فهد عبدالله

رفاهية التصورات المتفائلة

الاحد - 03 أكتوبر 2021

Sun - 03 Oct 2021

لو كنت في موقف ما وتعرف يقينا أيا كانت المحاولات أو الكيفيات بأن هناك نتيجة حتمية غير مرغوبة ستقع وتعرف في قرارة نفسك أنه سواء كنت في حالة متفائلة أو متشائمة ستكون النتيجة واحدة، كيف تتصرف وتتعايش وتتعامل مع هذا الموقف؟ أعتقد أنه موقف صعب جدا أن تبقى في حالة تفاؤل ولديك يقين لا شك فيه بالنتيجة غير المرغوبة، ولكن دعني أحاول أن أثبت لك أن التفاؤل والإيجابية في جميع الأحوال تكسب وتجعل صاحبها في رغد من التفاعلات الحياتية الصائبة.

سأحاول هنا كتابة خمسة محاور ودوافع تجعل من الإيجابية ليست مجرد خيار من ضمن خيارات طريقة العيش في الحياة وإنما هي منهجية ودستور لمن تدارك الإدراك مبكرا، وتنامت لديه المعرفة من خلال النصوص المقدسة أو التاريخ أو تفاصيل التجارب الشخصية الماضية.

1 - أول تلك المحاور وأكبرها ذلك السؤال الكبير الذي يستحق أن تكون إجابته فقط من خلال التأمل والتفكر، ما هو الوزن الزمني للحياة في الدنيا في سلسلة وجودك القديم فيما قبل أن تظهر على هذه الدنيا وبعد أن تغادر منها، وهل هذه القيمة الزمنية المتناهية في الصغر تستحق أن تتزاحم بما هو نقيض الإيجابية؟ دائما تأملات الصورة الكبيرة تجدد الفكر بتصحيحات قد لا تكون موجودة من قبل.

2 - مع وجود كل الإرهاصات التي قد تنبئ بالهزيمة إلا أن تبقى معلقا بالأمل خير لك من أن تنهزم باليأس قبل موعد الحسم، أدنى ما فيها أنك عشت بالأمل ورفاهية التصورات المتفائلة وأعلاها ارتباطك بخالق الوجود الذي يقول (إن مع العسر يسرا).

3 - هل يمكن أن تتصور مثلا أن جميع تفاصيل الحياة التي ستعيشها ستكون كما يقال وردية مثلا أو ارتفاعات بدون انخفاضات، أعتقد أن في قرارة النفس استقرارا لمعنى التقلبات وأنه كما سيكون هناك فرح وإنجاز سيوجد أيضا حزن وفشل وهذا الأمر يقودنا لتلك الكيفية المتألقة التي حدثنا عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) أيا كانت الحالة التي تمر بها فالنتيجة خير، بالله حدثني عن مدى هذا العمق الفكري والنفسي الذي يجعل من جميع السيناريوهات تذهب إلى خير.

4 - تناغما وتماهيا مع السنن الكونية التي أوجدها الخالق في الكون فاليأس والسلبية في عداد المنهيات (ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)، أعتقد أن هذه الآية الكريمة بها تأملات عديدة تستحق استدامة التأمل والنظر فارتباط اليأس من روح الله بصفة القوم الكافرين يعظم من شأن مخاطر السلبية.

5 - أخيرا ومن واقع البحث العلمي الطبي وفي الأدوية التي توصف بالبلاسيبو (Placebo) وهو دواء وهمي لا يحتوي على مادة تعالج المرض وإنما الهدف منه محاولة الاستشفاء من خلال التصورات الذهنية الإيجابية كما ذكرها الدكتور جو دسبنزا في كتابه أنت البلاسيبو، والذي يؤكد أن الإيمان والتصورات الذهنية تذهب بالإنسان في الطريق الذي كان مرسوما في تلك التصورات السابقة.

أعتقد أن أمر الإيجابية والتصورات المتفائلة ليس مجرد أسلوب حياة صحي وإنما يقع خلفها أسرار كونية لا يمكن معرفتها حق المعرفة إلا بالتطبيقات المستمرة والبراهين التي تمتلئ بها روحك من خلال التجارب الميدانية الذاتية.

fahdabdullahz@