عبدالرحمن الزهراني

(47) إدارة تعليم خارج جائزة الملك عبدالعزيز للجودة!

السبت - 01 يناير 2022

Sat - 01 Jan 2022

ما زلنا في حديثنا عن جائزة الملك عبدالعزيز للجودة، الذي بدأناه الأسبوع قبل الماضي حول عزوف نسبة كبيرة من القطاعات الحكومية للاشتراك فيها والسعي للحصول عليها كجائزة وطنية كبرى معتمدة من مجلس الوزراء وتحمل اسم موحد البلاد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، ضمن سلسلة مقالات حول الجودة والتميز التي تعتبر رحلة مستمرة من النجاحات المتلاحقة والتفوق المستمر التي ترغب المنشأة في الوصول إليها من أجل تقديم خدماتها بما يضمن رضا المستفيدين، ويزيد من كفاءتها في تحقيق أهدافها التي أنشئت من أجلها، وذلك من خلال ثلاثة عناصر أساسية مترابطة ومكملة لبعضها البعض هي: التميز الفردي، وتميز المجموعة، والتميز المؤسسي.

لدينا سبعة وأربعون إدارة تعليم موزعة على أرجاء وطننا الغالي، ضمن هيكلة الوزارة، تضم كل إدارة تعليم إدارة للجودة، وهى مرتبطة مباشرة بمديري التعليم، بعض الإدارات تسميها، (إدارة الجودة الشاملة)، والبعض الآخر يسميها (إدارة الجودة وقياس الأداء)، تعددت الأسماء ولكنها تشترك جميعها في عدم تطبيق معايير الجودة التي عادة تنعكس على تحسين وتطوير المخرجات، وكذلك تشترك في الإعداد والتخطيط للاحتفال باليوم العالمي للجودة، وتوزيع شهادات سفراء الجودة، ولو قامت أية (47) إدارة تعليمية بحل إدارة الجودة من منظومتها فلن يغير الأمر شيئا فوجودها من عدمه واحد!، بعض الإدارات السبعة والأربعين حصلت على جائزة وزارة التعليم للتميز والتي مقدارها مائتي ألف ريال، هذا بخلاف توزيع مئات السيارات من نوع BMW على المعلمين والمعلمات والمشرفين والمشرفات ومدراء ومديرات المدارس على مدى تسع سنوات، بعض الفائزين يستحق الجائزة بجدارة وعرف في المجتمع التربوي والتعليمي بالكفاءة والتميز، والبعض الآخر لم يسمع أحد عن تميزه في تخصصه وأداء مهامه وواجباته إلا من خلال قيادته لسيارة الجائزة، وهذه أرزاق الله يسوقها كما يشاء! الغريب في الأمر أن الوزارة لم تستفد من هذه الفئة المميزة إن كانت مميزة فعلا!!، منحتهم الجوائز ونسيتهم، ومن ثم البعض منهم نسوا التميز ولم تعد تربطهم به سوى سيارة BMW.

جائزة وزارة التعليم للتميز توقفت عن الصدور والإعلان عن نتائجها منذ الدورة العاشرة التي لم تر النور منذ عامين أو ثلاثة، وندعو الله ألا ترى النور إذا استمرت في صورتها الأولى، حيث إنها تعتمد على معايير فقط بدون نموذج مؤسسي للجودة مثل النموذج الأوروبي والنموذج الياباني وغيرها من نماذج التميز المؤسسي العالمية التي تمثل منظومة تميز متكاملة، حيث باتت حبرا على ورق لا تنعكس على مستوى الأداء أو المخرجات، بل لا يوجد فروق واضحة وملموسة بين نسبة كبيرة من الأشخاص الذين حصلوا عليها مقارنة بالآخرين الذين لم يتقدموا أو يحصلوا عليها، التي من المفترض أن تنعكس على جودة الأداء، وتطوير وتحسين العملية التربوية والتعليمية، الجدير بالذكر أن أغلب الأعمال والمعاملات والخدمات التي تقدمها بعض الجهات الحكومية والأهلية وبعض الجهات غير الربحية هي مجرد ممارسات وتسيير للأعمال ولا تخضع لمعايير الجودة في الأداء، التي تتطلب تفاعلات منظمة داخل المنشأة يشارك فيها منسوبوها فكريا وقيميا وسلوكيا، إضافة إلى ضرورة تجديد وتطوير للوائح والأنظمة بما يتوافق مع متطلبات العصر وذلك من أجل تحقيق الفاعلية حتى لا تكون المنشأة عبئا على المجتمع.

منذ إنشاء جائزة الملك عبدالعزيزللجودة لم تحصل أي إدارة تعليمية على هذه الجائزة، حتى لا نظلم أحدا لا نعلم إن كان هناك إدارات تعليمية تقدمت لها وفشلت في الحصول عليها!، المهم أن سجل جائزة الملك عبدالعزيز خلال (22) عاما الماضية يخلو تماما من (47) إدارة تعليم، وربما يرجع السبب في ذلك إلى خوف وتدني مستوى المعرفة للقائمين على الجودة وقياس الأداء من نموذج التميز لجائزة الملك عبدالعزيز للجودة الذي يعتمد على أساس التمكين لمبادئ الجودة والتميز المؤسسي ووضعها بطريقة علمية ووفق أفضل الممارسات العالمية، وبما يتناسب والبيئة المحلية، كونه يحدد متطلبات التميز ويرسم الإطار المرجعي للتطبيق بشكل منظم، وهذا يعني أنه متكامل في هيكليته، ومترابط بين مختلف أجزائه، ومعبر في صياغته، وواضح في مصطلحاته التي تتناسب مع جميع القطاعات في المملكة ولا يخاطب قطاعا محددا، إضافة إلى أنه يبدو أن هناك قصورا من الأمانة العامة في نشر ثقافة الجودة ودعوة الجهات الحكومية والأهلية والجهات غير الربحية للمشاركة فيها، خصوصا أن دورة الجائزة كل ثلاث سنوات وليست سنوية.

قد يسأل البعض عن الفائدة من المشاركة والحصول على جائزة الملك عبدالعزيز للجودة، وهنا نؤكد بأن تطبيق نماذج التميز المؤسسي في المنشآت الحكومية والأهلية والمنشآت غير الربحية وفق أسس علمية سوف يسهم في التعرف على أسلوب علمي لتطبيق وتقييم معايير الأداء المؤسسي واستدامة النتائج وذلك بما يسهم في تحقيق رؤية 2030 بفعالية وكفاءة عالية، وينتقل بالمنشآت بمختلف صورها وألوانها من دائرة الخمول والجمود إلى آفاق الإبداع والابتكار وتحقيق مبدأ جودة الحياة.

نقطة ضوء: الجودة في التعليم مرتبطة بعمليتي التعليم والتعلم، وتنعكس إيجابا على مستوى المخرجات، وليست إدارات وشعار وسفراء للجودة.

DrAlzahrani11@