بندر الزهراني

رئيس الجامعة الحاقد لا بد من إزالته!

السبت - 25 ديسمبر 2021

Sat - 25 Dec 2021

في خطوة اعتبرت جريئة وضرورية ولازمة، بدأت أمانة مدينة جدة بإزالة الأحياء العشوائية السكنية والصناعية من أطراف المدينة، تماشيا مع رؤية الدولة وفقها الله، ولولا أن الأمانة وجدت دعما من القيادة العليا للبلاد لما استطاعت تنفيذ هذا العمل الكبير، ولولا أن القيادة لمست في الأمانة الجدية والإخلاص مع وجود استراتيجية محددة ورؤية واضحة لما دعمت خطوات الإزالة، إذن قرار الإزالة كان مرهونا بوجود الاستراتيجية الصحيحة، ومرتبطا بقرار القيادة الحازم، وكذا التعليم الجامعي والبحث العلمي بحاجة لاستراتيجية واضحة وصحيحة تدعمها قرارات عليا حازمة وجريئة كعادتها.

كتب محمد البلادي في صحيفة المدينة مقالا عنونه بـ(مدير برتبة حاقد) وقد أحسن في مقاله، إذ تناول بأسلوب سهل وجميل طبيعة المدير الحاقد وكيفية تعامل الموظف معه، والحقد - كما أشار الكاتب بذكاء - رتب، أعلاها في أي منظمة أن يكون مديرها حاقدا، والمشكلة أن حقد المدير ليس كحقد الموظفين بينهم بين، لأن الموظف الحاقد حقده لا يتعدى محيط إدارته، ويمكن الحد منه بالحد من صلاحيات الموظف أو ضبط تصرفاته بالأنظمة الإدارية، بينما حقد المدير أثره يسري ويستشري في كل إدارات المؤسسة، ولا يمكن ضبطه أو التحكم فيه.

والسؤال الذي يتبادر إلى ذهني وربما إلى أذهانكم هو: هل تعاني الإدارات الجامعية من هذا المرض الأخلاقي! هل فعلا البيئات الجامعية مصابة بوجود هذا الداء الخطير؟! الجواب يمكن أن يظهر في نشاط وقرارات الإدارة العليا للجامعة، بمعنى أن الكشف عن حقد الرئيس ليس صعبا، ولا يحتاج طبيبا بارعا لفحص الرئيس أو تشخيص حالته بشكل منفرد، ولا يتطلب أكثر من مراجعة قراراته وتصرفاته، والتأمل في الزمرة التي تحيط به، وتسير في فلكه، وتشجع أداءه وتثني عليه، ولو تظاهر هو بالصلاح والطيبة والتسامح.

الرئيس والأكاديمي الحاقد دائما ما يخشى النقد الواضح والشفاف، ويقلق ويتوتر من النصيحة والمشورة الصادقة، ويزداد حقده وحنقه إذا ما أسدى له المخلصون نصائح عامة أو خاصة، أو تذمر الأحرار ولو همسا من أفعاله وتصرفاته، أو تحرجوا علنا من كفاءته وأسلوب إدارته، ويبلغ الحقد منتهاه في نفسه ويستحكم كل حركاته وسكناته إن تناول الإعلام عمله تلميحا أو إشارة، أو تناوله بشيء من التصريح الخفيف والوضوح اللطيف.

ومن المعلوم أن أهم سمة في القيادة التحويلية هي غرس القيم والأخلاق في الأفراد، كي يتمكنوا من تجاوز مصالحهم الشخصية إلى المصلحة العامة، ومن الانغلاق إلى الانفتاح، ولكن لا يمكن أن نصل لهذا المفهوم القيادي الفعال ما لم يكن قائد المؤسسة التعليمية قائدا تحويليا، بمعنى أن يكون قادرا على التخلص من مصالحه الخاصة ومصالح زمرته المحيطة به، وبالتالي الانعتاق من نظرته المحصورة في رؤاه الضيقة والمحكومة بالمصلحة الشخصية، إلى الانطلاق لعوالم التميز والنجاح الحقيقية، فما بالكم لو كان القائد رئيسا برتبة حاقد!

الحل - من وجهة نظري - أن نفعل كما فعلت الأمانة؛ نتسلح أولا بالقيادة العليا للبلاد، فهي والله نعم المعين وخير من يسعى للمصالح العامة ويقوم عليها؛ ثم نراجع الخطط الاستراتيجية للجامعات مراجعة جادة، وبعيدة كل البعد عن المجاملات، ونغير ونطور ما يحتاج منها للتغيير والتطوير، ومن ذلك على سبيل المثال وضع استراتيجية واضحة ومحددة لاختيار القيادات والكفاءات الأكاديمية، الشغوفة بالعمل الأكاديمي، والطموحة للتغيير والتحويل؛ ثم نزيل بكل قوة وحزم أي رئيس فيه شبهة حقد، أو عجز إبداعي، أو يقف حجر عثرة في سبيل انطلاق جامعاتنا نحو المجد، فمصالح جامعاتنا بلا أدنى شك هي أولى وأهم، والوطن أولى بالرفعة والسؤدد.

وهذا لا يعني أن جامعاتنا والإدارات الأكاديمية تخلو من القائد الاستراتيجي الناجح، أبدا، فهناك الكثير ولله الحمد، ولكننا في مرحلة استكشاف وبحث عن القائد الأكاديمي الكفء، القائد الأكاديمي الذي نبني عليه الآمال والطموحات، ألم يقل وزير الطاقة إنه تعلم الجرأة في قول الحق من سمو ولي العهد حفظه الله! بلى، ونحن كذلك تعلمنا من سموه قول الحقيقة، وهدفنا وهدفه وهدف كل مخلص الوطن ولا سواه.

drbmaz@