لبنان مشلول وحزين بعد عام من الانفجار

جارديان: الحدث مزق مدينة كانت تعيش على حافة الهاوية
جارديان: الحدث مزق مدينة كانت تعيش على حافة الهاوية

الأربعاء - 04 أغسطس 2021

Wed - 04 Aug 2021

قالت صحيفة «جارديان» الإنجليزية إن لبنان يعيش كلا من الشلل والحزن بعد عام كامل من الانفجار الذي أودى بحياة 218 شخصا، وجرح أكثر من 6 آلاف وشرد ما يزيد على 300 ألف لبناني.

وأشارت إلى أن الحدث الأليم الذي جرى في 4 أغسطس من العام الماضي، دفع إلى تمزيق مدينة كانت تعيش أصلا على حافة الهاوية، حيث أدت السحابة التي اتخذت شكل فطر بفعل الكيماويات إلى تغطية كل الحقائق في بيروت، ودمرت القوة الزلزالية للانفجار المنازل والشركات ونشرت أعلى درجات الرعب في العالم، ولم يحاسب المتورطون في هذا الحادث الجسيم حتى الآن، وما زالوا بعيدا عن العدالة.

ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أنه جرى تمييع التحقيق، بينما المرتكبون لا يزالون أبعد ما يكونون عن المحاسبة، وقالت: «الأسوأ من ذلك، أنه بالنسبة إلى معظم اللبنانيين، فإن المساعدات العالمية التي تم التعهد بها عقب الانفجار لا تزال منسية من قبل حكام البلد، الذين يفضلون الامتيازات الضيقة التي يحصلون عليها من نظام مشلول، على خطة دولية يمكن أن تنقذ البلد».

وتساءل أحد تجار مواد البناء في طرابلس نضال عثمان «من كان يظن أن وعاء التسول سيكون كبيرا جدا وفارغا جدا، لا بد أن العالم يضحك علينا. إنهم يريدون الأموال، لكنهم عوض ذلك تلقوا لكمة على وجوههم. وبينما هم يضحكون نحن نبكي».

وفي مقابل 11 مليار دولار من المساعدات، طالبت فرنسا بإصلاحات هيكلية، وبالشفافية على كل مستويات الإنفاق. ومليارات أخرى وعدت بها أوروبا شرط إجراء تدقيقات في حسابات المصرف المركزي، الذي كان دوره حاسما بالنسبة لثروة لبنان.

وفقدت العملة اللبنانية 15 ضعفا من قيمتها. وجعل التضخم الحاد الأطعمة الأساسية، خارج متناول معظم السكان. ولا يمكن العثور على أدوية أساسية، والجمعة توفيت طفلة في الرابعة من عمرها إثر لدغة عقرب لأن الترياق المضاد للسم غير متوفر. ولا يوجد ما يكفي من الوقود من أجل تغذية معامل الكهرباء أو مافيا المولدات التي كانت تسد الثغرة، فعمدت الأخيرة إلى فرض أسعار باهظة في مقابل تأمين الكهرباء.

وعوض أن يسفر عن خلاص، أتى الانفجار ليفضح العجز الوظيفي الكامل لدولة أخفقت في نياتها وأهدافها. ولا تزال طبقتها السياسية غير قادرة على تشكيل حكومة، ولا تزال تختلف حول حصصها من الوزارات التي تريدها جوائز لتعزيز إقطاعياتها.

وعلى نحو مشابه، فإن مؤسسات الدولة هي فاشلة أيضا، وانخفض احتياطي المصرف المركزي إلى ما دون المتطلبات الإلزامية، مما يعني وقفا فوريا للدعم الموجود لحماية الطبقات المتوسطة. وانضم اللبنانيون إلى السوريين وشعوب أخرى منسية في المنطقة، في ركوب قوارب للهروب من الظروف التي يعيشونها. ولا حل للحصول على صفقة إنقاذ دولية إلا بالتخلي عن نظام ساد لمدة 30 عاما منذ انتهاء الحرب الأهلية.

وفي الوقت الذي يحاول الشعب استيعاب الانهيار في لبنان، بدأ البعض الميل إلى وجهة نظر غير مستساغة مفادها أن المرتكزات الأساسية للدولة كانت تعتريها العيوب على كل المستويات. ومن الإمبراطورية العثمانية إلى الانتداب الفرنسي، إلى الوصاية السورية، والخراب الذي سببته الحرب الأهلية، ومن ثم النظام الريعي الذي تلا اتفاق الطائف الذي أنهى النزاع، فإن لبنان لم يمض قط في مسار سهل. لكن العقود الثلاثة الأخيرة قد وضعت الأساس لزواله.