ياسر عمر سندي

ثقافة القيادة الهجينة

الأربعاء - 04 أغسطس 2021

Wed - 04 Aug 2021

القيادة والإدارة مفهومان تنظيميان يخلط بينهما الكثيرون؛ ولتوضيح اللبس فإن «كل قائد مديرا وليس كل مدير قائدا»؛ بمعنى أن القائد هو الموظف الذي تم ترشيحه أو تعيينه على مستوى الإدارة الوسطى أو العليا بمنحه الصلاحية وتكليفه المسؤولية ليمارس إشرافه الإداري بوظائف تخطيطية وتوجيهية ورقابية وتنسيقية؛ وهي بطبيعة الحال مهام يمارسها المديرون؛ لكن هنالك حالة أثيرية وتأثيرية قليلون من يتقنونها وهي «الكاريزما الشخصية» لتنقل صاحبها من النمط الإداري إلى التأثير القيادي؛ هذا هو الفرق الجوهري بين المفهومين؛ فالقائد يدير المهام بالعلم والخبرة والشخصية داخل المنظمة وخارجها ويستطيع أن يسيطر على قلوب وألباب الموظفين بالتركيز على مبدأ تكوين الأحباب وليس ممارسة الرهاب.

القيادة الهجينة Hybrid Leadership فكر تطبيقي حديث يدمج بين أسلوبين لأداء العمل راج مؤخرا بسبب جائحة كورونا التي قسمت المهام بين موظفين يعملون عن بعد وآخرين يؤدون أعمالهم من داخل المنظمات مما أحدث فجوة في العلاقات الإنسانية بين الموظفين فيما بينهم وبين رؤسائهم.

القائد الهجين يظهر دوره في تقليص الفجوة بأسلوبه الإيجابي المؤثر بالتفاهم والتقدير التي يضعها مع الموظفين لصياغة استراتيجية قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى مع فريقه، بالإضافة إلى بناء آليات الاتصال الفعال باعتماد ممارسات ناجحة يحافظ بها على مستوى الإنتاجية المتوقع مع خفض معدل التكاليف المرتفع.

العمل الإبداعي مع قائد الفريق الهجين يصنع التميز المؤسسي والاحترافية التنظيمية وكما أسلفت فإن القائد لديه مهمة أثيرية وتأثيرية أي أنه يمتلك الجاذبية والقبول لتجميع الفريق بين البعيدين والقريبين من الموظفين في بيئة عمل افتراضية Virtual Environment وكذلك واقعية Environment Actual التي تتطلب علاقة ترابطية قوية تبدأ بتحليل المشكلات قبل وقوعها، وهو ما يسمى بالاستشراف الوقائي من الاختلافات والصراعات بفريق العمل بعقد اجتماعات مستدامة للاستماع لوجهات النظر الجماعية وإيجاد الحلول الممكنة لضمان تماسك الفريق والوصول به للأهداف التنظيمية العامة للمنظمة وكذلك الإدارية الخاصة للفريق.

من أهم الاستراتيجيات لقائد الفريق الهجين هو دعم الفكر الابتكاري والمعرفي ورعايته بتعزيز التدريب المستمر والعصف الذهني المتكرر لما له من نتائج محمودة لبناء الفريق وخلق روح الطموح وصناعة التفاؤل.

ومن الاستراتيجيات أيضا تفعيل مبدأ التفويض والتكليف المبني على أنماط الشخصية والسمات الفردية وتحليل السلوك البشري لكل عضو من أعضاء الفريق الهجين، فهنالك من يمتلك الشخصية المرنة وآخر لديه السمة في تحمل الضغوط وثالث لديه روح العمل الجماعي ورابع لديه القدرة على التحدي والمواجهة والحضور المتفرد؛ هذه التوليفة تساعد القائد على اكتشاف نقاط القوة ونواحي التحسين لمواجهة الأزمات واستدراك الطوارئ والمستجدات.

الوعي الذاتي مطلب أساس يحتاجه قائد الفريق الهجين، وهو أول قدرات التعامل بالذكاء العاطفي الذي يميز بين الفهم والإدراك للأنظمة والقوانين من عدمه ليتعامل بروح القانون أكثر من تطبيقه بحذافيره في مواقف معينة لكسب ولاء الفريق، وهذه من أهم النقاط التأثيرية التي يحتاجها أعضاء الفريق من قائدهم إنسانيا ومشاعريا لجلب حقوقهم والدفاع عنهم؛ فالقائد هو الميزان وحلقة الوصل بين متطلبات المنظمة ورغبات الموظفين، فالتباين في الظروف يستدعي من يقدرها.

التحفيز والدافعية يحتاج إليهما كل عضو من أعضاء الفريق الهجين؛ فالأولى حالة خارجية تصدر من القائد للموظفين بالعدل والثقة؛ والثانية حالة داخلية من الفريق للقائد تتعزز نفسيا تدفعهم لطرد الكسل ومضاعفة العمل إذا شعروا بالأمان والاطمئنان.

من وجهة نظري التنظيمية والمعرفية أرى أن العمل الهجين هو مستقبل الأعمال التي تحتاج إلى قائد يدرك معنى ثقافة الفريق الهجين.

@Yos123Omar