نمر السحيمي

إيران ماذا بعد؟

السبت - 18 سبتمبر 2021

Sat - 18 Sep 2021

تتدخل إيران منذ ثورة الملالي في الدول العربية والآسيوية والأفريقية... إلخ، وتنشر الشر الذي تعتقده وتؤمن به في الدول والمجتمعات التي تستهدفها.

لكن ماذا بعد...؟

لقد ملّت الرؤوس المعممة الحاقدة على كل ما فيه إعمار لأرض الله من خسارة تدخلاتها المباشرة في كل الدول التي لوثتها هذه التدخلات، والآن تتجه إيران اتجاها استراتيجيا نحو دعم الإرهاب وبعث ما يسمى بتنظيم القاعدة من خلال تهيئة الأرض المناسبة لتكاثر العناصر الإرهابية.

ولقد استطاعت إيران خلال أقل من سنة هي وبعض دول محور الشر التي تتبعها أو تؤيدها بالخفاء أن تختار أفغانستان لتكون ميدان الجريمة القادمة، وكان الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وتنصيب طالبان على رأس الحكم في كابول هو بداية المستنقع الآثم الذي تتواصل ملامحه بالظهور للعالم الآن.

طالبان تلك الفئة التي لم تستسلم للقوات الأمريكية طيلة أكثر من عقدين حلت وبكل سهولة مكان الجيش الأمريكي لتحكم أفغانستان وترفع علم إمارتها الإسلامية معلنة بالتلميح أنها على نفس النهج السابق الدكتاتوري الكامل بينما يتساءل المتابع كيف هذا وقد كانت هناك عدة مباحثات مع وفد طالبان في قطر وإيران وموسكو؟ هل طالبان ستعود كما هي بموافقة أمريكا وروسيا؟ ولا يمكن أن يجد المتابع الإجابة حاليا بل ستكون إجابته من خلال قراءته للواقع.

لقد عادت طالبان بنفس الفكر واللباس كما أنها فاوضت بنفس الفكر واللباس، لكن ما لن يصدقه أحد أن تلك العودة هي قبول لعودة حكم إسلامي في أفغانستان كما تروج له طالبان؛ فلا يمكن لأمريكا وروسيا وإيران أن تقبل بوجود حكم إسلامي رشيد في أفغانستان؛ وما يحصل ما هو إلا مسرحية استطاعت دول محور الشر أن تجعل الممثلين هم عناصر طالبان فتقدمت هذه العناصر للتمثيل مع بقاء اللحى والحرص على تأكيد ستر المرأة بالحجاب الكامل.. إلخ. وفي أثناء مشاهدة العالم لهذه المسرحية الطالبانية يقدم المخرج المعمم عناصر تنظيم القاعدة ليظهر هذا التنظيم في هذه المسرحية..

والحقيقة أن بعض أدوار الممثلين سواء كانوا طالبان أو تنظيم القاعدة لم تظهر بعد؛ لكن الأمر يؤكد بداية مستنقع آسن واستهداف خطير لمجتمعات ودول محددة، وسيكون لهذا الاستهداف آثاره الأليمة والمحزنة على جميع دول العالم إن لم يواجه الفكر السياسي العالمي المتعقل هذا المخطط.

إن برامج التنمية العالمية وإنعاش الاقتصاد العالمي بعد جائحة كورونا سيتعرض لما هو أسوأ لو استمر المخطط الإيراني في أفغانستان وسيكون أول المتضررين هي تلك الدول العظمى التي باركت نشوء هذا المستنقع.

ولا زالت الفرصة متاحة للحد من حركة عجلة التطرف والإرهاب التي بدأت بالدوران في أفغانستان إن كان في العالم بقية من العقلاء وإلا فإن مشاهد الدمار والخراب الناتجة عن فوضى الإرهاب ستعاود الظهور ليس في بلادنا العربية فحسب بل في كل دولة يتنفس فيها الإنسان.

ولا شك أننا في المملكة جزء من هذا العالم، ولابد لنا من مواجهة جادة مع من شوهوا الفكر الإسلامي الأصيل الذي يحمل راية السلام على الأرض، مع يقيننا أن أولئك الأعداء الذين أساؤوا للدين الإسلامي الوسطي السمح لن تنجح مخططاتهم وأن تاريخ هذه المخططات يؤكد دمارهم في نهاية المطاف، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

إن رؤية المملكة 2030 رسم فيها النفع للجميع بمشاركة دول الجوار وكل دول العالم التي تسعى للاستقرار والازدهار والنمو الاقتصادي وكل ما فيه الخير للإنسان، تلك الرؤية التي لم تتأثر برامجها بكل الأحداث المعاصرة خلال السنتين الماضيتين ما يؤكد أن الرؤية لم تهمل دراسة الاستراتيجيات والمستقبليات كمخاطر أعدت لها كل الاحتياطات اللازمة بإذن الله.

alsuhaimi_ksa@