طلال الشريف

مكافحة المتسللين مسؤولية وطنية

الاثنين - 05 يوليو 2021

Mon - 05 Jul 2021

التسلل عبر الحدود شكل من أشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود، تديرها شبكات وأيد عابثة، وتعاقب عليها القوانين المحلية والدولية، ولها العديد من الآثار الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والصحية، والمتسللون لا يتورعون عن القيام بالجرائم المختلفة من تخريب المنشآت الحيوية، وتزويد الجهات المعادية بالمعلومات، ومزاولة الأنشطة التجارية بطرق غير نظامية، وتحويل الأموال بطرق غير مشروعة، وتهريب المخدرات والأسلحة وترويجها، والسرقات ونشر الأمراض والأوبئة، والقيام بالعمليات الإرهابية في صورها المختلفة، وتحويل مساكنهم إلى أوكار للجريمة المنظمة.

ويرتبط التسلل عبر الحدود بجرائم الاتجار بالبشر بشكل وثيق، حيث يقع المتسللون ضحية العمل القسري طوال رحلتهم، ويجبرون على العمل في ظروف غير إنسانية لدفع ثمن مرورهم غير القانوني عبر الحدود.

إلى هنا تبقى عملية التسلل عبر الحدود جريمة دولية نتعامل معها كغيرنا من الدول، ونتعاون مع العالم في مكافحتها والحد من آثارها والسعي للقضاء عليها، ولكن ما يصعب استيعابه وقبوله في بلادنا ضعف وعي المواطن بمخاطر التسلل عبر الحدود وخطر المتسللين على الأمن الوطني، وتساهل المواطن بقصد أو بدون قصد مع المتسللين بإيوائهم أو تشغيلهم أو تسهيل تنقلاتهم لتحقيق مصالح فردية وشخصية على حساب المصالح الوطنية العليا، رغم أن التسلل عبر الحدود جريمة معلن عنها في وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية يعاقب عليها القانون والأنظمة الوطنية بعقوبة تصل إلى السجن 15 عاما وإلى غرامة مالية مليون ريال مع مصادرة وسيلة النقل والسكن الذي استخدم للإيواء.

ومن باب الأمانة والشفافية في تقييم واقعنا في التعامل مع المتسللين يمكنني القول إننا مقصرون في مكافحة ظاهرة التسلل التي بدأت تغزو بلادنا بشكل مخيف ومقلق إذا ما اعتبرنا المواطن رجل الأمن وخط دفاعها الأول بحكم مسؤوليته الوطنية وانتمائه وولائه لهذه الأرض الطاهرة، وما تزايد أعداد المتسللين وتحولهم إلى ظاهرة في كل مدننا وقرانا وهجرنا إلا دليل على ذلك التقصير.

ولكي نحد من ظاهرة المتسللين ونحمي وطننا من الآثار الخطيرة المترتبة على وجودهم، لدينا نوعان من التدابير والإجراءات على المستوى الفردي والمجتمعي: أحدهما وقائي والآخر علاجي. فالتدابير الوقائية تتم من خلال قيام المؤسسات الأكاديمية ومراكز الأبحاث والفكر بتكثيف الدراسات العلمية حول ظاهرة المتسللين ودراسة أبعادها وتقديم الحلول المناسبة لها، وقيام الجهات التشريعية بتطوير القوانين والعقوبات اللازمة للحد من ظاهرة التسلل عبر الحدود، والتوعية المكثفة للمواطن والمقيم النظامي عبر وسائل الإعلام والاتصال الحديثة بمخاطر إيواء المتسللين ومساعدتهم والقيام بأدوارهم في الإبلاغ عنهم والتعاون مع الجهات الأمنية، والتأهيل المميز لرجال الأمن المعنيين بمكافحة ظاهرة المتسللين والمخالفين لنظم الإقامة.

وأما التدابير العلاجية فأولها إعداد خطة استراتيجية وطنية أمنية للقضاء على ظاهرة التسلل وتبعاتها بإشراف وزارة الدفاع بحكم مسؤوليتها عن حماية حدودنا الوطنية وقوة الصدمة التي تمتلكها وبمشاركة وزارة الداخلية والجهات الأمنية الأخرى وجميع الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة، ورفع مستوى الإجراءات الأمنية على الحدود وداخل المدن والقرى والهجر بشكل عام لتعقب المتسللين حتى لو تطلب الأمر إنشاء وحدات أمنية خاصة لهذا الغرض، والإعلان عن الأحكام والعقوبات الصادرة بحق المتسللين والمتسترين عليهم في وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية، ومكافأة المتعاونين في الإبلاغ عن المتسللين ومخالفي أنظمة الإقامة، وأخيرا تيسير وتسهيل إجراءات استقدام العمالة للمواطنين بما يساعدهم على قضاء حوائجهم.

drAlshreefTalal@