليج والنطاق العربي لتزيد من مستوى التنافسية بين الفئات محل الاهتمام، وتستثمر أوقاتهم فيما يضيف لهم ويسعدهم.

بالإضافة لهذا، فإن تنمية ما يعتبر موهبة أو شغف لهو أمر بالغ الأهمية لهم، على سبيل المثال فإن إنشاء صفوف لتعليم وتنمية مهارات الطبخ أو الأشغال الحرفية اليدوية أو الرسم وغيره سيساعدهم على ممارسة هوايتهم وتنميتها. من جهة أخرى، فإن استغلال تنمية هذه المواهب بطريقة تجارية تسعد ممارسيها، هذه الأشغال الحرفية اليدوية التي يتم تصنيعها بجودة معينة بالإمكان أن يقوم مجلس الأسرة التابع لوزارة الموارد البشرية بعرضها في موقع الكتروني مخصص لعرض منتجات كبار السن والمتقاعدين وتسويقها محليا ودوليا، وعرضها في الملحقيات السعودية والمؤتمرات والمعارض العالمية التي تشارك فيها المملكة.

إن إنشاء صفوف لتعليم مبادئ الحاسب الآلي لمواكبة تقنيات العصر، ومحو الأمية أو تنمية مهارات القراءة والكتابة لمن بحاجتها، لهو هدف غاية في الأهمية ويعود بالنفع للمجتمع بصفة عامة وليس فقط للفرد. أيضا، فإن عمل صفوف لزيادة التوعية الغذائية الصحية، أو الإسعافات الأولية تحسبا لأي وضع صحي قد يواجهه الشخص أو من يرافقه سيعود بالنفع الكبير عليهم. كحل مبدئي يمكن تخصيص قاعات الصلاة والاجتماعات في المساجد، والصفوف الدراسية في المدارس كمكان لتجمع كبار السن والمتقاعدين لتلقي محاضراتهم حتى يتم تخصيص قاعات أو مركز لهم، كما بالإمكان تخصيص حافلات نقل نظرا لما قد يواجه البعض منهم من صعوبة في القيادة أو بحاجة للمرافقة المستمرة، هذه الحافلات قد تقدم هدية من الشركات أو الأفراد كجزء من المسؤولية المجتمعية، أو بالإمكان أن تسهم خارج أوقات احتياجها في نقل كبار السن.

أيضا، زيارة المدارس وإلقاء محاضرات للطلبة عن خبراتهم في الحياة، العادات القديمة والمندثرة، المجالات العلمية والوظيفية ومميزات كل مجال. بالإضافة لهذا، ونظرا للحالة النفسية السلبية التي قد يشعر بها نسبة كبيرة من المتقاعدين وكبار السن نتيجة لبدء مرحلة جديدة غير واضحة المعالم في وقت حرج من حياتهم، فإن توفير هاتف طوارئ لهم طوال اليوم للاستشارات النفسية من متخصص في الأمراض النفسية لكبار السن سيكون ذا نفع كبير عليهم.

من جهة أخرى، وزارة الموارد البشرية من الجهات التي لها قدرة على تنفيذ مشاريع كثيرة ومهمة ذات عائد إيجابي على هاتين الفئتين، فعلى سبيل المثال، الكثير من المتقاعدين يمتازون بخبرات علمية وعملية طويلة، هذه الخبرات بالإمكان الاستفادة منها في تلقي اقتراحات وأفكار لتطوير المشاريع الحالية في القطاعات العامة والخاصة؛ لذا فإن تهيئة الوزارات لموقعها الالكتروني لتلقي اقتراحاتهم حيال أي مشروع، وإيصال صوتهم لأصحاب القرار، سيحقق فائدة كبيرة من أصحاب الخبرات. أيضا، بالإمكان تخصيص العديد من الشواغر التطوعية لهم على مدار العام والمعلن عنها من المؤسسات والهيئات.

ختاما، إن تصميم وتنفيذ برنامج تأهيلي لمرحلة ما بعد التقاعد للمقبلين عليها، من قبل وزارة الموارد البشرية بالاشتراك مع باقي الهيئات والمؤسسات، لهو أمر ذو عائد إيجابي كبير على المتقاعدين، فعلى سبيل المثال، بالإمكان تدريبهم للحصول على رخصة التدريب من المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني لصقل مهاراتهم التدريبة مع خبراتهم العلمية والعملية مما سيؤهلهم ليكونوا مدربين على مستوى عال من الكفاءة لممارسة التدريب، أو يصبحوا كتّابا في مجال إبداعهم، لمرحلة ما بعد التقاعد.

@G_Alyazidi