الحرافيش يحكمون العالم
الاثنين - 24 يناير 2022
Mon - 24 Jan 2022
كم هي عجيبة حكايات الحرافيش، للمفكر نجيب محفوظ والمنشورة 1977م، بعشر قصص منفصلة متصلة بفكر البحث عن السلطة، والظلم، والتحديات وصراع بشري دموي، بظروف ومعان فلسفية ورموز، تحكي عن حارات مصرية قديمة، في نهاية حكم المماليك، وتفشي الجهل والجوع وانحسار القانون، وفرض القوة بسيطرة بلطجة الفتوات شاهري «النبوت»، ذلك «المشعاب» الضخم، الذي لا يجيد استخدامه، إلا العنيف الدموي العفي، القادر على تحطيم رؤوس الفتوات، حتى يُسَلِمُ له الجميع.
الدراما المصرية تناولت حكايات الحرافيش، بأفلام ومسلسلات ومسرحيات تصور سيطرة الحرفوش الأوحد، ومنافسته للأنداد، وجبل المطاريد، الذي يختبئ به الفتوة، الراغب في العودة والانتقام لثأر سلف أزيح بالنبوت، فيجتهد الجديد، ويتدرب وينمي عضلاته ليبطح الفتوة الحالي، ويستعيد المكانة والسلطة، التي تؤهله للهيمنة على الحارة وأهلها، وحماية الأغنياء، طالما يخضعون لبلطجيته ويدفعون الإتاوات الظالمة.
وتنوعت الحكايات: «الحرافيش، المطارد، شهد الملكة، الجوع، التوت والنبوت، أصدقاء الشيطان، والسيرة العاشورية بأجزائها الثلاثة». والعاقل بيننا لا يتمنى العيش في مثل تلك الظروف البائسة، من فوضى، وطبقية وانفلات أمني وضياع الحقوق وحساب قيمة الإنسان بالعضلات، وتسيير مجاميع القطعان بالترهيب والظلم.
ولكن، وبالنظر إلى تركيبة عالمنا الحالي، فإننا نرى تشابه الحالتين، وأن فتوات الدول العظمى ونبابيتها، تتزامن مع ضعف وتهافت الدول الصغيرة والغنية، وأن كثرة البلطجية، وإتاواتهم، تماهي نفس حكايات ومنطق الحرافيش.
دول تزول برؤوس مبطوحة، ودول تعود بالتخطيط والتدريب والاقتصاد والتسليح والترهيب.
منظمات دولية، وأمم متحدة ومجلس أمن تُشهِرُ النبابيت في وجوه الضعاف، وكل فتوة جديد يسعى لاستعادة نبوت أسلافه من خبائه القديم، وحينما يتمكن، يشرع في فرض سطوته وإتاواته، وخصوصا من أذلوه تاريخيا، فيرد لهم دين الثأر.
فتوات أوروبا قاموا على تحطيم رؤوس إمبراطوريات كانت تبسط نفوذها على أجزاء عظيمة من الكرة الأرضية، ودول أخرى استشعرت الخوف وتقاربت بأحلاف واتحادات، وأخرى عززت فتواتها بنبابيت قوة التسليح وبسط السلطة في زمان الخوف والظلم، مع عودة فتوة روسيا من الجبل، بعد تحطيم رأسه كاتحاد سوفيتي.
خلافات فتوات الاتحاد الأوروبي كثيرة، والضعف العسكري والاقتصادي يحدث، والتشظي يتعاظم باستقواء بريطانيا بنبوت «البريكست».
ويغامر فتوة تركيا طمعا بالعودة لماضي حرافيش العصملي، ويزعزع الشرق وأوروبا ببلطجية المهاجرين والمرتزقة، ويقلق البحر الأبيض، والداخل السوري والليبي وأذربيجان بحثا عن هيمنة وإتاوات.
والفتوة الفارسي ينشر بلطجية الثورة، ونبابيت أذرع الغيبيات، ليُذِل العرب ويشتتهم، ويبطح فتواتهم.
أمريكا كانت الفتوة الأقوى، ولكنها أصبحت مهددة بعدة نبابيت قاتلة.
الفتوة الصيني عاد، بمشاعر نقمة على الفتوات، وخصوصا أمريكا، والتي انكمشت قواتها وأساطينها أمامه وأمام روسيا مؤخرا، وتركت لهما حارات فوضى كانت تهيمن عليها، تاركا للصين إشهار النبوت الاقتصادي والتقني، مع بروز نبوت كوريا الصاروخي، لتشتعل فوضى تحطيم الجماجم، ومروق الفتوات وفرض الإتاوات الصناعية والاقتصادية والعسكرية.
من ينجو من أبناء الفتوة المهزوم يلجؤون بجبل المطاريد، حتى يعود منهم فتوة جديد ولو بعد حين، يتحدى النظام العالمي الرخو ويصارع الكبار، ويصوع القطعان.
وبقية دول العالم تعيش الخوف والظلم والاستنزاف، ولكنها تراقب منازلات التحطيم، ثم لا تلبث أن تهتف وترقص بالطبل والمزمار البلدي، احتفالا بانتصار الفتوة الجديد، وإعلانا منها بالخضوع لتوجيهاته القادمة الفاعلة بالنبوت.
shaheralnahari@
الدراما المصرية تناولت حكايات الحرافيش، بأفلام ومسلسلات ومسرحيات تصور سيطرة الحرفوش الأوحد، ومنافسته للأنداد، وجبل المطاريد، الذي يختبئ به الفتوة، الراغب في العودة والانتقام لثأر سلف أزيح بالنبوت، فيجتهد الجديد، ويتدرب وينمي عضلاته ليبطح الفتوة الحالي، ويستعيد المكانة والسلطة، التي تؤهله للهيمنة على الحارة وأهلها، وحماية الأغنياء، طالما يخضعون لبلطجيته ويدفعون الإتاوات الظالمة.
وتنوعت الحكايات: «الحرافيش، المطارد، شهد الملكة، الجوع، التوت والنبوت، أصدقاء الشيطان، والسيرة العاشورية بأجزائها الثلاثة». والعاقل بيننا لا يتمنى العيش في مثل تلك الظروف البائسة، من فوضى، وطبقية وانفلات أمني وضياع الحقوق وحساب قيمة الإنسان بالعضلات، وتسيير مجاميع القطعان بالترهيب والظلم.
ولكن، وبالنظر إلى تركيبة عالمنا الحالي، فإننا نرى تشابه الحالتين، وأن فتوات الدول العظمى ونبابيتها، تتزامن مع ضعف وتهافت الدول الصغيرة والغنية، وأن كثرة البلطجية، وإتاواتهم، تماهي نفس حكايات ومنطق الحرافيش.
دول تزول برؤوس مبطوحة، ودول تعود بالتخطيط والتدريب والاقتصاد والتسليح والترهيب.
منظمات دولية، وأمم متحدة ومجلس أمن تُشهِرُ النبابيت في وجوه الضعاف، وكل فتوة جديد يسعى لاستعادة نبوت أسلافه من خبائه القديم، وحينما يتمكن، يشرع في فرض سطوته وإتاواته، وخصوصا من أذلوه تاريخيا، فيرد لهم دين الثأر.
فتوات أوروبا قاموا على تحطيم رؤوس إمبراطوريات كانت تبسط نفوذها على أجزاء عظيمة من الكرة الأرضية، ودول أخرى استشعرت الخوف وتقاربت بأحلاف واتحادات، وأخرى عززت فتواتها بنبابيت قوة التسليح وبسط السلطة في زمان الخوف والظلم، مع عودة فتوة روسيا من الجبل، بعد تحطيم رأسه كاتحاد سوفيتي.
خلافات فتوات الاتحاد الأوروبي كثيرة، والضعف العسكري والاقتصادي يحدث، والتشظي يتعاظم باستقواء بريطانيا بنبوت «البريكست».
ويغامر فتوة تركيا طمعا بالعودة لماضي حرافيش العصملي، ويزعزع الشرق وأوروبا ببلطجية المهاجرين والمرتزقة، ويقلق البحر الأبيض، والداخل السوري والليبي وأذربيجان بحثا عن هيمنة وإتاوات.
والفتوة الفارسي ينشر بلطجية الثورة، ونبابيت أذرع الغيبيات، ليُذِل العرب ويشتتهم، ويبطح فتواتهم.
أمريكا كانت الفتوة الأقوى، ولكنها أصبحت مهددة بعدة نبابيت قاتلة.
الفتوة الصيني عاد، بمشاعر نقمة على الفتوات، وخصوصا أمريكا، والتي انكمشت قواتها وأساطينها أمامه وأمام روسيا مؤخرا، وتركت لهما حارات فوضى كانت تهيمن عليها، تاركا للصين إشهار النبوت الاقتصادي والتقني، مع بروز نبوت كوريا الصاروخي، لتشتعل فوضى تحطيم الجماجم، ومروق الفتوات وفرض الإتاوات الصناعية والاقتصادية والعسكرية.
من ينجو من أبناء الفتوة المهزوم يلجؤون بجبل المطاريد، حتى يعود منهم فتوة جديد ولو بعد حين، يتحدى النظام العالمي الرخو ويصارع الكبار، ويصوع القطعان.
وبقية دول العالم تعيش الخوف والظلم والاستنزاف، ولكنها تراقب منازلات التحطيم، ثم لا تلبث أن تهتف وترقص بالطبل والمزمار البلدي، احتفالا بانتصار الفتوة الجديد، وإعلانا منها بالخضوع لتوجيهاته القادمة الفاعلة بالنبوت.
shaheralnahari@