وليد الزامل

المدن الذكية ومستقبل التنمية!

السبت - 09 أكتوبر 2021

Sat - 09 Oct 2021

تعد المدن الذكية أحد المفاهيم الشائعة والتي ظهرت نتيجة الثورة المعلوماتية وما صاحبها من تطور في البيئة الرقمية وأنظمة الاتصالات، وتسعى المدن الذكية إلى استشراف مستقبل واعد للمدن من خلال تسخير البنية الرقمية والتطور في أنظمة الاتصالات لتوفير بيئة حضرية مستدامة تحقق أعلى درجات الشعور بالراحة والسعادة.

لقد تأثرت المدن في القرون الماضية بالتطور الصناعي، حيث توسعت المدن لتتحول من بلدات صغيرة إلى مدن مترامية الأطراف؛ وجاء ذلك نتيجة تطور أنظمة النقل والمواصلات وتضاعف وسائل الإنتاج، أصبحت العديد من المناطق السكنية قادرة على التموضع في الضواحي بعيدا عن صخب المدينة والأنشطة الصناعية، ثم ظهرت الأبراج السكنية العالية كأحد نتائج التطور في تقنيات البناء والكهرباء والذي سمح بتوظيف المصاعد والبناء الرأسي، وصولا نحو التحول لمزاولة العديد من الأنشطة والأعمال من المنزل اعتمادا على تطور أنظمة الاتصالات والبنية التحتية الذكية.

تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 55% من سكان العالم يعيشون في مناطق حضرية، وهي نسبة من المتوقع أن ترتفع إلى 68% بحلول عام 2050، ومن المتوقع أن تستحوذ المدن الخليجية على معدلات مرتفعة للتمركز السكاني في المناطق الحضرية على مستوى العالم وبنسبة تتراوح بين 80% و100%.

وسوف تواجه إدارات المدن تحديات كبيرة في إطار الحصول على الغذاء وموارد المياه والطاقة؛ لذلك أصبحت الحاجة ملحة لاستغلال التطور في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتخطيط لبناء مدن ذكية ومستدامة.

محليا، وفي ضوء رؤية المملكة 2030 أكد الهدف الاستراتيجي رقم (1.3.2) لبرنامج التحول الوطني على «ضرورة الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة في المدن السعودية»، ويشمل ذلك تقديم المرافق العامة والبنية التحتية وتطبيق مفاهيم المدن الذكية؛ وذلك بأن تواكب الخطط العمرانية مع التطور السريع في البيئة الرقمية وأنظمة الاتصالات، وهكذا أصبح دور المخطط العمراني اليوم يتمثل بتطوير سياسات عمرانية تؤكد على استغلال هذا التطور التقني وتسخيره في تحسين مستويات المعيشة والاستخدام الأمثل للموارد، وتطوير أنظمة الطاقة والنقل، والتخلص من النفايات، وتوفير بيئة آمنة بأقل قدر من معدلات التلوث.

إن عوامل نجاح المدن الذكية يمكن أن تتحقق من خلال تطوير العلاقة بين الإنسان والمدينة باستخدام البنية الذكية، بحيث تتم إدارة كافة الخدمات والأنشطة في المدينة عبر أنظمة الكترونية ذكية، ويمكن أن يتفاعل السكان مع الخدمات والمرافق في المدينة باستخدام الهواتف الذكية وهو ما يؤدي إلى تحسين أساليب الحياة وخفض التكاليف.

ويتأثر النسيج العمراني والاقتصاد والإدارة الحضرية وأنماط الإسكان وأنظمة النقل ونوعية الخدمات وكميتها بالتحول نحو المدن الذكية، حيث يتجلى ذلك بتقليل الارتباط المادي بالمكان، على سبيل المثال تساعد منصات الحكومة الالكترونية بتقليل الحاجة إلى توفير الخدمات العامة أو فروع لإدارات حكومية وهو ما يسهم في ترشيد الإنفاق الحكومي، كما تسهم إشارات المرور التي تتصل بأجهزة استشعار بضبط توقيت الاستجابة في حركة المرور وتقليل التدفقات المرورية في الشوارع، وتعمل أنظمة الاستشعار في تحديد السعة المتاحة لمواقف السيارات دون الحاجة إلى البحث عن موقف وهو ما يوفر الوقت والجهد، وتعمل أنظمة الري الذكية على تحسين أساليب الإنتاج الزراعي داخل المناطق الحضرية؛ كما تعمل الأنظمة الذكية للتخلص من النفايات بإرسال بيانات إلى شركات إدارة النفايات لتحديد مواعيد جمع النفايات وهو ما يسهم في ترشيد الإنفاق واستدامة المدن.

@waleed_zm