ريما رباح

كبار الهمة.. أصول معمرة أم عبء مجتمعي؟

الأربعاء - 29 سبتمبر 2021

Wed - 29 Sep 2021

تمكين الشيخوخة.. الكهولة النشطة..‏ المجتمعات السعيدة هي الأكثر ملاءمة للمسنين.. الاندماج الاجتماعي بين جميع الفئات تصنفه المجتمعات المتقدمة (قضية محورية) بما يوجب الأخذ في الاعتبار الطابع الدائري والمتبادل بين الكبار والصغار من خلال تطوير الخدمات التي تزيد التواصل الفعال وترفع احتمالات التبادل الاجتماعي بالإضافة إلى معالجة العوامل التمييزية ضد الشيخوخة، والمعيقة للدمج المجتمعي مع توفير مزايا النقل العام والخصومات في المطاعم والأماكن الترفيهية، وتعزيز إمكانية الوصول إلى التعليم المستمر عبر الجامعات المجانية أو شبه المجانية بما يكفل مشاركة كبار السن في كل مناحي الحياة في المجتمع؛ فتحسين رفاههم هو من ركائز التماسك والتضامن بين الأجيال وتعزيز الجودة الشاملة للمجتمع.

‏في أمس يمس أمسية قريبة كان مجرد قبول جلوس الصغارعلى طاولة طعام الكبار (امتياز) يفاخر الطفل الذي يحوزه به أقرانه، طفلة في السادسة سحرها كلام طبيب في الستين من عمره عن الدول القديمة فطلبت من والدها أن يستأذن لها بالجلوس معهما كل أسبوع وحين نالت شرف الموافقة كان في حياتها (يوم من التاريخ) وكانت ملهمة حظيظة فلقد حازت بتلك الهبة مدخلا إلى البوابات الإدراكية والسموات المعرفية.

وفي يوم يطل حينا كلنا سمع بعض النكات الشائعة على ذلك المتقاعد التي تنحصر حياته بأن يدور بين غرف المنزل ليطفئ الأنوار وهو المراقب الثقيل الذي لا فائدة منه؛ فمن منا لم يلمس الاستياء من منظر الكبر في العمر والذي يبلغ حد التذمر الصريح كإلقاء اللوم في التقدم البطيء لحركة السيرعند بوابة الكترونية أو في قيادة السيارة عند إشارة المرور على أحد من كبار السن، هذه أحد الصور النمطية والتمييز ضد الأشخاص على أساس سمة واحدة: تقدمهم في السن!

التكامل الاجتماعي لكبار السن في بيئاتهم المكانية هو في حاجة إلى منظور متعدد التشعبات وأبعاد التخصصات وشامل بما يتضمن خصائص المسنين واحتياجاتهم وإمكانياتهم وطموحاتهم ضمن البيئة المحيطة والتفاعل بينهما.

مع ارتفاع معدل الأعمار وتقدم جودة الحياة هل يفيدنا استمرار الصور النمطية السلبية للشباب تجاه كبارنا؟ هل الأنسب الاستفادة من حكمة الأشخاص ذوي الخبرة من أجل التنمية الوطنية؟ أم الأفضل حصر قيمتهم الحياتية في الطهي ورعاية الأحفاد يا ترى؟

القدرات الكامنة هي خيار استراتيجي للاقتصاد إذا نجحت الإدارات في المؤسسات التعليمية والبحثية وقطاع البنوك والشركات والإعلام والمنظمات الاجتماعية في الاستفادة من خدمات كبار السن كمستشارين فقد حققت فرصة عظيمة لتحويل الكبار إلى (ثروة وطنية)!

السؤال: ماذا يكلفنا إنشاء بيت للأنشطة الترفيهية لكبار العمر، حيث يتطوع الشباب ويستزيدون من حكمة (التاريخ الحي) في كل حي من الأحياء السكنية؟

(الستون هي الأربعون الجديدة)!

‏كبار الهمة أصول معمرة أو عبء مجتمعي؟ اليوم مع عمليات التجميل التي غزت وجوه الصغار قبل الكبار وتسليط الضوء على مثالية الشكل في الإعلام على حساب المضمون وترندات مشاهير التواصل الاجتماعي نجد تأسيسا للصورة الذهنية السلبية السائدة تجاه كبار العمر والهمة والقدر، السؤال: هل عملية التجميل وضعت نمطا لما يجب أن يكون عليه المشهد في الشارع؟ أم هل نحتاج قريبا إلى التجميل لمنظومتنا الأخلاقية؟!

ومضة على هامش الهمزة: التمييز العمري هو الشكل الوحيد للعنصرية الذي سوف نتجرعه جميعا.. فقط إذا ما قدر لنا الحياة لتكون طويلة بما فيه الكفاية!

RimaRabah@