حامد محمد الهرساني

تسريع إنجاز القضايا: تفعيل المادة (45) من نظام المرافعات مثالا

الأربعاء - 27 يوليو 2016

Wed - 27 Jul 2016

ضبط سرعة التقاضي تحد كبير للقضاة، فالقاضي يوازن بين سرعة البت في القضية، والاستعجال الذي تضيع معه حقوق أحد الخصمين، فمن التأني ما هو مطلوب لمصلحة إظهار العدالة، كإمهال أحد الخصوم لإحضار شاهد غائب، ومن التأخر ما يضر بالخصوم كالتأخر الحاصل من طول إجراءات التقاضي والذي يمكن تلافيه بحلول كثيرة، وسأتطرق لمثال واحد من تلك الحلول وبشكل موجز، فالتقصي غير ممكن في هذه المساحة الضيقة.

فن إدارة القضايا من أهم ما يساهم في سرعة إنجازها، فمن فن الإدارة - مثلا - تفعيل المادة (45) من نظام المرافعات التي تطالب المدعى عليه بأن يودع مذكرة بدفاعه قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بثلاثة أيام أو يوم على الأقل بحسب نوع المحكمة الناظرة للدعوى؛ الأمر الذي يعطي القاضي تصورا كاملا للقضية قبل انعقاد أولى جلساتها، بحيث يكون قد اطلع على صحيفة دعوى المدعي، وجواب المدعى عليه قبل مثول الطرفين للتقاضي، وهو خلاف ما يحصل الآن من صياغة صحيفة دعوى مختصرة جدا، ثم تقديم مذكرة مطولة في الجلسة الأولى - على فرض تبليغ المدعى عليه وحضوره -، ثم طلب المدعى عليه مهلة للجواب في الجلسة الثانية (التي تكون بعد الأولى بشهرين أو ثلاثة أحيانا)، مما يعني أن الصورة الأولية لا تتكون للقاضي إلا بعد شهور من افتتاح التقاضي، مع العلم بأن الصورة الأولية من الأهمية بمكان، إذ إنها تتيح للقاضي توجيه القضية وحصر النزاع فيها، بل قد يحكم القاضي فور حصول التصور الأولي له، لا سيما إن ظهرت له عيوب شكلية في الدعوى كعدم صفة أحد الأطراف، أو عدم اختصاص المحكمة.

فلو تم إلزام المدعي بتفصيل موضوع دعواه وطلباته وأسانيده بحيث تشتمل صحيفة دعوى المدعي على كل ذلك بشكل واف، بدلا من الاختصار المخل الذي يحصل الآن وتأخير التفصيل في ذلك لأول جلسة، بالإضافة إلى تقديم المدعى عليه جوابه المكتوب قبل الجلسة بثلاثة أيام أو يوم بحسب نوع المحكمة الناظرة للدعوى؛ لحصل للقاضي التصور المبدئي قبل الترافع، ولاستطاع على إثر ذلك توجيه الترافع حول النقاط المفصلية في القضية، ولاستقطع من القضية الوقت الذي يضيع بسبب طلب المدعى عليه مهلة للرد من أول جلسة.

ويجدر بالذكر أن المادة (45) من نظام المرافعات من المواد المعلق العمل بها لتاريخه، وذلك بحسب التعميم القضائي رقم (13/ت/6219) وتاريخ 18 /6 /1437هـ، وتفعيلها سيصب في مصلحة العدالة الناجزة، وسيساهم في تسريع إنجاز القضايا والحكم فيها.