طلال الشريف

العقلانية في تمكين المرأة

السبت - 17 أبريل 2021

Sat - 17 Apr 2021

المرأة نصف المجتمع وأهم مكوناته دون جدال، والدعوة لتمكينها حق مشروع من حقوقها الإنسانية بعيدا عن المزايدات الإعلامية أو المحاكاة لمشروعات تمكين المرأة في المجتمعات الأخرى، فقد كفلت شريعتنا الإسلامية السمحة للمرأة حقوقها وأعلت من شأنها، وتبقى الإشكالية الحقيقية في ممارساتنا نحو المرأة ودورها في الحياة.

لقد نشأت المجتمعات وتعايشت منذ آلاف السنين على دور المرأة التقليدي المتمثل في أنها زوجة وأم وربة منزل، وتطور ذلك الدور عبر التاريخ بتعليم المرأة وخروجها للعمل جنبا إلى جنب مع الرجل مع استمرار مسؤولياتها تجاه الأسرة والمجتمع، وما صاحب ذلك الدور من تباين في التعامل مع المرأة في مختلف المجتمعات بحسب وعي تلك المجتمعات، وشرائعها الدينية، وظروفها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فالمجتمعات غير المسلمة سعت لتمكين المرأة بمنظور (الأنا) وتحقيق الذات والمساواة المطلقة والاستغلال الكامل للمرأة، ما أدى إلى ابتذالها وإرهاقها وتحميلها مسؤوليات كبرى لا تتناسب وفطرتها التي خلقت عليها. والمجتمعات المسلمة في أغلبها بقيت حتى وقت قريب على دور المرأة التقليدي رغم تعلمها ووعيها، وذهبت إلى أبعد من ذلك في التسلط عليها وسلب بعض حقوقها باسم الدين والعادات والتقاليد.

ولأننا في مرحلة حساسة من الزمن أصبح لزاما علينا إيجاد فهم حقيقي لتمكين المرأة وفق تصورنا الإسلامي واحتياجاتنا المجتمعية المعاصرة يكفل لها القيام بأدوارها التقليدية والحديثة، ويحافظ على مكانتها وخصوصيتها، ويصحح المفاهيم والنظرة الخاطئة التي تروج لها بعض وسائل الإعلام والمتعلقة في تصوير علاقة المرأة بالرجل كعلاقة تنافس وصراع تسعى من خلالها المرأة إلى انتزاع حقوقها ومطالبتها بالمساواة المطلقة مع الرجل.

لقد أصبح تمكين المرأة في مجتمعنا السعودي واقعا ملموسا من خلال السياسات والأنظمة والتشريعات التي منحت المرأة السعودية الفرصة الكاملة للتعليم والعمل في جميع قطاعات الدولة بلا استثناء، وهو في نفس الوقت مسؤولية مشتركة بين المرأة والرجل للحفاظ على كيان المجتمع وأصله المتمثل في بناء الأسرة، وتزداد المسؤولية على المرأة بعد توسع أدوارها ما يفرض عليها تحمل تلك المسؤوليات والنجاح في تحدي تحقيق التوازن بين أدوارها المختلفة وعدم التأثير على حياتها الخاصة والأسرية والاجتماعية.

ومن هنا نحن بحاجة إلى العقلانية في تمكين المرأة السعودية للاستفادة منها بصفتها أهم مكون في المجتمع ومساعدتها على تحقيق ذاتها وتطلعاتها وعدم تصوير تمكين المرأة على أنه صراع مع الرجل على حساب الأسرة وكيان المجتمع، وهو أمر مرهون بوعي المرأة والرجل لأدوارهما بالدرجة الأولى وبدور المؤسسات التربوية والإعلامية للقيام بمسؤولياتها الوطنية في إبراز أهمية تمكين المرأة وفق تصورنا الإسلامي وطبيعة التمكين وغاياته وفوائده وتحدياته وآثاره على الأسرة والمجتمع.