أحمد محمد الألمعي

الآثار النفسية للجائحة على المجتمع

الاثنين - 24 يناير 2022

Mon - 24 Jan 2022

في المراحل الأولى من تفشي الجائحات تركز السلطات الصحية على احتواء انتشار الفيروس وإيجاد العلاجات واللقاحات وتطبيق إجراءات الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي في جميع أنحاء العالم، بدأت بعدها ملاحظة الخسائر النفسية لهذه الأزمة، وهذا هو الوقت الذي يجب أن تبدأ فيه الحكومات في التفكير في موازنة العزلة الاجتماعية واحتياجات الصحة العقلية وذلك للمساعدة على التخفيف من التداعيات النفسية والاجتماعية للجائحات مثل القلق، إساءة معاملة الأطفال، العنف الأسري، الاكتئاب، تعاطي المخدرات والانتحار.

عند انتشار وباء غير معروف أو خطير أو لا يوجد له علاج فعال، لوحظت نتائج نفسية متعددة أثناء التفشي على المستويات الفردية والمجتمعية والوطنية والدولية، فعلى المستوى الفردي، يشعر الناس بالخوف والهلع من المرض أو الموت أو الشعور بالعجز، أو التنميط من قبل الآخرين.

وللأوبئة والجائحات تأثيرات ضارة على الصحة النفسية العامة مما قد تؤدي إلى حدوث أزمات نفسية. ومن المهم جدا التعرف المبكر على الأفراد الذين يعانون من الاضطراب النفسي لأن ذلك يحسن من فرص فعالية استراتيجيات التدخل النفسي، كما يؤثر التوتر والقلق في المجتمع بشكل كبير، ومن خلال 13 دراسة سابقة، ارتبطت تدابير الحجر الصحي باستمرار بالنتائج النفسية والاجتماعية السلبية، بما في ذلك أعراض الاكتئاب والقلق والغضب والتوتر والإجهاد التالي للرضح والعزلة الاجتماعية والوحدة. ويشكل العاملون في مجال الرعاية الصحية مجموعة للخطر بشكل خاص، وتشير العديد من الدراسات إلى أن بعض الأشخاص الذين يتم وضعهم تحت الحجر الصحي يشعرون بالغضب والتوتر والارتباك كما أشارت أيضا العديد من الدراسات الحديثة أن المصابين خلال جائحة فيروس كورونا المستجد يظهرون أعراض متعددة للصدمات النفسية، مثل الضيق العاطفي والاكتئاب وتقلب المزاج والتهيج والأرق ونقص الانتباه، اضطراب فرط النشاط، ضغوط ما بعد الصدمة والغضب.

الإغلاق العام على مستوى البلاد يؤدي إلى الذعر الحاد والقلق والسلوك الوسواسي والاكتناز والبارانويا والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) على المدى الطويل، وقد غذى ذلك «وباء معلومات» انتشر عبر منصات مختلفة من وسائل التواصل الاجتماعي، كما تم الإبلاغ على نطاق واسع عن اندلاع العنصرية والوصم وكراهية الأجانب، ومع ذلك، فإن العاملين في مجال الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية أكثر عرضة للإصابة بالمرض، بالإضافة إلى المعاناة من نتائج نفسية سلبية في شكل الإرهاق والقلق والخوف من نقل العدوى والشعور بعدم القدرة على التأقلم والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة.

وأشارت أيضا بعض الدراسات الحديثة إلى أن برامج التخفيف المجتمعية لمكافحة COVID-19 تؤدي إلى تعطيل نمط الحياة المعتاد للأطفال وقد تسبب اضطرابات نفسية على المدى الطويل، كما تتأثر أيضا الجوانب النفسية والاجتماعية لكبار السن ومقدمي الرعاية لهم والمرضى النفسيين والمجتمعات المهمشة بهذا الوباء بطرق مختلفة ويحتاج ذلك إلى اهتمام خاص.

يعتبر القلق عاطفة طبيعية وضرورية للإنسان وهي إحدى آليات الدفاع والبقاء الأساسية وبدونها يكون بقاء الفرد مستحيلا.

تعد اضطرابات القلق المفرط وفرط الإثارة من أكثر الحالات النفسية شيوعا في العالم، ودلت العديد من الأبحاث على أن اضطرابات القلق هي الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعا في مراحل الطفولة والمراهقة والبلوغ على السواء ويقدر الباحثون أن حوالي 12% من الأطفال و29٪ من المراهقين والبالغين في المجتمع قد تم تشخيصهم باضطرابات قلق. ووجد أيضا في دراسة أخرى أن لدى النساء معدلات انتشار أعلى لمعظم اضطرابات القلق بالمقارنة مع الرجال.

كما أنه قد يترافق اضطراب القلق العام والاضطرابات المرتبطة به مع ازدياد احتمال مصاحبته باضطراب الاكتئاب الرئيس. ولكن في كثير من الأحيان، قد لا يتم تشخيص أو علاج القلق بالشكل الصحيح خاصة في العيادات المكتظة، حيث وجدت دراسة كندية أن معدلات التشخيص الخاطئ بلغت 85.8% لاضطراب الهلع، 71% لاضطراب القلق العام و97.8% لاضطراب القلق الاجتماعي في عيادات الرعاية الصحية الأولية.

يشكل القلق والاضطرابات المرتبطة به عبئا كبيرا على المرضى وأفراد أسرهم وقد يصاحبه ضعف وظيفي كبير، ويزداد هذا الضعف بازدياد حدة القلق وله أيضا تأثيرات اقتصادية كبيرة على المجتمع حيث وجدت دراسات أن القلق يرتبط بزيادة ملحوظة في استخدام خدمات الرعاية الصحية الأولية وانخفاض في إنتاجية العمل.

يتميز القلق المرضي والاضطرابات المرتبطة به بشكل عام بسمات القلق المفرط والتوتر، الذعر والخوف وتجنب المواقف التي تزيد القلق. وتظهر أعراض القلق على أشكال متعددة منها: أعراض جسمية: مثل الصداع، ألآم البطن، الإسهال، التعب والإرهاق، آلام في العضلات، ضيق في التنفس، تسارع في ضربات القلب، زيادة في التبول، الشعور بغصة في الحلق، الدوخة وعدم الاتزان، الضعف العام، صعوبة في النوم، قلة الشهية وفرط التعرق.

وأعراض نفسية: التوتر والعصبية، الهيجان وقلة الصبر، الارتباك، ضعف التركيز، ضعف التواصل الاجتماعي، الشعور بالوحدة، تغير في الأداء الدراسي أو الوظيفي وقد يستمر الشعور بالقلق والتوتر لفترات طويلة تتعدى الستة أشهر.

@almaiahmad2