حيث انتهى روزفلت.. بدأ تيد كروز!!
السبت - 12 فبراير 2022
Sat - 12 Feb 2022
ما إن علم بأن إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما تجري مفاوضات مع إيران للتوصل لاتفاق حول برنامجها النووي، حتى عزم على التصرف منفردا إزاء ما يراه اختراقا خطيرا، فقام بخطوات استباقية جريئة.
وشخصيا، لا أعرف ما دار خلف الكواليس، لكنني لا أستبعد أن يكون قد اطلع من أسلافه الإسبان على بعض من الموروث العربي الأندلسي فأخذ عنهم سيناريو ما قام به لاحقا، حيث نفض سذاجة البيروقراطية عن (التوكسيدو) وشمر عن ساعديه وشد حزامه الفاخر، ثم صاح: (اليوم خمر وغدا أمر.
يالثارات روزفلت!!)، سيقضي هؤلاء على القيم الأمريكية، ثم همس لحزبه: (سأكفيكم الديموقراطيين، فإن هلكت فلا تبيعوا دمي وتصالحوا الفرس) ثم خرج فطرد بواب الكونجرس، وغير (الكيلون)، وتقلد المفتاح في عنقه، واشترى (خيزرانة) وكرسي ثم (طلق ثلاثا) أن لا يقرب الكونجرس رجل في يده صلح إيران إلا أقام عليه الحد. ثم جلس على شرفة الكونجرس يتأمل موظفي البيت الأبيض في طريقهم للعمل ذهابا وعودة، أول النهار وآخره، بينما ظلت أبصارهم شاخصة إلى عصاه تسير حيث سارت، لا يجرؤون على النظر مباشرة في عينيه.
فإما أن يكون لدى تيد كروز أدلة تطعن في شرف الديموقراطيين وأمانتهم فهو يبتزهم بها، وإلا فإن السيناريو السابق في نظري أكثر منطقية من مجرد إجراءات إدارية.
خاصة وأن هذا السيناتور التكساسي المحافظ خليق بأمور أعظم من هذه.
أضف إلى ذلك أن نتائج السيناريو الأول كانت درامية كما شاهدها العالم لاحقا، وذلك حيث ظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على شاشات التلفزيون في بث مباشر مذكّرا العالم أجمع أن أمريكا ملزمة بالمعاهدات الدولية فقط، وأن الاتفاقيات لا تساوي شيئا دون مصادقة الكونجرس عليه لترتقي كمعاهدة. ثم قام بتمزيق الاتفاق النووي وأعاد فرض العقوبات على إيران وزاد عليها ضِعفها.
وفي مشهد استحق شفقة العالم أجمع، تجسدت جميع معاني الانتكاسة حين أصيب كسرى بحالة من إنكار الواقع، ورفض الاستيقاظ من الحلم الساساني المجوسي الجميل، إلى الحقيقة العربية الإسلامية التي يكره، وأدرك أن الشيطان الأكبر كان محقا، أما شياطينه الأوروبيون الصغار فكانوا يُظهرون أو يتظاهرون بالجهل والدهشة، أما سماحة السيد أبو حسين أوباما فلم يعثروا له على أثر بعد ذلك اليوم.
ما حصل مع ترمب وقبله كروز يعزز فرضية الرواية الأولى بأن أوباما وقومه كانوا يستجدون (الستر) من كروز وأن لا يفضح سياسة (استرضاء الإيرانيين) ويتركهم -أي الإيرانيين- يستمتعون بـ(النصر الإلهي)، في مقابل أن لا يأتي الديمقراطيون على أي ذكر لمصادقة الكونغرس. وطوال فترة ترمب تمكن الرئيس والتاجر الناجح من إعادة التوازن والهيبة إلى أمريكا، وساد حكم الدولة العميقة ذات الثوابت المشتركة تجاه حلفائها وشركائها المنتشرين حول العالم، وترسخت القيم الاجتماعية الأمريكية.
لكن عهد ترمب انتهى بشكل مفاجئ وبخسارة أمام أضعف خصم يخشى منه. فبعد نكبتهم الأولى، لم يجد الديمقراطيون بين صفوفهم أفضل من هذا الأشيمط الذي تجاوز عمره السبعين عاما قضاها كإداري من الدرجة الثانية، مؤهله الوحيد أنه كان نائبا لأوباما. ولأن المثل الإيطالي يقول: (لا خير في الوجبات المعاد تسخينها) فقد أدرك الديمقراطيون متأخرا أن تسخين بايدن ارتد عليهم وبالا فبدلا من أن يخمد الكوارث أصبح سببا مباشرا فيها، إلى درجة أن شبهه أحدهم بذلك الإطفائي الأحمق الذي علقت النار في معطفه حتى صار المصابون لا يطمعون منه بمساعدة.
تشتكي نائبة بايدن كاميلا هاريس من تهميشه لها وتسري الأقاويل حول سلامة الرجل العقلية فقراراته المتخبطة وتركيزه المشتت وعدم الوضوح في الواجبات المطلوبة وانعدام الثقة داخل المنظومة الإدارية والقفز بين المهام دون إتمام شيء منها، كلها سمات تجعل من هذه الإدارة الأسوأ منذ فترة الرئيس الأمريكي جون كارتر مطلع الثمانينيات. إلا أن تيد كروز علق بأن هذا ظلم لكارتر فمن جهة الغزو السوفييتي لأفغانستان كان هناك سفير للولايات المتحدة في روسيا كان له دور في ضبط الروس وتم سحبه بعد التصعيد، أما اليوم فإدارة أوباما لم تسم أحدا بعد استقالة سفيرنا هناك.
ولايزال بايدن يمارس مع بوتين (سياسة الاسترضاء) التي مارستها فرنسا وبريطانيا مع هتلر قبل الحرب العالمية الثانية، ثم يعود ليجدد مع إيران سياسة كلينتون الساذجة مع كوريا الشمالية عام 1994، فما كان يراه الديموقراطيون اتفاقا كان الكوريون يرونه شيكا ضخما لتمويل برنامجهم النووي حتى أتموه بسرية ثم فاجأوا العالم بالإعلان عن تفجير قنبلتهم عام 2006.
المتتبع لمواقف تيد كروز لا يجد أي علامات استفهام أو غموض أو دفاع غير مبرر عن قضايا أو شخصيات معينة. ينظر للرجل كبطل قومي في تكساس، حيث فاز مع رفيقه ببطولة أمريكا الشمالية في المناظرة، ثم حصل على الدكتوراه بتقدير ممتاز في القانون من هارفارد 1995، ثم فاز بمقعد في مجلس الشيوخ عن ولاية تكساس منذ 2013 في عمر 43 عاما ويبدو أنه يسير بذكاء وثبات نحو التقاعد المبكر، وذلك حين يكمل ولايته الثانية كرئيس للولايات المتحدة، إذ يبدو أن لا أحد قادر على الوقوف بين جاذبية الرجل وعشق الأمريكيين له.
بعد أيام قليلة تحل الذكرى السابعة والسبعون للقاء التاريخي بين الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت على متن الطراد كوينسي في 14 فبراير 1945. وعلى الرغم من بساطته وظروفه السريعة إلا أن أجواء الكيمياء كانت حاضرة ونتائجها كانت متوقعة وأسفرت عن تفاهمات واتفاقات عدة، على النقيض تماما من الأجواء السوفيتية اللصوصية والمسرحيات الستالينية الفاشلة، إلا أن المفاجأة تكمن في أن المحاولات السوفياتية قد سبقت هذا اللقاء بعشرين عاما حيث كان الاتحاد السوفياتي الدولة الأولى التي اعترفت بحكومة المملكة، أعقبت ذلك سلسلة من التخبطات الستالينية، حيث حاول زعيم الإلحاد العالمي التودد للمملكة باختيار مبعوثيه الدبلوماسيين من المسلمين، ثم قتل أولئك المبعوثين بتهمة التجسس، ثم الندم لاحقا بعد اكتشاف النفط وأرسل آخرين ثم يأس وقطع العلاقة نهائيا -سبحان الله الحرام ما يدوم-.
وبالعودة إلى اجتماع الملك عبدالعزيز وروزفلت فقد كان الأول من نوعه بين البلدين وسرعان ما شكل نواة لأكثر من سبعة عقود من العلاقات الصلبة والمصيرية الحافلة بمختلف الشراكات والتحالفات على كافة الأصعدة، حتى طورت هذه العلاقات لنفسها مناعة ضد أسوأ الظروف والإدارات، وبنت دولا عميقة تسير جنبا إلى جنب بتناغم وانسجام وثقة متبادلة.
هذه العلاقة هي بالضبط ما يعبر عنه تيد كروز تماما فهو لا يتصنع ذلك بل ينعكس تلقائيا على أفعاله وتصريحاته؛ فالرجل يتبع خط السياسيين المحافظين، متزن، واضح، واقعي في آرائه ويخاطب العقول مباشرة فلا يستعمل التهويل والعواطف ولا يعد بما لا يقدر، كثيرا ما يؤكد على القيم الاجتماعية الأمريكية والتزاماتها القومية تجاه حلفائها ومصالحها. ولذلك وجد نفسه وسط عالم متعدد الخنادق ومليء بالمجانين، ووجد التوافق التام في الآراء ووجهات النظر مع من تبقى من القادة العقلاء والحلفاء في الدول التي تربطها بالولايات المتحدة علاقات تاريخية.
يدافع الرجل بضراوة عن شركاء أمريكا العرب، ويدعم كل صفقات التسليح للمملكة والإمارات ومصر مهما بلغت ضخامتها ويقف أمام أي دعوات للتصويت ضدها، لا يرى أي أمل في إصلاح النظام الإيراني ويلوح بالدستور في وجه دعاة الاتفاق النووي الإيراني، يسعى دائما لإقناع الرؤساء والإدارات الأمريكية بمساعدة التحالف العربي ضد كافة الميليشيات الإيرانية عسكريا ولوجستيا، يتدخل في أصغر المساعدات المقدمة إلى لبنان، حتى لا نساعد على إثراء أصدقاء إيران، على حد قوله، لا يكل ولا يمل من تقديم المشاريع الداعية إلى تصنيف الإخوان المسلمين وجماعة الحوثي منظمات إرهابية.
لم يعد بإمكان تيد كروز التنبؤ بالكارثة القادمة لبايدن في سبيل إنقاذ شعبيته. لقد استعمل بايدن كل شيء متاح في العالم لإذلال أمريكا.
هل بقي شيء بعد الاستخفاف الحوثي بقرار إدراجهم كإرهابيين، الهروب المذل من أفغانستان، الفشل أمام الانهيار الاقتصادي، الفشل أمام كورونا، سحب الباتريوت في زمن الحرب، التغاضي عن تهريب إيران الأسلحة والنفط استجداء للاتفاق النووي.
وفي المقابل ينتظره خصوم أقوياء متوحدون في الصين وروسيا. هذه المرة يبدو أن تيد كروز سيذهب أبعد من الوقوف على الشرفة!! من يدري؟! فرجل بهذه المواصفات عليك أن تأخذ كلامه على محمل الجد.. خاصة وأنه صرح مؤخرا أن ولاية تكساس يجب أن تنفصل عن الولايات المتحدة إذا قام الديمقراطيون بتدمير البلاد!!
وشخصيا، لا أعرف ما دار خلف الكواليس، لكنني لا أستبعد أن يكون قد اطلع من أسلافه الإسبان على بعض من الموروث العربي الأندلسي فأخذ عنهم سيناريو ما قام به لاحقا، حيث نفض سذاجة البيروقراطية عن (التوكسيدو) وشمر عن ساعديه وشد حزامه الفاخر، ثم صاح: (اليوم خمر وغدا أمر.
يالثارات روزفلت!!)، سيقضي هؤلاء على القيم الأمريكية، ثم همس لحزبه: (سأكفيكم الديموقراطيين، فإن هلكت فلا تبيعوا دمي وتصالحوا الفرس) ثم خرج فطرد بواب الكونجرس، وغير (الكيلون)، وتقلد المفتاح في عنقه، واشترى (خيزرانة) وكرسي ثم (طلق ثلاثا) أن لا يقرب الكونجرس رجل في يده صلح إيران إلا أقام عليه الحد. ثم جلس على شرفة الكونجرس يتأمل موظفي البيت الأبيض في طريقهم للعمل ذهابا وعودة، أول النهار وآخره، بينما ظلت أبصارهم شاخصة إلى عصاه تسير حيث سارت، لا يجرؤون على النظر مباشرة في عينيه.
فإما أن يكون لدى تيد كروز أدلة تطعن في شرف الديموقراطيين وأمانتهم فهو يبتزهم بها، وإلا فإن السيناريو السابق في نظري أكثر منطقية من مجرد إجراءات إدارية.
خاصة وأن هذا السيناتور التكساسي المحافظ خليق بأمور أعظم من هذه.
أضف إلى ذلك أن نتائج السيناريو الأول كانت درامية كما شاهدها العالم لاحقا، وذلك حيث ظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على شاشات التلفزيون في بث مباشر مذكّرا العالم أجمع أن أمريكا ملزمة بالمعاهدات الدولية فقط، وأن الاتفاقيات لا تساوي شيئا دون مصادقة الكونجرس عليه لترتقي كمعاهدة. ثم قام بتمزيق الاتفاق النووي وأعاد فرض العقوبات على إيران وزاد عليها ضِعفها.
وفي مشهد استحق شفقة العالم أجمع، تجسدت جميع معاني الانتكاسة حين أصيب كسرى بحالة من إنكار الواقع، ورفض الاستيقاظ من الحلم الساساني المجوسي الجميل، إلى الحقيقة العربية الإسلامية التي يكره، وأدرك أن الشيطان الأكبر كان محقا، أما شياطينه الأوروبيون الصغار فكانوا يُظهرون أو يتظاهرون بالجهل والدهشة، أما سماحة السيد أبو حسين أوباما فلم يعثروا له على أثر بعد ذلك اليوم.
ما حصل مع ترمب وقبله كروز يعزز فرضية الرواية الأولى بأن أوباما وقومه كانوا يستجدون (الستر) من كروز وأن لا يفضح سياسة (استرضاء الإيرانيين) ويتركهم -أي الإيرانيين- يستمتعون بـ(النصر الإلهي)، في مقابل أن لا يأتي الديمقراطيون على أي ذكر لمصادقة الكونغرس. وطوال فترة ترمب تمكن الرئيس والتاجر الناجح من إعادة التوازن والهيبة إلى أمريكا، وساد حكم الدولة العميقة ذات الثوابت المشتركة تجاه حلفائها وشركائها المنتشرين حول العالم، وترسخت القيم الاجتماعية الأمريكية.
لكن عهد ترمب انتهى بشكل مفاجئ وبخسارة أمام أضعف خصم يخشى منه. فبعد نكبتهم الأولى، لم يجد الديمقراطيون بين صفوفهم أفضل من هذا الأشيمط الذي تجاوز عمره السبعين عاما قضاها كإداري من الدرجة الثانية، مؤهله الوحيد أنه كان نائبا لأوباما. ولأن المثل الإيطالي يقول: (لا خير في الوجبات المعاد تسخينها) فقد أدرك الديمقراطيون متأخرا أن تسخين بايدن ارتد عليهم وبالا فبدلا من أن يخمد الكوارث أصبح سببا مباشرا فيها، إلى درجة أن شبهه أحدهم بذلك الإطفائي الأحمق الذي علقت النار في معطفه حتى صار المصابون لا يطمعون منه بمساعدة.
تشتكي نائبة بايدن كاميلا هاريس من تهميشه لها وتسري الأقاويل حول سلامة الرجل العقلية فقراراته المتخبطة وتركيزه المشتت وعدم الوضوح في الواجبات المطلوبة وانعدام الثقة داخل المنظومة الإدارية والقفز بين المهام دون إتمام شيء منها، كلها سمات تجعل من هذه الإدارة الأسوأ منذ فترة الرئيس الأمريكي جون كارتر مطلع الثمانينيات. إلا أن تيد كروز علق بأن هذا ظلم لكارتر فمن جهة الغزو السوفييتي لأفغانستان كان هناك سفير للولايات المتحدة في روسيا كان له دور في ضبط الروس وتم سحبه بعد التصعيد، أما اليوم فإدارة أوباما لم تسم أحدا بعد استقالة سفيرنا هناك.
ولايزال بايدن يمارس مع بوتين (سياسة الاسترضاء) التي مارستها فرنسا وبريطانيا مع هتلر قبل الحرب العالمية الثانية، ثم يعود ليجدد مع إيران سياسة كلينتون الساذجة مع كوريا الشمالية عام 1994، فما كان يراه الديموقراطيون اتفاقا كان الكوريون يرونه شيكا ضخما لتمويل برنامجهم النووي حتى أتموه بسرية ثم فاجأوا العالم بالإعلان عن تفجير قنبلتهم عام 2006.
المتتبع لمواقف تيد كروز لا يجد أي علامات استفهام أو غموض أو دفاع غير مبرر عن قضايا أو شخصيات معينة. ينظر للرجل كبطل قومي في تكساس، حيث فاز مع رفيقه ببطولة أمريكا الشمالية في المناظرة، ثم حصل على الدكتوراه بتقدير ممتاز في القانون من هارفارد 1995، ثم فاز بمقعد في مجلس الشيوخ عن ولاية تكساس منذ 2013 في عمر 43 عاما ويبدو أنه يسير بذكاء وثبات نحو التقاعد المبكر، وذلك حين يكمل ولايته الثانية كرئيس للولايات المتحدة، إذ يبدو أن لا أحد قادر على الوقوف بين جاذبية الرجل وعشق الأمريكيين له.
بعد أيام قليلة تحل الذكرى السابعة والسبعون للقاء التاريخي بين الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت على متن الطراد كوينسي في 14 فبراير 1945. وعلى الرغم من بساطته وظروفه السريعة إلا أن أجواء الكيمياء كانت حاضرة ونتائجها كانت متوقعة وأسفرت عن تفاهمات واتفاقات عدة، على النقيض تماما من الأجواء السوفيتية اللصوصية والمسرحيات الستالينية الفاشلة، إلا أن المفاجأة تكمن في أن المحاولات السوفياتية قد سبقت هذا اللقاء بعشرين عاما حيث كان الاتحاد السوفياتي الدولة الأولى التي اعترفت بحكومة المملكة، أعقبت ذلك سلسلة من التخبطات الستالينية، حيث حاول زعيم الإلحاد العالمي التودد للمملكة باختيار مبعوثيه الدبلوماسيين من المسلمين، ثم قتل أولئك المبعوثين بتهمة التجسس، ثم الندم لاحقا بعد اكتشاف النفط وأرسل آخرين ثم يأس وقطع العلاقة نهائيا -سبحان الله الحرام ما يدوم-.
وبالعودة إلى اجتماع الملك عبدالعزيز وروزفلت فقد كان الأول من نوعه بين البلدين وسرعان ما شكل نواة لأكثر من سبعة عقود من العلاقات الصلبة والمصيرية الحافلة بمختلف الشراكات والتحالفات على كافة الأصعدة، حتى طورت هذه العلاقات لنفسها مناعة ضد أسوأ الظروف والإدارات، وبنت دولا عميقة تسير جنبا إلى جنب بتناغم وانسجام وثقة متبادلة.
هذه العلاقة هي بالضبط ما يعبر عنه تيد كروز تماما فهو لا يتصنع ذلك بل ينعكس تلقائيا على أفعاله وتصريحاته؛ فالرجل يتبع خط السياسيين المحافظين، متزن، واضح، واقعي في آرائه ويخاطب العقول مباشرة فلا يستعمل التهويل والعواطف ولا يعد بما لا يقدر، كثيرا ما يؤكد على القيم الاجتماعية الأمريكية والتزاماتها القومية تجاه حلفائها ومصالحها. ولذلك وجد نفسه وسط عالم متعدد الخنادق ومليء بالمجانين، ووجد التوافق التام في الآراء ووجهات النظر مع من تبقى من القادة العقلاء والحلفاء في الدول التي تربطها بالولايات المتحدة علاقات تاريخية.
يدافع الرجل بضراوة عن شركاء أمريكا العرب، ويدعم كل صفقات التسليح للمملكة والإمارات ومصر مهما بلغت ضخامتها ويقف أمام أي دعوات للتصويت ضدها، لا يرى أي أمل في إصلاح النظام الإيراني ويلوح بالدستور في وجه دعاة الاتفاق النووي الإيراني، يسعى دائما لإقناع الرؤساء والإدارات الأمريكية بمساعدة التحالف العربي ضد كافة الميليشيات الإيرانية عسكريا ولوجستيا، يتدخل في أصغر المساعدات المقدمة إلى لبنان، حتى لا نساعد على إثراء أصدقاء إيران، على حد قوله، لا يكل ولا يمل من تقديم المشاريع الداعية إلى تصنيف الإخوان المسلمين وجماعة الحوثي منظمات إرهابية.
لم يعد بإمكان تيد كروز التنبؤ بالكارثة القادمة لبايدن في سبيل إنقاذ شعبيته. لقد استعمل بايدن كل شيء متاح في العالم لإذلال أمريكا.
هل بقي شيء بعد الاستخفاف الحوثي بقرار إدراجهم كإرهابيين، الهروب المذل من أفغانستان، الفشل أمام الانهيار الاقتصادي، الفشل أمام كورونا، سحب الباتريوت في زمن الحرب، التغاضي عن تهريب إيران الأسلحة والنفط استجداء للاتفاق النووي.
وفي المقابل ينتظره خصوم أقوياء متوحدون في الصين وروسيا. هذه المرة يبدو أن تيد كروز سيذهب أبعد من الوقوف على الشرفة!! من يدري؟! فرجل بهذه المواصفات عليك أن تأخذ كلامه على محمل الجد.. خاصة وأنه صرح مؤخرا أن ولاية تكساس يجب أن تنفصل عن الولايات المتحدة إذا قام الديمقراطيون بتدمير البلاد!!