شاكر أبوطالب

إجابات العارف بالحديث والواعي بالتشريع!

الاثنين - 03 مايو 2021

Mon - 03 May 2021

لا يزال حديث الأمير محمد بن سلمان محل اهتمام العديد من وسائل الإعلام في الخليج العربي والشرق الأوسط والعالم، ولا تزال إجابات ولي العهد المحفز الأكبر لكثير من النقاشات في المملكة العربية السعودية، والمحور الأبرز للتفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي.

على الصعيد الشخصي؛ أحاطت بي الدهشة من حجم المعلومات والأرقام والبيانات التي تطرق لها الأمير محمد بن سلمان في إجاباته أثناء اللقاء، وتعدد وتنوع المجالات والقطاعات التي شملتها الأسئلة، والهدوء والثقة التي انعكست في ملامح ولي العهد ولغة جسده طيلة 87 دقيقة من الحوار والنقاش.

ورغم صعوبة الاختيار بين العناوين الرئيسة أو الرسائل الأساسية التي يمكن استخلاصها من المقابلة، فمعظم إجابات الأمير محمد بن سلمان تعد من «المانشيتات الصحفية» التي لا يمكن تفويتها، إلا أن إجابات الأمير عن الاعتدال ودستور المملكة ومصادر التشريعات والمدرسة الفقهية التي تلتزم بها السعودية عن سن القوانين والأنظمة، كانت حقا من الإجابات القوية وغير المسبوقة في تاريخ المملكة، حيث تحدث ولي العهد بحديث استثنائي وتفصيلي عن كل محور، وضرب أمثلة متنوعة لتقريب الصورة للمشاهد، وأكد بأن التشريع يجب أن يكون مصدره القرآن الكريم، وأن يحقق منفعة ومصلحة دنيوية، وفصل فيما يتعلق بتصنيفات السنة وعلومها وأسانيد الحديث وأقسامه.

فعلى مستوى المعرفة التشريعية؛ كان الأمير محمد بن سلمان يتحدث بصفة العارف بالحديث والسنة، والمستوعب لأهم مفاصلها وأدق تفاصيلها، ويجيب بكلام الواعي بالتشريع، المدرك تماما لمصادره وأدواته ومستوياته، واتضح ذلك جليا حينما أسهب في الإجابة عن دستور الدولة ومصدر تشريعاتها، لإرسال رسائل من النادر طرحها بهذا التفصيل، ومفادها أنه لا يمكن الاستناد إلى نص غير واضح أو صريح لإقرار تشريع ما وإلزام الناس به، وليس هناك أوضح من هذه الرسالة لجميع القضاة العاملين في مختلف محاكم الدولة، وبأن زمن الاجتهاد في استنباط التشريعات والقوانين، وتقدير الأحكام من أحاديث الآحاد وأحاديث الخبر قد انتهى تماما.

وفي رأيي أن الغاية من الشرح المطول عن الحديث والسنة في مقابلة ولي العهد؛ هي التأسيس لمدرسة تشريعية مختلفة عن المعمول بها فيما مضى في السعودية، وإطلاق مرحلة جديدة يكون فيها القرآن الكريم هو الحاكم على كل التشريعات، والمصحح لجميع الاجتهادات القانونية.

إن تفصيل الأمير محمد بن سلمان في تصنيفات الأحاديث والسنة مؤشر قوي على اهتمام ولي العهد بتحديث البيئة القانونية في المملكة، وإصلاح الأنظمة واللوائح بما يسهم في الارتقاء بمستوى جودة الحياة للمواطن والمقيم. فهذه الدرجة العميقة والشاملة من الفهم للحديث والسنة وعلومها؛ كانت هي السبب الرئيس في رفض المدونة القضائية المعمول بها سابقا، وانطلاق عملية تطوير البيئة التشريعية، وتحديدا منظومة التشريعات المتخصصة، التي تحفظ الحقوق وترسخ مبادئ العدل، وفي مقدمتها مشاريع تطوير الأنظمة الأربعة التي سبق للأمير محمد بن سلمان الإعلان عنها في مطلع فبراير الماضي.

بعد نهاية الحوار التلفزيوني؛ ازدادت درجة اليقين لدي بأن معظم الشؤون والأمور على درجة عالية من الوضوح لدى ولي العهد، وليت ذات الشؤون والأمور تكون بهذه الدرجة العالية من الوضوح عند كل الوزراء والقيادات التنفيذية للمرافق والمؤسسات الحكومية، والثقة كبيرة بأن الأمير محمد بن سلمان بعزمه وحزمه ومتابعته سيجعل كل الشؤون والأمور واضحة جدا لدى المسؤولين والمواطنين على حد سواء، كوضوح الرؤية تماما.

shakerabutaleb@