عبدالله قاسم العنزي

جريمة الغش التجاري

الاحد - 15 أغسطس 2021

Sun - 15 Aug 2021

إن لفظ الغش كثير الاستعمال خاصة في المجال التجاري إلا أننا نلاحظ في أغلبية التشريعات لا تستعمل هذا اللفظ وإنما تستعمل ألفاظا أخرى للدلالة على الغش مثل المنتج المغشوش، وكصنع وخدع وعبأ وحاز منتجا مغشوشا وغش أو شرع في الغش.

والمنظم السعودي أصدر نظاما خاصا لمكافحة الغش بالمرسوم الملكي رقم (م/19) وتاريخ 1429/4/23هـ ويتضمن 30 مادة عرف في بعض مواده بالمنتج المغشوش وهو كل منتج دخل عليه تغيير أو عبث به بصورة ما مما أفقده شيئا من قيمته المادية أو المعنوية سواء كان ذلك بالإضافة أو بالإنقاص أو بالتصنيع أو بغير ذلك في ذاته أو طبيعته أو جنسه أو نوعه أو شكله أو عناصره أو صفاته أو متطلباته أو خصائصه أو مصدره أو قدره سواء في الوزن أو الكيل أو المقاس أو العدد أو الطاقة أو العيار، وكل منتج غير مطابق للمواصفات القياسية المعتمدة أو كل منتج لم يعد صالحا للاستغلال أو الاستعمال أو الاستهلاك يعتبر منتجا مغشوشا وكل من مارس هذه الجريمة التي نصت عليها المادة الثانية من نظام مكافحة الغش يعاقب بغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال أو السجن مدة لا تزيد على سنتين أو بهما معا.

وإذا أردنا أن نؤطر مفهوم هذا المصطلح فإن فقهاء القانون يعرفون الغش التجاري بأنه «كل فعل عمدي إيجابي ينصب على سلعة معينة أو خدمة ويكون مخالفا للقواعد المقررة في التشريع أو في أصول الصناعة متى كان شأنه أن ينال من خواصها أو فائدتها أو ثمنها».

وفقهاء الشريعة يعرفون الغش كما عرفه الحنفية بأنه «كل ما ينقص ثمن المبيع ولم يره المشتري»، وعرف المالكية الغش بأنه «علم البائع بالعيب في الشيء المبيع ثم يبيع دون أن يذكره للمشتري»، وعرفوه أيضاً بأن «يفعل البائع في المبيع فعلا يظن به كمالا فلا يوجد»، أما الشافعية يعرفون الغش بأنه «كتمان عيب السلعة عن المشتري»، والحنابلة يعرفون الغش بأنه «كتمان العيب عن المشتري مع علمه به أو غطاه عنه بما يوهم المشتري عدمه ولم يعلم به المشتري»، وإذا نظرنا إلى تعريف فقهاء الشريعة نجد أن الضابط هو النقص وعيب في المبيع وكتمان هذا العيب بحيث لو علم به المشتري امتنع عن شرائه.

وهناك حقيقة لا نستطيع التغافل عنها بأن أغلب من يمارس جريمة الغش التجاري التي يكون ضحيتها المستهلك السعودي هم من العمالة الوافدة التي لا تعمل بصورة نظامية فقد تناقلت وسائل الإعلام بأن وزارة التجارة أحالت 228 قضية غش تجاري إلى النيابة العامة خلال النصف الأول من 2021م وهذا ما طفى على سطح الإعلام والخافي أعظم والذي لم يضبط من قبل الجهات ذات العلاقة كثير ولا تزال أسواقنا مليئة بالمنتجات المغشوشة.

وعودة إلى تعريف فقهاء القانون وتعريف المنظم السعودي للمنتج المغشوش نجد أن أركان جريمة الغش تتمثل في الأفعال الإيجابية الواردة على السلعة من تغيير أو إنقاص أو خداع ونحو ذلك أما الركن المعنوي فيلزم أن يتوفر القصد الجنائي لاعتبار أن جريمة الغش التجاري من الجرائم العمدية، وهذا ما تمارسه العمالة المخالفة للكسب السريع –على أية حال– يجب أن تتضافر جهود الجهات المعنية مع تعاون المواطنين في الإبلاغ عن المنتجات المغشوشة أو أوكار تصنيعها.

expert_55@