بندر الزهراني

خطوط (الڤار) الأكاديمي مضروبة!

السبت - 04 ديسمبر 2021

Sat - 04 Dec 2021

يثار هذه الأيام جدل كبير في الإعلام الرياضي حول من يضع خطوط التسلل التي تظهر في شاشة حكام الفيديو (VAR) لتحديد ما إذا كان المهاجم متسللا خلف المدافعين، وظهر أكثر من شخصية رياضية تشكك في مصداقية بعض الحالات، وتزعم أن هناك أخطاء مقصودة غيرت مراكز الفرق في جدول الترتيب العام، وهذا الموضوع وإن بدا في شكله بعيدا عن المجال الأكاديمي إلا أنه في مضمونه لا يختلف كثيرا عما يحدث في الجامعات، فبعض البيئات الجامعية المعاصرة موبوءة وغير صحية، وهذا -للأسف- عكس المفترض عنها.

في معظم الجامعات، هناك هيئة أو إدارة قانونية تختص بالحالات الخلافية التي تنشأ بين أعضاء هيئة التدريس أنفسهم، أو بينهم وبين قطاعات الجامعة المختلفة، وتتولى هذه الإدارة مراجعة العقود والاتفاقيات، وتقوم بإجراء التحقيقات الإدارية اللازمة، وتلتزم بتمثيل الجامعة أمام المحاكم والجهات الرسمية، وهذا كله عمل إداري مطلوب وضروري، فالمجال الأكاديمي حاله حال غيره من المجالات الأخرى، لا يخلو من الصراعات البينية وتعارض المصالح الشخصية، ولا يخلو من الأخطاء وتضارب الأفكار.

قبل أيام كشفت مصادر لبعض المواقع الإخبارية أن أكاديميا محليا تورط في سرقة رسالة ماجستير لإحدى طالباته، وقام بنشرها باسمه هو دون علم الطالبة، وبالرغم من مناشدتها لرئيس الجامعة التدخل ورد حقها، باءت محاولاتها بالفشل، ولم تجد بدا من التوجه للقضاء، وقد أوردتُ في إحدى مقالاتي حالة مشابهة لهذه الحالة، حدثت في جامعة محلية كبرى، مهووسة بالريادة في التصنيفات الوهمية، ولا أعلم إن كانت الحادثتان قد وقعتا في نفس الجامعة!

أسوأ ما في الإدارات القانونية أنها إدارات ضعيفة الشخصية، مسلوبة الإرادة، فاقدة الصلاحية، لا طعم لها ولا لون، وليس لها من القانون إلا المسمى، وتتحول من إدارة مستقلة، لها صبغتها وهيبتها القانونية، واحترامها وتقديرها المعنوي إلى أداة رخيصة في أيدي رئيس الجامعة أو بعض مسؤوليها، يحركونها كيفما يشاؤون وحيثما يريدون، لا حول لها ولا قوة، إلا الإذعان والتسليم وتكييف طلباتهم وتنفيذ رغباتهم.

وبغض النظر عن قوة وضعف الإدارات القانونية في الجامعات المحلية، تظل حقوق أعضاء هيئة التدريس والموظفين والطلاب معرضة للانتهاك والتعدي، حيث لا يسمع لهم، ولا تراعى مسائل الخصوصية والسرية في قضاياهم، وفي كثير من الحالات يمارس ضدهم التنمر تحت غطاء الأنظمة والقوانين، وكثيرة هي قصص الزملاء التي تفضح الممارسات الخاطئة للإدارات الجامعية، وما بين الحقائق الثابتة والمزاعم الباطلة تبرز أهمية العمل القانوني الصحيح.

لا يمكن أن تحدثني عن إدارة واعية وهي تحاول بقضها وقضيضها، وبكل ما أوتيت من قوة وسلطة نافذة، استخدام ما يمكن استخدامه ضد عضو هيئة تدريس لمجرد أنه لا يوافقها في الفكر والتوجه الإداري، أو أنه يرى ما لا تراه، أو لا يسكت على ممارساتها الخاطئة، أو أنها لا تهتم ولا تكترث لاسترجاع حق طالب أو طالبة لأجل عضو فاسد مثلها، وهنا مربط الفرس.

وقد يتساءل البعض عن كيفية ضبط (الڤار) الأكاديمي؟ وبالتالي حفظ الحقوق وقطع الطريق على الإدارات الميديوقراطية المتسلطة، الجواب سهل وبسيط: نؤسس هيئة أو إدارة عليا أو لجنة فض نزاع في وزارة التعليم، بعيدة عن هيمنة الجامعات، ومستقلة في قراراتها استقلالا تاما، نحتكم إليها في كل قضايانا الأكاديمية، وتكون مرجعا أوليا ومحكمة ابتدائية، قبل الوصول لديوان المظالم والمحاكم الإدارية أو العامة، فإن المثل الشعبي يقول: إن غاب القط العب يا فار!

drbmaz@