محمد الأحمدي

ركائز الرؤية والتقويم الدراسي الجديد

الثلاثاء - 01 يونيو 2021

Tue - 01 Jun 2021

حركة التطوير والمراجعة المستمرة للعمليات والهياكل التنظيمية في الأنظمة التعليمية عملية طبيعية تحاول من خلالها الأنظمة التعليمية التحديث والتعديل على منظومتها، ومواكبة سير التحديات العالمية اليومية التي تطرأ على الكوكب بشكل مستمر؛ مستهدفة بذلك الرقي بمنسوبيها وتزويدهم بالقدرات والمهارات التي تمكنهم من الحياة الكريمة في ظل الاحتياجات المستمرة والتحديات الطارئة في العالم المتجدد، وهذا لب رسالة التعليم العامة أن يسهل للناس حياتهم في التعامل مع الظروف المتغيرة.

وتأتي جهود القيادة الرشيدة في المملكة منذ نشأة التعلم النظامي فيها لهذا المبتغى السامي في تسهيل حياة المجتمع عبر تطوير منظومة التعليم، والأمثلة على هذا كثيرة يكفي عنها مثال استيراد التغذية المدرسية من أوروبا قبل أكثر من أربعين سنة في عهد جلالة الملك خالد، رحمه الله.

وباعتماد وزارة التعليم مؤخرا للتقويم الدراسي الجديد بنظام الفصول الدراسية الثلاثة فإن هذا القرار يأتي في الحقيقة بالتزامن مع مستهدفات الرؤية ومرتكزات مخرجاتها في التعليم: كالتخلص من الفجوة بين نواتج التعلم ومتطلبات سوق العمل، وتنمية قدرات الطلبة المهنية والوظيفية، وتطوير المناهج والتقليص والتلقين والحفظ، وتشجيع الأنشطة الصفية واللاصفية، ورفع جودة القياس والمتابعة، وإنشاء قاعدة التعلم الذاتية لرحلة تعلم الطالب، واعتماد درجات السلم الوظيفي للمعلمين، وبرنامج مسارات المرحلة الثانوية، وإشراك ولي الأمر في العملية التعليمية إلى آخره.

وإن أخذنا هذا القرار في سياقات الرؤية العامة كمجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح، فإن ذلك القرار يتماشى بشكل إيجابي مع هذا المنطلقات الثلاثة.

لقد بات واضحا للمجتمع من لغة وزير التعليم الصريحة التي تحدث بها في المؤتمر الصحفي بأن الوزارة تطمح للعالمية في مخرجات التعليم العام، وموقعة نظامها التعليمي بين الأنظمة التعليمية في دول مجموعة العشرين. وأن الوزارة تسعى من خلال التطوير المستمر، والمنافسة الدؤوبة على التقدم في المؤشرات العالمية لقياس جودة المخرجات والمهارات في البرامج العالمية مثل برنامج تحسين القراءة والكتابة الدولي PIRLS، أو برنامج قياس مهارات الطلبة فوق 15 سنة في مواجهة التحديات الواقعية، أو برنامج التوجهات في دراسة الرياضيات والعلوم TIMSS، وهذا يحتاج لجهد إصلاحي في المنظومة العامة، ومعالجة لكثير من الملفات التي تمت معالجة الكم الأكبر منها أو التخطيط لمعالجة البقية في المستقبل على الأقل. ولذا فإن الميدان التعليمي العام وحتى الجامعي أمام تحول نحو تحقيق مستهدفات الرؤية، وهذا التحول يصاحبه تعديل لما تعارف عليه المجتمع من نظام، ساهمت في تعجيل تطبيقه جائحة كوفيد 19، ونجاح الوزارة في استمرارية التعلم عبر التعلم الالكتروني.

إن نظام السنة الدراسية الثلاثية الفصول أو غيره من أنظمة التقويم الدراسي عمل تنظيمي للمدخلات وقياس لمخرجات السنة التعليمية، لكن نظام الفصول الثلاثية طريقة تتوافق مع التعديل الاستباقي واكتشاف القصور التعليمي في مهده، وهذا الإجراء لمسته من واقع تجربتي في التعليم البريطاني، ويمتلك مرونة في تدريس المهارات، كما أنه يصبح متعبا للمعلم والمتعلم والأسرة في التعليم التلقيني.

وبالإضافة إلى مرونته فإن من مقومات نجاح نظام الفصول الثلاثة استقرار المعلم المكاني، حيث تأتي الإجازات القصيرة بعد كل ستة أسابيع دراسية تقريبا لتكون السبيل نحو تفريغ الجهد واستعادة النشاط التعليمي لاستكمال الأهداف التربوية، ولكن في حالة الأنظمة غير المستقر فيها المعلمون فإنها قد تنتج رحلة من العناء المستمر. وأجد على الرغم من أرقام المعلمين المتقدمين على حركة النقل في 1440هـ التي بلغت نسبة 15.61% من إجمالي عدد المعلمين والمعلمات فإنها تشير إلى الاستقرار لنسبة كبيرة منهم تصل في ذلك العام إلى 84.39%.

وتشير الإحصاءات بأن طلبات حركة النقل تمركزت حول المدن الرئيسية الثلاث الرياض ومكة وجدة، ولعل التوسع في مدينة الرياض الذي أعلن عنه ولي العهد سيسهم في تحقق رغبات الكثير من راغبي النقل لها عند التوسع في البنية التحتية لمنطقة الرياض أو المدن الرئيسية الأخرى.

وفي ظل هذا النظام فإن المعلم والطالب والأسرة بحاجة إلى تخفيف العبء اليومي المصاحب لعملية التعلم كاستبدال الأنشطة المنزلية المصاحبة لعملية التلقين من الحفظ وحل الواجبات اليومية إلى سبل حديثة للتعلم تدعم الأهداف التعليمية التي حدثت داخل الفصل، وتحقق التقييم والقياس الذكي، وتزود صاحب القرار بالنتائج من واقع الممارسة الطلابية التفاعلية التي أشرت لها في المقال المنشور 6 أكتوبر 2020 تحت عنوان التعليم الذكي يخفف العبء التدريسي.

alahmadim2010@