خليل الشريف

عواقب حجب الحب عن الأطفال

الاثنين - 28 يونيو 2021

Mon - 28 Jun 2021

أكثر الفئات التي تحتاج أن نقدم لها الحب دون قيد أو شرط هم فئة الأطفال. إن الحب هو موردهم الرئيس لعيش حياة أفضل في المستقبل، يولد الأطفال بخاصيتين رائعتين وهما عدم الخوف والعفوية؛ فالمولود يكون عديم الخوف تماما سوف يلمس الطفل أثناء نموه أو يجرب أو يتذوق أي شيء مهما كان خطرا.

وهو كذلك يولد على سجيته يضحك ويبكي ويصرخ ويلعب ويلقي ملابسه ويعبر عن نفسه بلا حد أو قيد لأربع وعشرين ساعة في اليوم، في الأصل لا يقلق الطفل بشأن ردود أفعال واستجابات الآخرين لأنه ببساطة لا يهتم!.

عند هذه المرحلة من الطفولة يرتكب العديد من الآباء أو الأمهات أخطاء تؤدي إلى نمو نوعين من مخاوف الحياة البالغة عند الأطفال، وهما الخوف من الفشل والخوف من الانتقاد.

يحدث ذلك كردة فعل لأمرين أساسين وهما كثرة التوبيخ والوعيد للطفل، والآخر ربط حب الطفل بالسلوك الذي يقوم به، فإذا قام بالسلوك الذي يرضي والديه يمنح الحب بشكل كامل، وفي حال تصرف بسلوك لا يرضي والديه يحجب عنه الحب، إن تعامل مثل ذلك مع الطفل كفيل بتشتيت مشاعره وفقدانه لثقته بنفسه، فعندما يغضب الأبوان ويهددان بمنع حبهما للطفل إن لم يفعل ما يريدانه ينمو لديه مع الوقت إحساس داخلي بالذعر من مسألة أنه ربما سيفقد حب والديه يوما ما للأبد!

يقول الكاتب الأمريكي براين ترايسي «يتفق علماء النفس بشكل عام على أن أغلب المشكلات في الحياة الراشدة تنبع من (حجب الحب) أثناء الطفولة المبكرة. إن أقوى وأعمق طريقة لتشويه الشخصية البالغة متأصلة في (الحرمان من الحب) أو منح الحب ثم حجبه عندما يكون الطفل صغيرا».

وفي دراسة قريبة لتوضيح هذا المعنى استنتج عالم النفس إبراهام ماسلو الذي درس أنماط شخصيات أشخاص محققين لذواتهم أن ما أطلق عليه «حاجات النقص» تسيطر على 98% من البالغين، وهي عادة ناشئة لفقد الحب في الطفولة.

إذ بدلا من أن يسعى هؤلاء البالغون جاهدين لتحقيق قدراتهم الكامنة، تجدهم يبذلون جهدا كبيرا طوال حياتهم لتعويض إحساسهم بالنقص. خاصة تلك المشاعر المتعلقة «بعدم الجدارة» والشعور بـ»أنني لست جيدا بما يكفي». ووجد ماسلو أن 2% فقط من البالغين يختبرون حاجات الكينونة التي عرفها بالرغبة والثقة لكي ينموا ويحققوا قدراتهم الكاملة في الحياة، وأطلق على هؤلاء الأشخاص «المحققون لذواتهم» وهم أولئك الذين يتميزون بمستويات عالية من تقدير الذات والثقة بالنفس.

في الختام يمكن التأكيد على أن الأطفال في حاجة إلى الحب الكامل وغير المشروط كما تحتاج الزهور إلى الأمطار دون تدفق لا نهائي، وكذلك دون حجب ومساومة على هذا الشعور الجميل الذي تستحقه هذه الفئة العمرية العزيزة على قلوبنا.