الخوف من قول الحقيقة.. إلى متى؟

نحن حين نشير إلى القصور لا نفصل ذلك إطلاقاً من بضعة حقائق يراها ويعيها كل ذي عينين وبصيرة

نحن حين نشير إلى القصور لا نفصل ذلك إطلاقاً من بضعة حقائق يراها ويعيها كل ذي عينين وبصيرة

الأربعاء - 14 يناير 2015

Wed - 14 Jan 2015

نحن حين نشير إلى القصور لا نفصل ذلك إطلاقاً من بضعة حقائق يراها ويعيها كل ذي عينين وبصيرة.
أولى هذه الحقائق: أن ولاة الأمر في هذا البلد ما بخلوا على كل ما من شأنه أن يرقى به وبمواطنيه أعلى درجات الرقي والرفعة والرفاهية.
وما من فكرة يمكن أن تساعد على تحـقيق هذه الأهداف إلا ودعموها بسخاء، ووقفوا إلى جانبها يدفعونها إلى الأمام بقوة.
وثاني هذه الحقائق: أن للمملكة مكانة خاصة في العالم بما خصها الله وفضلها بمقدساته ـ بيته الحرام وقبر رسوله الكريم ـ، وهي مهبط الوحي على آخر الأنبياء.
.
وأنها لذلك قبلة المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها كما وأنها قبلة عيون أعداء الإسلام، وهي «الرمز» المتين لهذا الدين على الأرض.
وإن هذا ليلقي عليها مسؤوليات جساما، ومهام كبيرة، ودوراً لن ينقضي أو ينتهي ما بقي الإسلام على الأرض.
وثالثها: أن الله قد حباهـا بنعمة ثرواتـه الطبيعية بـمـا يمكنها من لعب هذا الـدور الديني، الحضاري، التاريخي، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وما عليها.
يترتب على ذلك أن من يقع عليه اختيار ولاة الأمر لتحمل جزء من هذه المسؤولية العظيمة يكون على وعي تام بمدى ثقلها، وما تحتاجه من تضحيات ونكران ذات وقوة عند الشدائد، وهمة لا تفتر من أجل النهوض بمسؤوليات وظيفته أو مهمته لإنجازها على أكمل وجه.
إذن فإن معيار الأداء هنا يختلف، إذ ليس المسؤول هنا كمثله في أي بلد، فأنت هنا تخدم وطنك ومواطنك، ولكنك أيضاً تخدم رسالتك الإسلامية الحضارية، لذا يجب أن تكون عنواناً جديراً بهذا الكيان الاستثنائي بين الدول في العالم.
على أني لا أجد سبباً يجعل شخصاً يحب وطنه بحق، إذا كان ولاة الأمر، مثلما الحال هنا يبذلون أقصى ما تبذله أي قيادة في العالم من أجل الارتقاء بالوطن وإسـعاد مواطنيه.
.
لا أجد سبباً يجعله يرى قصوراً أو إخفاقاً هنا، أو تقاعساً عن تحمل المسؤولية هناك، ثم هو لا يكتفي فقط بدور الشيطان الأخرس ليغلق فمه، أو يدخل قلمه في غمده فلا يهرق مداده كذباً وغشاً وخداعاً، ليعلن للناس عكس ما هو موجود، وعكس ما يراه، ويرونه أيضاً.
وإذا كان البعض يظن أن في تسمية الأشياء بغير أسمائها إصلاحاً ما، فإن هذا أخطر الأخطار بل هو أكبر وأفدح الخطايا.
فالنبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يقول «من غشنا فليس منا».
.
فنحن حين نشير إلى الخطأ يصبح تصحيحه ممكناً.
.
في حين أننا حين نرى الخطأ وندس ـ كالنعام ـ رؤوسنا في الرمال، فإننا سنكرس بقاءه، ونرسخ وجوده في حياتنا.
أما إذا عمدنا إلى تزيينه والتغني به، وأطلقنا عليه اسما محبباً، أو حاولنا أن نزيف حقيقته لنلبسه ثوب الصواب، فإن الكارثة ستكون أكبر، لأننا سنعتاد عليه، فإذا رأينا صواباً لن نستحسنه.
.
لأن الخطأ في حياتنا أصبح هو الأصل والمعيار الذي نقيس به الأشياء والأعمال، وحينها سيصبح الخطأ هو الصوت الوحيد الذي تستعذبه آذاننا بينما يصبح الصواب هو النشاز الذي يخدشها.
وغاية ما يمكن أن يقال في هذا المقام: إن القلم مسؤولية، وإن الكلمة مسؤولية يسأل الإنسان عن صدقها يوم القيامة.
وإن على من لا يجرؤ، أو لا يستطيع قول الحق أن يصمت فهذا خير من أن يكرس الخطأ والاعوجاج بين الناس.
وقد أوصانا بها نبينا الكريم حين دعانا إلى أن نقول خيراً أو فلنصمت.