بندر الزهراني

جامعاتنا بلا استثناء.. رمضان كريم!

الاحد - 18 أبريل 2021

Sun - 18 Apr 2021

بعض الأساتذة من الزملاء كأنهم تحسسوا كثيرا من مسألة نقدنا للجامعات، وتركيزنا على تصحيح أخطائها، وظنوا أننا عند النقد إنما نضع كل الجامعات في سلة واحدة دون التمييز بين ما هو خطأ واضح تقع فيه جامعة أو جامعتان وبين ما هو خطأ بسيط يمكن تجاوزه أو تداركه، فمن الأخطاء ما يحتمل تفسيرات مختلفة قد تنتبه لها الإدارات الأكاديمية وقد تمر عليها مرورا عابرا، والبعض منهم تصور أن المرض الإداري الذي تحدثنا عنه في مقال الأسبوع الماضي إنما هو من الفنتازيا العابرة أو الإسقاطات الظالمة.

وعلى أي حال، النقد الجيد سواء كان مباشرا أو غير مباشر، جادا أو ساخرا، لا يذهب إلى أبعد من كونه نقدا لحالة راهنة أو وضع قائم، متجاوزا كل الاعتبارات الأخرى، فلا يمكن أن ننتقد على سبيل المثال حالة أو ظاهرة معينة في جامعة الملك عبدالعزيز ثم نفترض وجودها في جامعة الملك سعود ونسقط ذلك النقد عليها، أو العكس، لا يمكن أبدا، أولا لأن هذا الأسلوب ليس من أساليب النقد الصحيحة، وثانيا لو افترضنا حدوثه بهذا الشكل فإنه لن يدوم طويلا، وسينتهي بحالة أو حالتين أو ثلاثة!

وإذا ما نظرنا بشيء من الواقعية إلى أكبر ثلاث جامعات في المملكة وجدنا أنه نشأ عن كل واحدة أو تكوّن منها على الأقل من ثلاث إلى خمس جامعات، أي أن الخطأ الواحد سواء كان جسيما أو بسيطا يستنسخ في أكثر من جامعة، وعلى هذا الأساس فأيما جامعة دخلت تحت دائرة النقد بالتعميم، فنحن في مأمن من ظلمها والجور عليها، هذا فضلا عن الظواهر الخاطئة التي تنشأ هنا وهناك ثم تنتشر (اسموزيا) أو بتوارد الخواطر والتقليد المعتاد بين الإدارات الجامعية المتشابهة بالترشيح!

لا يمكن للناقد المستقل، الحر في فكره، والمتجرد من المصالح الشخصية، أن يمتدح أداء جامعة على حساب أخرى، ولا يمكن له أن يصفق لنجاح هذه الإدارة فقط ليشمت بإخفاق الثانية، ولا يمكن له أن يذم هذه الجامعة وهو يعني غيرها، أي من باب (إياك أعني واسمعي يا جارة)، أبدا، وهذه السلوكيات إن حدثت فهي ليست من خصال الناقد الجيد والمحلل الصادق، وما ينبغي له أن يتحلى بها مهما كانت الدوافع والمغريات.

في جامعة كجامعة الملك سعود وهي بلا شك من أهم الجامعات على المستوى المحلي والإقليمي، ولكنها تعاني خللا في البنى الإدارية، حالها حال غيرها من الجامعات المحلية، فعلى سبيل المثال: كل كلية من كلياتها لها عميد واحد، وهذا أمر طبيعي ومألوف في كل كليات العالم، ولكننا سنجد أن لهذا العميد خمسة وكلاء، وفي كليات جامعة الملك عبدالعزيز أربعة وكلاء، وهذه الظاهرة مهما قيل من أسباب وذكر من أعذار لا يمكن قبولها إلا بعد الإقرار التام بوجود خلل في استيعاب الفروق الجوهرية بين ما هو إداري صرف وبين ما هو أكاديمي أو ما هو خليط بين الاثنين!

والواقع يقول إنه لو فتشنا في (كواليس) الإدارات الجامعية تفتيشا دقيقا، وابتعدنا قليلا عن مسألة التعصب وعن مقولة (هذه جامعتي وتلك جامعتك) لوجدنا عند المقارنات الشيء العجاب، ولذلك فإن البناء الصحيح دائما أولى من التصحيح، والمحاسبة الحازمة أهم من التعصب والمفاضلة، والنقد الهادف والطرح الجميل أكثر نفعا من المدح والتمجيد.. ورمضان كريم!