برجس حمود البرجس

فك الزحام وإعادة تطوير الأحياء القديمة

الثلاثاء - 27 يوليو 2021

Tue - 27 Jul 2021

لا بد وأن يأتي الوقت للعودة إلى الأحياء القديمة داخل المدن الكبيرة والتي لم تعد صالحة للسكن، وإحيائها من جديد، ولكن يبقى الهاجس الكبير هو ازدحام الطرق عن جذب البناء داخل المدن في أبراج سكنية بدلا من التوسع على أطراف المدن.

في كل الأحوال سكان المدن في تزايد والازدحام المروري أصبح أمرا ملحوظا على الطرقات الرئيسة داخل المدن الكبيرة، وهذه المشكلة لن تنحل إلا بعدة حلول من أهمها توسعة الطرق الرئيسة.

أيضا، المرافق الخدمية (مستوصفات وحدائق ومجمعات للأسواق) أصبحت من الماضي ولا تتناسب مع مفاهيم جودة الحياة؛ لأن زمننا هذا -والزمن المستقبلي- أصبح يتطلب تحسين المشهد الحضري والبصري وأماكن للمشي وصالات اللياقة وغيرها الكثير. في هذا المقال أتحدث عن مقترح لهيئات تطوير المناطق/المدن (الرياض، مكة المكرمة/جدة، الشرقية، والمدينة المنورة).

المقترح هو توسعة بعض الطرق الرئيسة في المدن من خلال زيادة عرض الطرق لتكون 8 إلى 10 مسارات لكل اتجاه، أتحدث عن طرق مثل الدائري الشمالي في مدينة الرياض وكذلك طريق الملك عبدالله وطريق الملك عبدالعزيز وأيضا الدائري الشرقي وما يشابهها. التوسعة لمعالجة مشكلة ازدحام السيارات وأيضا توفير المساكن للمواطنين وإضافة مرافق تواكب خطط جودة الحياة.

يتم ذلك من خلال نزع ملكية مبان بمسافة 200 إلى 300 م على جانبي تلك الطرق الرئيسة، فتتم توسعة الطرق مثل ما ذكرنا 8 إلى 10 مسارات في كل اتجاه، وبقية المساحة تقسم إلى قسمين، القسم الأول المجاور للطريق الرئيس حيث تبنى فيه عمائر تجارية ومجمعات بلازا ومطاعم وأسواق تموينات غذائية وخدمات رياضية وغيرها، والقسم الثاني وهو خلف القسم الأول ويطل على الأحياء، وتبنى به مجمعات سكنية 4 إلى 6 أدوار بشكل طولي على طول الطريق، ويكون من الجهتين.

بذلك يكون الطريق الرئيس بعد اكتمال المشروع مكونا من مسار عريض جدا للسيارات في المنتصف، وعلى جانبيه عمائر تجارية ومجمعات بلازا وخدمات مشابهة، وعلى الأطراف تكون مجمعات وأبراج سكنية -شقق.

توسعة الطرق ستفي بتحقيق الأهداف المذكورة بالإضافة إلى فسح المجال لإعادة إحياء الأحياء القديمة وبناء مجمعات سكنية نموذجية بدلا من المباني القديمة المهجورة والآيلة للسقوط وغير القابلة للسكن.

أعني هنا إعادة بناء الأحياء القديمة وأيضا بناء أبراج سكنية مجاورة للتجارية على أطراف الطرق الرئيسة لتصنع جدوى لمشروع نزع الملكيات وتوسعة الطرق الرئيسة. بحسبة سريعة على طول الدائري الشمالي في مدينة الرياض والذي يبلغ طوله 28 كلم من مدخله شرقا من طريق الدمام حتى نهايته غربا قرب الدرعية، وعلى جانبي الطريق، يمكن توفير من 40 ألفا إلى 50 ألف شقة سكنية، هذا مع الاعتبار لمساحات التقاطعات العرضية والخدمات.

كذلك لطريق الملك عبدالله بالرياض والذي يبلغ طوله حوالي 20 كلم وهما طريقان شرق-غرب. أيضا طريق أبي بكر الصديق، وطريق الملك عبدالعزيز، وهما شمال-جنوب من طريق الملك سلمان حتى طريق خريص، وكلاهما 20 كلم. هذه الطرق الأربعة يمكن توفر من 120 ألفا إلى حوالي 160 ألف شقة سكنية، ويمكن أن تحتضن أكثر من 600 ألف نسمة.

هناك أيضا طرق أخرى -غير المزدحمة بالأبراج السكنية- تنطبق عليها نفس الفكرة تسهم أيضا في فك ازدحام الطرق والسيارات وأيضا توفير وحدات سكنية داخل المدن وليس فقط على أطرافها، وكذلك مضاعفة مسارات السيارات مرتين في كل اتجاه وأخيرا توفير جزئية الأبراج التجارية ومجمعات البلازا للمطاعم وأسواق التموينات وأيضا الأسواق الأخرى ومرفقات رياضية وترفيهية.

يبقى السؤال الأهم: من سيتحمل التكلفة؟ وما هو المردود؟ هذا يحتاج إلى دراسات تفصيلية ودقيقة من قبل البلديات والإسكان وهيئات تطوير المناطق/المدن وربما المستثمر المحتمل -صندوق الاستثمارات العامة-، المهم أن تكون العوائد من بيع وتأجير الأبراج التجارية ومرافقها التجارية للأسواق والصحية والتعليمية والترفيهية وأيضا عوائد بيع وتأجير الوحدات السكنية في أطراف الطرق من الجهة المطلة على الأحياء، تكون جميع هذه العوائد تغطي تكلفة نزع الملكية والهدم والبناء والاستثمار بشكل عام، وأن تعطي فوائد مالية.

المساهمة الكبرى هنا في المقام الأول -بالإضافة إلى ما سبق ذكره- هي توسعة المسارات الرئيسة بالمدن الكبيرة ليمكّن من إعادة إحياء المناطق القديمة واستغلالها بمجمعات سكنية مع مرافق ملائمة ومتوافقة مع تطلعات الرؤية في نمذجة وأنسنة الأحياء وجودة الحياة. توسعة الطرق الرئيسة التي تمثل شريان المدن وإعادة بناء الأحياء القديمة وتطويرها أمران مهمان يفضل عدم تأخيرهما طويلا.

Barjasbh@