الترقيع الفكري وغياب الاستراتيجية

الأربعاء - 10 أغسطس 2016

Wed - 10 Aug 2016

من ير المجتمع السعودي اليوم وما يحدث فيه من تجاذبات فكرية واجتماعية ورياضية ومهنية لا يصدق أنه ذات المجتمع المتسامح المتعايش الذي كان موجودا على هذه الأرض خلال فترة السبعينات من القرن المنصرم.



نجحت ما يسمى بالصحوة لأنها استخدمت استراتيجية فكرية رائعة وهي توحيد الخطاب والنهج واللسان، مستخدمة المدرس والمنبر والراديو والتلفزيون والمخيمات الصيفية والمناسبات العامة والخاصة، فتشكلت عند الناس قناعة تامة أن هذا هو الحق المطلق وأن أي حديث غير هذا ليس إلا محض افتراء، ويجب مقاومته بكل الوسائل حتى لو أدى هذا إلى تكفيره وقتله، لأنه سيفسد دنيانا وآخرتنا.



الآن وبعد انكشاف الحقائق لدى المجتمع وبفعل أدوات التواصل الاجتماعي ومن خلال الاستماع إلى أصوات وأفكار أخرى بدا ما يسمى بالترقيع الفكري، وهو خفض الصوت الذي كان يجلجل سابقا واختفاء أسماء في سماء الدعوة وشؤون المجتمع وظهور أسماء جديدة غير مرحب بها في مجتمع مؤدلج بدرجة امتياز، وأيضا ظهور برامج ومسلسلات توعوية خجولة مبنية على اجتهادات فردية تحاول إصلاح ما أفسده الدهر.



ليس هذا هو الحل ولن نصل إلى النتيجة المثالية التي وصلنا إليها في تشكيل مجتمع السبعينات وبداية الثمانينات.



الحل يبدأ بعمل استراتيجية فكرية وطنية ترتكز على الدين السمح وهدي النبوة الحقيقي وليس الانتقائي، وتكون المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية حاضنة لهذه الاستراتيجية من خلال اختيار المدرس والمناهج الوطنية والنشاطات اللامنهجية، كما يجب على وزارة الشؤون الإسلامية أن تضطلع بدورها في اختيار من يقفون على المنابر، وأن تتأكد من أن تكون خطبة الجمعة مبنية على التآخي والتراحم والتعايش وحب الوطن ونبذ الطائفية والتشرذم، وأيضا وزارة الإعلام التي ننتظر منها المشاركة الجادة والمواكبة لما نحن بصدده وتوفير الدعم المالي والتقني، وفي ذات السياق لا أنكر أهمية الحزم مع كل من تسول له نفسه الخروج عن النسق العام، كائنا من كان، وتجريم هذا الفعل لأنه فعلا يفت في كيان هذا البلد ووحدته.



الموضوع يحتاج إلى عمل مركز مبني على برامج وخطط واستراتيجية فكرية وطنية للخروج من هذا المأزق الفكري الذي شوه صورة البلاد والعباد في العالم، ويجب التعامل مع هذا التشوه الفكري الحاصل كأولوية قصوى، لأن ضرره يمس الفرد والمجتمع والدين وأمننا الوطني.. والله من وراء القصد.