محمد النفاعي

نظرية القيادة الأجيادارية

الاحد - 23 مايو 2021

Sun - 23 May 2021

‏توني روبنز (Tony Robbins) كاتب ومتحدث أمريكي مشهور جدا، وله عدة كتب وبرامج ومحاضرات في مجال تطوير الذات.

ذكر كتاب (التحول الرابع: ماذا تخبرنا دورات التاريخ عن موعد أمريكا القادم مع المصير) The Fourth Turning: What the Cycles of History Tell Us about America›s Next Rendezvous with Destiny للكاتبين نيل هاو و ويليام ستراوس ضمن أفضل تسعة كتب يجب قراءتها.

الكتاب نشر عام 1997 ويعتبر مقدمة جيدة لنظرية الأجيال.

قال عنه روبنز «إنه يجد النظرية محفزة للغاية»، وقالت عنه USA Weekend أيضا «رؤية مذهلة لما تتنبأ به دورات التاريخ للمستقبل».

الكتاب بني على أساسات كتاب آخر لنفس الكاتبين نشر في عام 1991 اسمه كتاب الأجيال (Generations: The History of America›s Future, 1584 to 2069).

لذلك عرف عن هاو وستراوس أنهما المسؤولان إلى حد كبير عن الطريقة التي يفكر بها الأمريكيون في أنفسهم كأعضاء جيل معين، مثل جيل طفرة المواليد وجيل الألفية أو جيل Z.

جاء تصنيف الأجيال الأمريكية إلى أربعة أنماط ذات صفات وسمات يتميز بها كل جيل عن غيره، وكل جيل تقريبا يمتد لفترة ما بين 20 إلى 23 سنة، وهي تمثل معدل عمر إنسان يتراوح ما بين 80 إلى 90 سنة.

الأجيال مصنفة بشكل مختصر جدا كالتالي:

- الجيل الأول هو جيل القيم وهم الجيل الذي يتصف بالتمسك الشديد بالمبادئ والقيم والأخلاق والاعتزاز والولاء للمؤسسات. تتمتع عنده المؤسسات بالقوة والنفوذ بينما تتلاشى الفردية.

- الجيل الثاني هو جيل التفاعلين وهم نتاج جيل القيم وتربوا على احترام المجتمع والمؤسسات. يتميزون بالاعتماد على النفس معتدين بأنفسهم ومميزين في سوق العمل. عانوا من المثالية التي تعلموها ممن قبلهم لذلك يسترخون في توصيلها لمن بعدهم.

- الجيل الثالث هو جيل المدني وهم ميالون للإصلاح الاجتماعي والمؤسسي وفرض التغيير للعودة الى المؤسسات والبعد عن الفردية.

- الجيل الرابع هو الجيل الفنان القابل للتكيف مع أي متغير حوله، ويتقبل أي شيء ولا يملك أي دور. لذلك يمهد هذا الجيل للعودة إلى المربع الأول وظهور جيل القيم والمثل وهو الجيل الأول آنفا. وهكذا تدور العجلة وتتكرر الأمور بشكل عام.

النظرية حفزتني شخصيا لربطها والاستفادة منها في مجال علوم الإدارة والتنمية البشرية وكل ما يتعلق بالمجتمع الوظيفي وبيئة العمل. ما أراه من حولي هو وجود هذه التصنيفات من منظور آخر خلال دورة جيلية قصيرة قد تمتد ما بين 30 -50 سنة فقط، فنسمع كثيرا مصطلحات مثل جيل الطيبين، جيل الآيباد وجيل التقنية وغيرها، لذلك ماذا

لو أخذنا هذا في الاعتبار داخل المجتمع الوظيفي وبيئة العمل التي تحتوي على الكثير من هذه التصنيفات!.

الكثير من المفارقات والمشكلات الإدارية داخل بيئة العمل يمكن تلافيها والتعامل معها لو طبقنا ما أسميه «نظرية القيادة الأجيادارية» وهي بشكل مبسط دمج نظرية الأجيال مع المفاهيم والنظريات الإدارية الحديثة المتعلقة بالموارد البشرية والتطوير المؤسسي. أحد هذه النظريات ما يعرف الآن بنظرية Situational Leadership، هذه

النظرية التي أقرب ترجمة لها (القيادة الموقفية أو الظرفية)، هي نظرية تحاول الإجابة عن السؤالين (متى) و(أين).

في رأي الشخصي يقابلها ولكن بمفهوم أشمل وأعم (القيادة الأجيادارية) وهي محاولة إكمال ضلعي المربع الناقصين بالإجابة على السؤالين (كيف) و(من)! وبهذا قد نتمكن من الإجابة على جميع أنواع أسئلة المجتمع الوظيفي.

هذا التباين بين الأجيال ‏واجهته شخصيا في أكثر من موقف بسبب التفاوت في المرحلة الجيلية التي نتشرب قيمها ومتغيراتها ممن سبقونا. كنت من الجيل الذي يقدس المؤسسات والانتماء إليها ومتطلباتها ومنها ‏الالتزام التام بالوقت والمواعيد. عندما أصبحت مسؤولا عن يافعين، وهم قطعا ينتمون إلى جيل آخر يرون أن الإنتاجية أهم من الالتزام بالحضور والانصراف مثلا. حدثت اختلافات في وجهات النظر بالطبع وما ترتب على ذلك من جهود استنزفت الكثير من الجهد والوقت من الجميع للوصول إلى نقاط تواصل والتقاء لمواصلة المسيرة بانسيابية ترضي الجميع.

لذلك من الرائع الإلمام بنظرية الأجيال وسماتهم وتبني نظرية (القيادة الأجيادارية) لضمان استمرارية التميز في الأداء على جميع المستويات المؤسسية نتيجة لاستثمارنا الإيجابي للوقت والجهد.

@msnabq