علي المطوع

التوازن المطلوب في الخليج

الاحد - 18 أبريل 2021

Sun - 18 Apr 2021

استهدفت إسرائيل خلال الأيام الماضية مفاعل نطنز الإيراني، في البدء قيل إنه هجوم على الطريقة السيبرانية الحديثة، لكن المعلومات التي رشحت تباعا أفادت أن قنبلة صغيرة الحجم قوية التأثير زرعت في أحد أجهزة الطرد المركزية، ومن ثم تم تفجيرها عمدا وعن بعد، الإيرانيون كعادتهم يستغلون مثل هذه الأحداث وهذا ما جعلهم مباشرة يعلنون رفع نسبة التخصيب في ذلك المفاعل لتصل إلى 60%.

يبدو أن الإيرانيين كانوا ينتظرون مثل هذه الحادثة وكأنها منعطف أخير قبل إعلان شيء ما، هذا الشيء قد يكون تسريع اتفاق جديد مع الغرب وبفوائد وامتيازات أفضل، وإما أن تكون القنبلة الإيرانية على وشك التدشين كونها تنتظر ظرفا مناسبا ليتم الإعلان عنه، عندئذ سنصبح كخليجيين وعرب والعالم أيضا أمام قنبلة إيرانية بمفاهيم عرقية وخلفيات طائفية وهنا مكمن الخطر.

سياق الأحداث وتراتبها منذ الإطاحة بنظام الشاه، يؤكد أن الغرب يتماهى بشكل غريب وملفت مع المشاريع الثورية الإيرانية من حيث المبدأ، وإن حضر الاختلاف فيكون حول الوسائل وربما الأطر الزمنية لتحقيق تلك المشاريع، فأمريكا سلمت العراق لإيران؛ ليصبح ساحتها الأمامية، وسوريا تشهد حضورا إيرانيا ملفتا وغريبا، كونه على بعد كيلومترات بسيطة مع العدو العلني والمعلن إسرائيل!، وهذا شيء غريب يدعو الإنسان البسيط إلى التساؤل عن مدى جدية الغرب في عدائه مع جارتنا الشريرة إيران.

في اليمن قصة مشابهة وحضور إيراني آخر، وكالعادة يكون بالوكالة وبرضا أمريكي وغربي أسهم ومازال يسهم في حماية هذه الأقلية الباغية، التي خرجت على الشرعية وما زالت تمارس في اليمن كل أشكال التجاوزات الخطيرة والممنوعة، ومع ذلك تحظى بتعاطف غربي جعلها دائما في مأمن من المساس بها أو بحضورها التخريبي في اليمن والمنطقة.

ماذا يعني ما سبق؟، يعني أن الغرب يريد أن يجعل شعوب المنطقة العربية وحكوماتها أمام أمر حتمي، يتجسد في كون إيران هي القوة الأولى في المنطقة، وأنها ستصبح آمرا وأمرا واقعا، على الجميع التعاطي معه وفق متغيرات المرحلة ومستجداتها، وأهمها وأكثر خطورة هو القنبلة الإيرانية المنتظرة.

على الجانب الآخر ما زالت بلادنا المملكة -العربية السعودية- تقاوم المشروع الإيراني وما زالت هي العقبة الأصعب التي أوقفت التدخلات الإيرانية في العديد من دول المنطقة، ولعل أحداث البحرين السابقة تؤكد صلابة الموقف السعودي تجاه إيران وتجاوزاتها على المنطقة وشعوبها، وكذلك أحداث اليمن، وهذا يفرض على دول المنطقة جميعا دعم الموقف السعودي ونصرته في وجه تلك التجاوزات الإيرانية التي كانت وما زالت ترى في الضفة الأخرى من الخليج مقاطعات إيرانية يجب ضمها إلى المشروع الثوري الإيراني الخطير على المنطقة والعالم.

ويبقى السؤال الأهم عندما تعلن دولة متطرفة مثل إيران نجاحها في تخصيب كمية اليورانيوم اللازمة لصنع قنبلتها الأولى، أليس من حق الآخرين امتلاك سلاح رادع يبقي المنطقة متوازنة ويحفظها من مغبة تسلط طرف على آخر؟

الجواب نعم، والمثال الحي تجسده القارة الهندية وأحداثها السابقة، التي لم تهدأ إلا عندما أعلنت باكستان الصغيرة إنتاج قنبلتها النووية الأولى، التي حفظت السلام مع جارتها الأكبر والأقدر الهند.

alaseery2@