بندر الزهراني

تساؤلات حول الاعتمادات الأكاديمية

السبت - 11 سبتمبر 2021

Sat - 11 Sep 2021

في اليومين الماضيين كنت أبحث في شبكة المعلومات وأقرأ عن موضوع الاعتماد الأكاديمي، وكنت أعتقد أن الهدف الأسمى من حصول جامعاتنا عليه (أو على الأقل الهدف الواضح) هو جعلها قابلة للتخصيص بما يتوافق مع نظام الجامعات (الجديد)، بحيث تصبح كلها جاهزة وقادرة على المنافسة، بمعنى أن تفوز هذه الجامعة أو تلك بثقة واختيار الطلاب وأولياء أمورهم عند التسجيل، وثقة المانحين والداعمين عند التبرع والعطاء، وهذا بالطبع ما يجعل للاعتماد قيمة ومعنى، وما عدا ذلك فإن كل الجهود المبذولة في سبيل نيل الاعتماد -إن أحسنا الظن- تظل مجرد محاولات عادية، لا مردود لها في واقع العمل الأكاديمي، أو لعلها تندرج تحت ما يعرف بـ «ضياع التعب».

معظم الجامعات المحلية التي مررت على مواقعها الالكترونية في قراءاتي المتأنية لهذا الموضوع، وجدتها لا تعي ما الذي تريده من الاعتماد الأكاديمي، وإذا وعت المعنى أو شيئا منه فليس لديها القدرة على تصور نتائج ما تقوم به، ولو قلنا جدلا إنها بالفعل تستطيع توقع وتصور النتائج فإنها لا تدري ما الذي ستفعله إن سقط الاعتماد فجأة هكذا بين يديها، أتتفاخر به برهة من الزمن ثم تدسه مع الغبار على أرفف مكاتب مسؤوليها أم أنها تستمر في دفع رسومه للمعتمدين الدوليين وتجدده في كل عام!

هلموا نتساءل قليلا (فالتساؤلات بلاش): ما الذي سيحدث لو لم يحصل قسم معين على الاعتماد الأكاديمي! هل يغلق القسم ويلغى التخصص ويسرّح العاملون فيه؟ وفي المقابل ما الذي سيجنيه هذا القسم إن حصل على الاعتماد الأكاديمي؟ هل نتوقع مثلا أن يتوافد عليه طلاب أسكندنافيون أو صينيون ويابانيون! وهل ستصبح مدخولات القسم وعائداته المالية مغرية جدا، وبالتالي تكثر العطايا والهبات! وهل ستتغير طرق التدريس والمناهج وتنضبط العملية التعليمية! طبعا لا هذه ستحدث ولا تلك، على الأقل في المنظور القريب.

ماذا سيحدث إذن! ستعاد الكرّة، مرة تلو المرة، وستعلو أصوات المستنفعين لإقامة الدورات والورش والبرامج المستهدفة للاعتماد الأكاديمي، دون دراسة حقيقية لأثره على المؤسسات التعليمية قبل وبعد الحصول عليه، ودون أن نعرف ما لنا وما علينا، فمثلا لو حصلنا على اعتمادات أكاديمية دولية: هل ذلك سيوفر للخريجين فرصا حقيقية في التنافس على العمل محليا ودوليا وبالتالي الحد من ظاهرة البطالة بين خريجي الجامعات! وهل سيقبل مبتعثونا بكل يسر وسهولة في جامعات عالمية لها نفس الاعتمادات! أم أنها تظل مجرد شكليات تستنزف مواردنا المالية في غير ما فائدة!

هل نترك الاعتماد الأكاديمي كله على أساس أن من عمل عليه في السابق لم يفهمه ولم ينجزه كما يفترض وكما كنا نأمل ونتوقع!، لا، ولكن قبل الحديث عن الاعتمادات الجديدة يجب أن نتوقف قليلا، ثم بـ (نزاهة) وشفافية نفتح ملفات اللجان السابقة التي عملت في برامج الاعتماد الأكاديمي، ووضعت لها الخطط الاستراتيجية، وحصلت على مكافآت مالية وامتيازات وظيفية، ولم تنجز عملها على الوجه المطلوب، خاصة في الجامعات الكبيرة، ثم بعد ذلك نبدأ مرحلة جديدة من التصحيح، حازمة وجادة، ولا مجال فيها للتسامح والمجاملات.

ولا بد أن نكون واضحين في مسألة أهداف الاعتماد الأكاديمي وما يصاحبها من حوافز، كأن نقول: إن الاعتماد إذا تم لهذا القسم أو ذاك فإن أساتذته مؤهلون للحصول على مزايا التميز، وبدلات التعليم الجامعي، والتمتع بكل امتيازات الجامعة من تجهيزات معملية، وحضور مؤتمرات عالمية، وأن طلابه يختارونه طواعية، لا أن نزج بهم فيه زجا لسد وملء الفراغ، ما لم يحدث هذا أو شيء منه فإن الاعتماد الأكاديمي سيتحول إلى ما يشبه محاولات «فرانك أباغنيل» في فيلم «كاتش مي إف يو كان».

drbmaz@