عبدالله قاسم العنزي

الجرائم المخلة بالآداب العامة

الأحد - 24 أكتوبر 2021

Sun - 24 Oct 2021

تختلف المجتمعات في تحديد معيار واحد لتقييم سلوكيات البشر التي تتجاوز حد الآداب وتخدش الحياء العام، وذلك لاختلاف أديانهم ومعتقداتهم وعاداتهم؛ فقد يكون سلوك معين لدى مجتمع مشروعا لا يخدش الحياء العام ولا يمس الآداب العامة بينما في مجتمع آخر يعد جريمة أخلاقية يعاقب مرتكبها.

العاصمة الرياض تحتفل بموسمها الترفيهي - وبالمناسبة - لا يعد الترفيه ترفا زائدا خصوصا في الحياة المدنية التي طغت فيها الأعمال والأشغال على الراحة، بل يعتبر جزءا هاما لتحقيق الصحة النفسية والاجتماعية لأفراد المجتمع.

إلا أن هناك ممارسات من بعض الشباب والفتيات تخدش الحياء العام وتعكر صفو الفرح على الزوار وتخلق في نفوس الآخرين من أفراد المجتمع انطباعا سلبيا عن مثل هذه الفعاليات، مما يعني أنها تحجب الآخرين عن الذهاب إلى مثل هذه المحافل للترفيه.

إن الحياء خلق إنساني فاضل يختلف مفهومه من مجتمع إلى آخر، ومن قبيلة إلى قبيلة، ومن عائلة إلى أخرى، بحسب تدين الفرد وعاداته وتقاليده، وبما أننا مجتمع واحد لذا فإن مفهوم الحياء واضح لدينا لا يختلف عليه اثنان، وأن ما تناقل عبر مواقع التواصل الاجتماعي من تحرش جنسي واضح من بعض الشباب تجاوز حدود الغمز والملاصقة للنساء، بل شاهدنا من الشباب من يحمل (صديقته) على كتفيه ويتراقص بها، أو من يحتضن فتاة علنا أمام العامة، إن ذلك يعد خادشا للحياء العام ومخالفا للقيم والآداب

العامة التي تربى عليها المجتمع السعودي.

ومثل هذه السلوكيات تمس شرف وسمعة الإنسان أو العائلة، لذا يجوز للنيابة العامة إقامة الدعوى الجزائية العامة على من يمارس مثل هذه التصرفات علنا في مثل هذه المواسم أو الفعاليات الأخرى، وإحالته إلى القضاء حتى يأخذ جزاء رادعا يعيده إلى جادة الصواب حتى وإن لم يكن هناك نص قانوني صريح يمنع مثل هذه السلوكيات المستجدة على قيم المجتمع، لاعتبار أن نصوص الشريعة هي التي تحكم تصرفاتنا، وهي الفيصل في ما هو مقبول وغير مقبول في المجتمع.

ولذلك جاء في المادة الـ3 من نظام مكافحة جريمة التحرش ما نصه: «لا يحول تنازل المجني عليه أو عدم تقديم شكوى دون حق الجهات المختصة -نظاما- في اتخاذ ما تراه محققا للمصلحة العامة، وذلك وفقا لأحكام نظام الإجراءات الجزائية»، وهذا دليل على أن خدش الحياء العام للمجتمع والخروج عن نسق الآداب العامة يعد من النظام العام الذي يجب ضبطه وحفظه حتى وإن تنازل المتحرش به أو لم يقدم شكوى للجهة المختصة، وكان الواجب على الزوار التعامل بسلوك حضاري في معالجة مثل هذه الممارسات الصبيانية من خلال تبليغ المنظمين أو رجال الأمن الموجودين في موسم الرياض.

نحن نقدر ونستوعب أن إدارة الحشود أمر صعب لمثل هذه الفعاليات، ولا يقتصر عبئه على الجهة المنظمة، بل يكون بين عدة جهات مختلفة ومنها الأمن العام المعني بالدرجة الأولى بحفظ وضبط الآداب العامة في الشارع العام، ولكن نحن نطالب بالتعاون من الجميع حتى يتحقق المقصود من إقامة مواسم الترفيه.

وفي الختام: أقترح بأن تكون هناك إدارة حكومية مختصة بفهم سلوك المجتمع وآلية التعامل معه وتحسين هذا السلوك، ويكون تعاونها مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ووزارة الشؤون الإسلامية وغيرها من الجهات ذات العلاقة في سلوك الإنسان السعودي.

expert_55@