سليمان محمد الشريف

حل المجالس الشكلية

الاثنين - 13 ديسمبر 2021

Mon - 13 Dec 2021

أتى قرار إنهاء أعمال المجالس البلدية من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية، تأكيدا على عدم جدوى استمرارها، وحفظا لمقدرات الدولة المالية وإيقاف الهدر المالي في ظل غياب الصلاحيات الفعلية التي تعطيهم دورا حقيقيا في إقرار وتنفيذ المشاريع، ولعدم وجود الرؤية الواضحة التي تحقق الأهداف من قيام هذه المجالس غير القادرة أو بالأصح غير المخولة باتخاذ قرار بلدي يخرج من رحم الاجتماعات التي ضربت رقما قياسيا بلا نتائج ملموسة تعكس منجزات واضحة لتفاخر بها هذه المجالس الشكلية.

‏وتبدو المجالس البلدية في تصورات المرشحين كما رأيت مجرد نافذة أخرى صغيرة نحو تحقيق أهداف شخصية أكثر من كونهم منتخبين بأصوات لها آمال عريضة في تحقيق المشاريع البلدية الخدمية، سواء على مستوى العامة أو على مستوى مطالب خاصة في خدمات بسيطة عجزوا عن تلبيتها حتى أصبحت في خانة الأحلام برغم ضعف بندها المالي، وبدلا من أن تعترف تلك المجالس بعجزها عن تقديم ما يلبي احتياجات المواطن أو تحقيق جزء منها على أقل تقدير كحق من حقوقهم والاعتذار لهم بكل شفافية عن عدم وجود الصلاحيات التي تمنحهم حق اتخاذ القرار، واصلت تلك المجالس الوعود الوهمية مرتدية رداء المسؤول عن تحقيق مطالبهم وهي التي لم تحمل مسؤولية كما بدا للجميع خلال ما يقارب عشرين عاما منذ بداية تشكيل المجالس البلدية في الوهلة الأولى.

‏وضربت المجالس البلدية في بعض المحافظات الناشئة على وجه الخصوص التي تفتقد لأبسط الخدمات باحترام المتلقي عرض الحائط من خلال وقوفهم المستمر والتقاط عشرات الصور في كل زيارة بلا حياء أو أدب على احتياجات المواطنين في بعض الأحياء والقرى المتضررة وإعطاء الآمال بصوت الواثق للمواطن البسيط الذي أخذ تلك الوعود على محمل الفطرة بينما يعلم أعضاء ذلك المجلس أنهم بلا صلاحيات وكان بإمكانهم توضيح ذلك على قالب شفاف وبلا ضرر أو ضرار وأفضل من النظر إلى الأعلى وترك ذلك المتأمل على باب السراب.

‏وعلى الورق فإن المجالس البلدية ووفقا للمادة الثانية من نظام المجالس البلدية تعتبر شخصية ذات استقلالية مالية وإدارية إلا أنها لم تحقق هذه الاعتبارية على الواقع مما ترك مساحة واسعة للتساؤل وسط صمت كبير، وربما يكون لذلك أسباب منعتها من توضيح استثمار تلك الشخصية الكلاسيكية في مفهومها العام، وبالنظر إلى المواد الصادرة في نظام المجالس البلدية تجد أن المجالس تمتلك مساحة واسعة في إقرار الخطط وتنفيذ المشاريع المعتمدة في الميزانية وفيما يتعلق بالاستثمار والتطوير والتشغيل والصيانة، وتحظى بمساحة كبيرة في الآراء والإقرارات والاقتراحات والمراجعة وهلم جرا..

ولكن لا شيء يعكس هذه المساحات على الأرض من مشاريع جديدة أو صيانة أو تحسين تربة ووضع بنية جديدة، الأمر الذي وضع الوزارة أمام هذا القرار الصائب والذي نتمنى أن يتبعه قرار حل المجالس الشكلية بشكل نهائي سواء البلدية أو المحلية وغيرها وإيقاف النزف المالي من خزينة الدولة لمجالس بلا هوية أو فائدة.

‏آخر نقطة: العلاقة الراسخة في صلب المشاعر مثل الجبال الشاهقة لا تهزها الرياح مهما كانت قوتها، نرى أنفة شموخها ولا نرى جذورها في الأرض.

‪@soliman_asharef‬