إيران تصنع النووي ولا تجد الخبز

تاج زاده: سنكون مثل كوريا الشمالية نملك الصواريخ ونفتقد الطعام ديمقراطيون وجمهوريون يطالبون بمراعاة سجل حقوق الإنسان المشبوه
تاج زاده: سنكون مثل كوريا الشمالية نملك الصواريخ ونفتقد الطعام ديمقراطيون وجمهوريون يطالبون بمراعاة سجل حقوق الإنسان المشبوه

الأربعاء - 05 مايو 2021

Wed - 05 May 2021

استغرب محللون أمريكيون أن يكافح النظام الإيراني من أجل صناعة القنابل النووية والصواريخ الباليتسية والأسلحة المدمرة، في حين لا يجد المواطن العادي الخبز وتعيش البلاد ظروفا اقتصادية صعبة جدا.

ويري عدد من أعضاء الكونجرس من الجمهوريين والديمقراطيين، أن أي اتفاق محتمل، يجب أن يعالج برنامج إيران للصورايخ الباليستية ونشاطاتها المشبوهة في المنطقة، لكنهم في أحيان كثيرة لا يقيمون أي اعتبار جدي لسجل حقوق الإنسان في هذا البلد، علما أن أكثر ضحايا النظام هم الإيرانيون أنفسهم، لذلك لا يجب إهمال محنتهم.

وحذر الباحث في مجلس العلاقات الخارجية راي تاكيه في صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية، من تجاهل الانتهاكات لحقوق الإنسان التي يعاني الإيرانيون منها بشكل واسع، مؤكدا أن الانقسام الحزبي كان يطال حتى إيران في بعض الأحيان، قبل أن يجمع الديموقراطيون والجمهوريون على نطاق واسع على أن الاتفاق النووي في 2015 يحتاج إلى إعادة التفاوض عليه وتمتين بنوده.

سياسات قمعية

ولعبت حقوق الإنسان دورا مهما في الدبلوماسية الأمريكية، فخلال الحرب الباردة، كان المسؤولون الأمريكيون يثيرون دائما مع نظرائهم الروس، السياسات القمعية للاتحاد السوفياتي، لمواطنيه، وخلال 1975، وفي جزء من اتفاق هلسنكي، وافق الاتحاد السوفياتي على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما فيها حرية الأفكار والرأي والدين والاعتقاد.

وبرزت مجموعات هلسنكي في الكتلة السوفياتية على شكل ناشطين في المجتمع المدني، كانوا يستخدمون تعهدات هلسنكي ضد الكتلة، وأكثر من اتفاقات الحد من التسلح أو تكديس السلاح، أطلقت اتفاقات هلسنكي تغييرات أسهمت في تخفيف قبضة موسكو، وعززت الاتفاقات المنشقين وسلطت الضوء على الممارسات السوفياتية المحلية السيئة.

ولعل إحدى مفارقات إيران، أن المحادثات حول الجمهورية الإيرانية تكون أحيانا أكثر تعقيدا في طهران منها في واشنطن.

هجوم على خامنئي

وينخرط إيرانيون في نقاشات مهمة حول أولويات حكومتهم، وحتى عن قابلية النظام للاستمرار. ويثير مسؤولون حكوميون سابقون ومثقفون ورجال دين منشقون وصحف إصلاحية مثل (شرق)، تساؤلات عن جدوى الكثير من مظاهر الحكم الحالي، ومن الممكن أن يكون هؤلاء بعيدين عن السلطة حاليا، لكنهم لا يزالون يتحكمون في منبر وطني.

وتعرضت طريقة إدارة المرشد علي خامنئي للعلاقات الخارجية الإيرانية، لهجوم لاذع، ووقع نحو 100 ناشط على رسالة مفتوحة في 2018 ينتقدون فيها تخلف الحكومة عن الانخراط في حوار مع الولايات المتحدة وجاء فيها «نحن الموقعين أدناه، نرى أن الحوار المباشر والرسمي والشفاف مع الولايات المتحدة، سيعود بالفائدة على السلام الإقليمي والعالمي وسيحسن رفاهية وحرية إيران والإيرانيين».

بلا خبز

وذهب نائب وزير الخارجية السابق مصطفى تاج زاده، الذي يعتبر من أبرز الأصوات الإصلاحية أبعد من ذلك، عندما غرد في الربيع الماضي قائلا «يمكن أن تكون صناعة الأقمار الصناعية والصواريخ شيئا بديعا، لكنها إذا لم تكن مترافقة مع اكتساب ثقة الشعب، وتحسين الاقتصاد، فإننا سنكون في الموقع الذي كان فيه الاتحاد السوفياتي الذي غزا الفضاء وشطر الذرة، ولكنه إنهار في نهاية المطاف، وفي أسوأ الحالات، سنكون مثل كوريا الشمالية التي تملك الصواريخ وتفتقر إلى الخبز». وتغلغلت هذه الأفكار في مخيلة الرأي العام، وظهرت في حركات الاحتجاج في الأعوام الأخيرة، ولم تنج المشاكل الداخلية للنظام الديني من الانتقاد. فالجمهورية الإيرانية في مأزق، لأنها غير راغبة في الإصلاح، في الوقت الذي تبدو غير قادرة على تلبية مطالب الشعب الإيراني.

منع الفوضى

وتجرأ الصحفي الإيراني عباس عبدي الذي يتمتع بقاعدة واسعة من القراء، على مقارنة الجمهورية الإيرانية الحالية بحكومة الشاه التي سقطت في 1979، وكتب «كل مجتمع يكون شفافا ويمنح حرية التعبير، يستطيع أن يكشف مكامن الخلل فيه، وعلى سبيل المثال فإن فقدان الحكم السابق للشفافية والحرية، جعله غير قادر على رؤية العناصر الخطيرة ضده».

وانتقد آية الله محمد موسوي خوئينها، وهو من الجيل القديم في رسالة مفتوحة في الصيف الماضي المرشد، قائلا «إن الشعب يفترض أن على عاتق السلطة الأعلى في البلاد منع الفوضى الثقافية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد اليوم».

تظاهرات وغضب

وعلى مدار الأعوام الأخيرة، عبرت كل عناصر المجتمع الإيراني، بما فيها الطبقة العاملة التي كان يعتقد أنها دعامة الجمهورية الإيرانية، عن الاستياء من خلال التظاهرات، وخرج الشعب الإيراني غاضبا في نوفمبر 2019 بسبب زيادة أسعار الوقود، وتعرض لقمع واغتيالات وتنكيل من النظام بسبب التعبير عن رأيه.

وخلص تاكيه إلى أن القمع السياسي، وسوء إدارة مكافحة وباء كورونا، والركود الاقتصادي والفساد المستشري، كل ذلك، أدى إلى تغريب معظم السكان، والأقل ظهورا هم ناشطو المجتمع المدني الذين يوفرون الأساس الثقافي لحركات الاحتجاج. ولكن في مقدور أمريكا حماية وتعزيز أصوات التغيير.