طلال الشريف

الاعتذار عن المشاركة في اختبار PIRLS

الاحد - 24 أكتوبر 2021

Sun - 24 Oct 2021

الاختبارات الدولية تشكل أداة مرجعية مهمة للدول المشاركة فيها، تساعد على التقييم والمراجعة والتطوير وقياس أداء الطلبة وفق معايير الإنجاز الدولية، وفي نفس الوقت تعكس تطور النظم التعليمية ومستوى مخرجاتها، وتتطلب تلك الاختبارات عملا متكاملا على مستوى المنظومة التربوية، بدءا من الأسرة وحتى أعلى مستوى وطني تربوي.

ونحن في المملكة نؤمن بقيمة هذه الاختبارات وأهميتها في الارتقاء بنظامنا التعليمي وتنافسيته الدولية، وهو ما تضمنته رؤيتنا الوطنية في 2030 وخطط وزارة التعليم وبرامجها ومبادراتها في هذا المجال.

ويعتبر اختبار دراسة التقدم الدولي في القراءة PIRLS من أهم الاختبارات الدولية، والذي تعده الهيئة الدولية لتقويم التحصيل التربوي IEA كل 5 سنوات، وتشرف عليه محليا هيئة تقويم التعليم والتدريب لقياس تراكم مهارات القراءة المكتسبة لطلبة الصف الرابع بالمدارس الحكومية والخاصة بلغة التدريس ومقارنتها بقدرات أقرانهم في الدول الأخرى المشاركة في هذه الدراسة، وتهتم هذه الاختبارات بتنمية المهارات القرائية والعمل على وصول المتعلم إلى أفضل المستويات القرائية الثلاثة؛ الفهم الحرفي والفهم التفسيري والفهم التطبيقي، من خلال التطبيق الفعلي لكل أنواع القراءات (القراءة الصامتة وقراءة التصفح وقراءة التمشيط وقراءة الدرس والقراءة الجهرية والقراءة الآلية والقراءة الواعية والقراءة التفسيرية).

ما يهمنا أن نتائج مشاركتنا في الدورتين السابقتين عام 2011 و2016 لم تكن جيدة ولا تتوازى مع حجم الإنفاق على التعليم ولا مع مستهدفاتنا في رؤية 2030، وهو ما دفع الوزارة إلى إجراء تطوير نوعي في منظومة العمل التعليمي والتربوي واتخاذها العديد من المبادرات والإجراءات، منها ما يتعلق بتطوير بنية النظام التعليمي نفسه بالتحول إلى نظام الثلاثة فصول دراسية، وتطوير الخطط الدراسية بزيادة عدد الأيام الدراسية، وتطوير المناهج الدراسية بالإثراء وإضافة مناهج جديدة تتناسب مع متطلبات ومهارات الوقت المعاصر ودمج وإلغاء بعض المقررات، وتطوير أداء المعلمين بتنفيذ العديد من البرامج التدريبية لإعادة تأهيل المعلمين مهنيا.

ولأن جائحة كورونا أثرت على النظم التعليمية على مستوى العالم وأحدثت فاقدا تعليميا لا يستهان به رغم استمرار الرحلة التعليمية للطلبة، إلا أن تلك الآثار ستلقي بظلالها على مشاركتنا في الدورة الثالثة 2021، وقد تؤثر هذه المشاركة على الطلبة ومنسوبي التعليم والتربية في كافة أرجاء وطننا الكبير.

وأجزم أن مشاركتنا في هذه الدورة خلال الفترة من 8 إلى 17 نوفمبر المقبل فيها نوع من المجازفة بمكانة نظامنا التعليمي وما وصل إليه من تطور لسببين رئيسين هما: أن طلبة الصف الخامس الابتدائي الذين سيشاركون في هذا الاختبار استثناء بسبب الجائحة لم يتمكنوا من التعليم الحضوري قرابة عامين دراسيين ولديهم فاقد تعليمي بسبب نمط التعليم عن بعد الذي لا يوفر التفاعل الكافي بين الطلبة والمعلمين وإكساب الطلبة مهارات القراءة المختلفة المطلوب إتقانها للدخول في هذه الاختبارات، والسبب الآخر الأكثر أهمية أن عمليات التطوير لنظامنا التعليمي التي بدأنا في تنفيذها تحتاج إلى وقت طويل لتظهر آثارها على مستوى مهارات الطلبة وتحسين نتائجنا في الاختبارات الدولية.

وعليه اقترح على مقام وزارة التعليم إذا كان ذلك ممكنا الاعتذار عن المشاركة في اختبار دراسة التقدم الدولي في القراءة PIRLS لهذا العام 2021 للحيثيات التي أشرت إليها في ثنايا المقال، والتركيز في السنوات الخمس القادمة على البرامج المتعلقة بهذا الاختبار وغيره من الاختبارات الدولية في العلوم والرياضيات، وستكون نتائجنا في الدورة القادمة مقياسا حقيقيا للحكم على مدى نجاح وفاعلية نظامنا التعليمي، بعد أن أمضينا قرابة خمس سنوات من التطبيق الفعلي للنظام في صورته الجديدة.

drAlshreefTalal@