فورن بوليسي: النفط والغاز سيشكلان جزءا رئيسا من مزيج الطاقة العالمي لعقود مقبلة

كاتبان أمريكيان: منتجو أوبك في وضع جيد للاستفادة من التقشف الغربي بالوقود الأحفوري
كاتبان أمريكيان: منتجو أوبك في وضع جيد للاستفادة من التقشف الغربي بالوقود الأحفوري

الأربعاء - 30 يونيو 2021

Wed - 30 Jun 2021

.
.
يتأكد للعالم مع كل أزمة اقتصادية يمر بها حكمة وبعد نظر السعودية في قرارها الاحتفاظ بطاقة إنتاجية فائضة للبترول، تزيد عن حاجة السوق، رغم تحمل المملكة أعباء مالية وفنية لذلك، حيث كانت هذه الطاقة الإنتاجية عنصرا فاعلا في دعم استقرار الأسواق البترولية ومنع حدوث هزات عنيفة فيها عند الأزمات.

وقادت المملكة شركاءها في اتفاق «أوبك بلس» لتبني جهود إيجابية، باعتبار البترول محركا رئيسا للاقتصاد العالمي، حيث تركز استراتيجية الطاقة السعودية على تعزيز استقرار سوق البترول العالمية وتحقيق التوازن فيها، مع الالتزام بالتطبيق الكامل لاتفاقية باريس، والحفاظ على البيئة، ومكافحة التغير المناخي.

الكاتبان الأمريكيان في مجلة «فورن بوليسي» الأمريكية إيلين آر. والد، وجوناثان ايتش. فيرزيغر، يعتقدان أن النفط والغاز سيشكلان جزءا رئيسا من مزيج الطاقة في العالم لعقود مقبلة، مشيرين إلى أن ذلك ما تعتقده شركة أرامكو السعودية مقارنة بشركات أخرى مثل BP وShell، ولذلك تستثمر أرامكو مليارات الدولارات لزيادة إنتاجها الأقصى المستدام من النفط الخام من 12 مليون برميل يوميا، إلى 13 مليون برميل يوميا.

وأوضحا أن استمرار الطلب العالمي على الوقود الأحفوري في الارتفاع، لا سيما في الصين والهند، يترك لشركات النفط الوطنية مثل أرامكو فرصة لاستعادة القوة السوقية، وكسب أرباح ضخمة، وإعادة مركز إنتاج النفط والغاز إلى أوبك.

استفادة أوبك

ويرى الكاتبان أن منتجي أوبك في وضع جيد بشكل خاص للاستفادة من التقشف الغربي في الوقود الأحفوري. وتتمثل استراتيجية منتجي أوبك في الاستثمار بشكل أساسي في أعمالهم الأساسية التقليدية لإنتاج النفط والغاز، مع استخدام بعض رأس المال للاستثمار في مشاريع نظيفة ومتجددة، معززين مفاهيم «الهيدروجين الأخضر» و»الأمونيا الزرقاء».

وتساءلا ماذا لو كان السعوديون ودول الخليج على صواب واستمر الوقود الأحفوري في البقاء جزءا حيويا من اقتصاد الطاقة والنقل العالمي؟ مضيفين أن اتباع استراتيجية صفر صافي انبعاثات بحلول عام 2050 يعيد حقبة سيطرة دول الخليج على سوق النفط.

أزمة بالغرب

وأشارا إلى أن هناك احتمال حدوث أزمة طاقة جديدة في الغرب. ففي الولايات المتحدة، تتراجع أيام ازدهار ثورة النفط الصخري. والشركات الأمريكية مثل Devon Energy و Occidental Petroleum، مهتمة الآن بسداد الديون أكثر من حفر آبار جديدة. وهي تخشى صرف الأموال للتوسع بعد أن جمدت إدارة بايدن تصاريح الآبار الجديدة على الأراضي الفيدرالية.

وعادت الولايات المتحدة إلى كونها مستوردا صافيا للبترول، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات البترولية مثل البنزين، بعد أن أصبحت مصدرا صافيا عام 2020. وصلت أسعار النفط والبنزين فيها إلى أعلى مستوياتها في ست سنوات تقريبا.

تحقيق التوازن

وقادت السعودية شركاءها في اتفاق أوبك بلس لتبني جهودا إيجابية غير مسبوقة، تشمل خفض الإنتاج والتعويض عن أي زيادة فيه، لتحقيق الاستقرار والتوازن في السوق البترولية العالمية، رغم ما يستدعيه هذا من التزامات وتضحيات، تزايدت بشكل ملحوظ جراء جائحة فيروس كورونا.

وتؤكد المملكة التزامها الحفاظ على البيئة، ومكافحة التغير المناخي، وتطبيق مقتضيات اتفاق باريس. ومن الأدلة على ذلك إعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن مبادرتي «السعودية الخضراء» و»الشرق الأوسط الأخضر»، ودعوة المملكة إلى تبني وتطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، الذي تبنته قمة مجموعة العشرين، خلال عام 2020م، وعملها على تطوير وتطبيق التقنيات والأساليب التي تعمل على خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وإطلاقها برنامج مشروعات الطاقة المتجددة.

مزيج أمثل

وفي إطار رؤية «المملكة 2030»، أطلقت المملكة برنامجا طموحا للوصول إلى المزيج الأمثل من الطاقة المستخدمة في توليد الكهرباء، وينطوي هذا البرنامج على عدد من مشروعات استغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتعزيز استخدام الغاز في توليد الكهرباء. ويهدف هذا التوجه إلى أن يتم إنتاج الكهرباء في المملكة باستخدام الطاقة المتجددة والغاز بنسبة 50% لكل منهما، بحلول عام 2030م، وبالتالي تتم إزاحة نحو مليون برميل بترول مكافئ تستهلك يوميا في إنتاج الكهرباء وفي غيرها من القطاعات، ولا شك أنه سيكون لهذا التوجه أثره الواضح في جهود المملكة لحماية البيئة ومكافحة التغير المناخي.

كفاءة الإنتاج

وترى المملكة أن البترول كان ولا يزال عنصرا مهما ومحركا رئيسا للاقتصاد العالمي، وأن حاجة دول العالم واقتصاداته إليه ستستمر لفترة من الزمن في المستقبل، ولذلك فإن استقرار الاقتصاد العالمي ونموه يقتضيان أن يكون تركيز العالم على تطوير الأساليب التي تعزز كفاءة إنتاج البترول واستهلاكه، وتخفض الانبعاثات التي تصدر عنه، وليس على وقف الاستثمارات فيه أو الحد منها، وذلك ليتسنى للعالم أن يستفيد من هذه القوة الاقتصادية الفاعلة، مع تقليص آثارها على البيئة.

التزام بالاتفاقية

وفي المقابل تؤكد المملكة التزامها بالتطبيق الكامل لاتفاقية باريس، التي تأخذ في الاعتبار حقوق الدول وواجباتها، وتركز على ظروفها الوطنية الخاصة، وتقر بأن هناك طرقا واستراتيجيات وطنية مختلفة لتخفيض وإزالة الانبعاثات؛ ولهذا السبب دعت المملكة إلى تبني الاقتصاد الدائري للكربون الذي يمثل نهجا شاملا ومتكاملا وجامعا وواقعيا، يعمل على إدارة الانبعاثات.