موفق النويصر

هل توجد إرادة لإصلاح المؤسسات الصحفية؟

الاثنين - 02 أغسطس 2021

Mon - 02 Aug 2021

وصلتني مؤخرا عبر (الواتس اب) قائمة متداولة في جروبات ومنصات السوشيل ميديا، تدعي أنها رواتب ومكافآت وحوافز بعض من تعاقدت معهم وزارة الإعلام لتقديم خدمات واستشارات إعلامية لها ولقطاعاتها.

وهذه القائمة التي تجاوزت مبالغها حاجز الـ30 مليون ريال سنويا لنحو 20 قياديا بمساعديهم،-إن صحت أو لم تصح أرقامها-، فإنها تعيد طرح التساؤلات حول ملف «إصلاح الإعلام» وهل يسير بخطى حثيثة أم ما زال يراوح مكانه؟؛ لأن النتيجة حتى الآن «لم ينجح أحد».

كمنتم للوسط الإعلامي منذ سنوات طويلة عبر الصحافة المكتوبة، لم ألمس أي تحديث طرأ على هذا القطاع منذ 20 عاما، باستثناء اجتهادات فردية نفذتها بعض المؤسسات الصحفية على فترات متباعدة، لكنها تكسرت بين مطرقة منظومة عمل غير محترفة، وسندان تشريعات بالية.

وكمسؤول تعامل من موقع القيادة مع آخر أربعة وزراء إعلام، أدعي أنني حضرت عشرات الاجتماعات التي نوقشت فيها مختلف معوقات القطاع، واستمعت فيها لوعود وتطمينات عديدة بالإصلاح والتغيير، إلا أنه لم يتغير شيء سوى اختلاف من يطلق الوعود.

واقع الحال أننا ككيانات إعلامية معنية بهذا الشأن لا نعلم شيئا عما يدور في كواليس «الإعلام»، وما إذا كان هناك عمل حقيقي أو لا؟ لأنه لو كان هناك عمل فهو بالتأكيد ليس قريبا من الحل، لأننا لا نشعر بشيء يتغير من حولنا. وإن كان لا يوجد فالأولى بالوزارة أن تعيد النظر في آلية معالجتها لهذا الملف؛ لأنه منذ انطلاق قطار رؤية المملكة 2030 في أبريل 2016، لم نر للإعلام أي مشروع فعلي، سوى قفز مركز التواصل الحكومي على دور المؤسسات الصحفية.

الأكيد أن هناك حالة من عدم الرضا عن المشهد الإعلامي بالكلية، بدليل تغيير 4 وزراء إعلام في آخر خمس سنوات، ولا أعتقد أن هذا التغيير بسبب ضعف وترهل المؤسسات الصحفية فقط، بل نتيجة رداءة جميع المنتجات الإعلامية الأخرى من قنوات تلفزيونية، ومحطات إذاعية، ونشر الكتروني وحضور باهت في الخارج، وهوية مهزوزة بالداخل، ومن ينكر ذلك فهو جاهل أو مكابر.

وبالرغم من هذا السوء المتشعب إلا أننا لا نرى سهام النقد توجه سوى للمؤسسات الصحفية، فهل السبب أن جدارها قصير وبالتالي يستطيع أي من كان التسلق عليه؟ أم ما يتعذر قوله عن الإعلام الحكومي يستعاض عنه بجلد المؤسسات تحت قاعدة «إياك أعني واسمعي يا جارة».

لذا أتمنى على وزير الإعلام، الرجل النزيه المنصف، ألا يكتفي بآراء من حوله من مستشارين، حيث يبدو أن بعضهم قد «باع القضية» بعد أن تحلل من أعباء مؤسسته، وليستمع أيضا لمن يمارسون هذا العمل بشكل يومي، ويكتوون بنار تحدياته ليل نهار، ويحرصون على إصلاحه واستقامته أكثر من حرصهم على تحقيق مصالح ذاتية، كل في مجاله وتخصصه.

شخصيا ومن واقع خبرتي في المجال الصحفي، أجزم أن وزارات الإعلام السابقة تتحمل مسؤولية ما وصلت إليه مؤسساتنا الصحفية اليوم من سوء حال، كونها كانت صاحبة القرار في إصدار التشريعات والتنظيمات الكفيلة بإجبارها على التحول ومواكبة متغيرات كل مرحلة، إلا أنها اختارت أن تتجاهل ذلك طوال عقدين من الزمن.

وهذا بالتأكيد لا يعني دفع المسؤولية عن إدارات تلك المؤسسات، بل لديها من الأخطاء والسوء الشيء الكثير، يكفي أن قبولها بهذا الجمود دون الدفع نحو التغيير، يعتبر جريمة بحق صناعة الإعلام نفسها.

لذا فإصلاح ما أفسده السابقون يبدأ بإيجاد هيئة تعنى بتطوير الإعلام وتحديثه بدلا من الاكتفاء بمراقبته ومحاسبته، تحويل المؤسسات الصحفية لشركات مساهمة تمنحها المرونة في تنويع مصادر دخلها، السماح لصناديق الإقراض الحكومية بإقراضها لتطوير أوضاعها، استعادة السوق الإعلانية من مافيا الشركات الأجنبية، وضع ضوابط تحمي الإعلان الرقمي من تغول الشركات الأمريكية (قوقل وتويتر وفيس بوك وأخواتها)، تفعيل ملف الاشتراكات الرقمية مقابل خدمات إعلامية للجهات الحكومية، حماية المحتوى الإعلامي بتغليظ عقوبة السطو عليه، وأخيرا إعادة الموثوقية للمؤسسات الصحفية لتصبح جاذبة للسعوديين.. فهل تحقيق ذلك بالأمر الصعب؟ أم لا توجد إرادة حقيقية لتغيير حال تلك المؤسسات، وينتظر فقط موتها، دون عناء إطلاق رصاصة الرحمة عليها..؟

@alnowaisir