زيد الفضيل

السعودية الخضراء طموحات وطن

السبت - 17 أبريل 2021

Sat - 17 Apr 2021

في الوقت الذي تمشي فيه القيادة السعودية مسرعة بخطى ثابتة، ورؤى طموحة، بهدف جعل المملكة العربية السعودية قائدة مشروع نهضوي ليس على الصعيد العربي وحسب، بل ويمتد بأثره وتأثيره؛ ليغطي مساحة الشرق الأوسط وفق ما أعلنه ولي العهد من قبل، أرى إعلامنا وهو أحد الرافعات الرئيسة في هذا المشروع، سواء منه ما كان يبث من الوطن أو من خارجه، يتضاءل سنة بعد سنة بما يقدمه من برامج منوعة واسكتشات تلفزيونية أقل ما يقال عنها إنها لا ترقى لمواكبة طموحات وطن ورؤية قيادة.

وواقع الحال فقد كنت ولا أزال مؤمنا بأن إعلامنا وبخاصة الخارجي منه مختطف من قبل هويات لا تنتمي إلى روح جزيرتنا العربية، وبالتالي فليست مهمومة بتطوير إنسان هذه الأرض العربية التي تشكل المملكة العربية السعودية أربعة أخماسها، ناهيك عن إبراز مضامين القيم التي حكمت القبائل العربية خلال مختلف السنين السالفة، وكأن المراد استمرار تصوير أفراد المجتمع العربي الأصيل في جزيرتنا الأم بأنهم بادية لا تحكمهم أعراف وتقاليد، ولا تضبط سلوكهم أنظمة وأحكام دينية وقبلية صارمة، وأنهم كانوا بعيدين عن روح وسمت الحضارة والتمدن، وهو لعمري ظلم فادح تم إيقاعه علينا مع سبق الإصرار والترصد.

أمام ذلك كتبت مرارا، وناديت عبر قناة الثقافية حال وجودها في عديد من اللقاءات المتلفزة إلى أهمية أن تهتم مؤسسات الإنتاج الوطني برصد التجربة السعودية ومسيرة تطورها من خلال ما كتبه عديد من الأدباء كعلامة الجزيرة العربية الشيخ حمد الجاسر في كتابه (من سوانح الذكريات)، والأديب إبراهيم الحسون في كتابه (خواطر وذكريات)، أو من خلال ما سجله الأديب محمد علي مغربي في كتابه (أعلام الحجاز)، والعجيب أن المغربي قد كفانا مؤونة التفكير في رسم صور وهيئات الشخصيات وبيئاتهم المجتمعية، فقد كان يصفهم وصفا دقيقا ويصف طبيعة حياتهم بشكل مبهر، وكأنه عدسة تصور وليس قلما يكتب.

هؤلاء جميعا وغيرهم كثر قد صوروا طبيعة الحياة في المملكة العربية السعودية منذ نشأتها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وحتى فترات لاحقة، وشخصوا واقع الإنسان العربي في هذه الأرض الطيبة، وبالتالي فالاهتمام بإنتاج ما دونوه في مسلسلات تلفزيونية وأفلام سينمائية سيكون له أثره على واقع أبنائنا اليوم، وسيجعلهم مدركين لحجم التطور والبناء والنهضة التي صنعها ملوك وقادة ورجال هذا البلد، وسيكونون لبنة قوية في معالم النهضة الجديدة التي يقود دفتها الأمير الشاب والطموح محمد بن سلمان، ويقيني أنه بحاجة إلى رجال يسندونه، وأخشى أنه لن يتأتى ذلك فيما إذا استمرت التفاهة وجبة يقدمها إعلامنا صباح مساء.

أعود إلى حيثيات ما تعلنه القيادة من مبادرات رائدة ومشاريع طموحة لأجد نفسي عاجزا عن مواكبة هذه المبادرات بالصورة التي يجب، وبالكيفية التي تفي بإبرازها من جهة، وربط أجيالنا المعاصرة بها بشكل وثيق، فالكاتب أيا كانت شهرته ليس إلا ترسا في عجلة، كما أنه بات خامسا وسادسا في خانة التأثير، وليس ذلك بسبب عجزه، بل بسبب توجه بعض الجهات الرسمية واهتمام جانب من الإعلام والثقافة للأسف بإبراز مشاهير السناب والسوشيل ميديا وكثير منهم ليسوا بشيء على صعيد المعرفة، وهو ما انعكس بأثره السلبي على مخرجاتنا وما يمكن أن تنتجه مستقبلا.

أشير في هذا الصدد وعلى سبيل المثال إلى أن ولي العهد قد أطلق منذ مدة وجيزة مبادرة (الشرق الأوسط الأخضر) التي تطمح إلى زراعة 50 مليار شجرة؛ لتمثل المبادرة أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم، يتم من خلالها استعادة 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة والتي تمثل 5% من الهدف العالمي، ويتم من خلالها خفض 60% من انبعاثات الكربون الناتجة عن إنتاج النفط لمواكبة الجهود العالمية المشتركة لتخفيض الانبعاثات الكربونية. والسؤال: هل تمكن إعلامنا من تسليط الضوء سواء في برامجه أو اسكتشاته على هذه المبادرة الكبيرة جدا على صعيد العالم؟ وبالتالي أسهم في تهيئة الشباب لدورهم ومهمتهم في المستقبل المنظور؟

أختم بتأييدي لما أشار إليه الزميل الكاتب عبداللطيف الضويحي في مقاله (الشرق الأوسط الأخضر مقابل الشرق الأوسط النووي) المنشور في الزميلة (عكاظ)، مؤكدا قوله بأن السعودية «تبني وتتبنى ثقافة السلام بمشروعها الأخضر وبوعيها الأخضر وبسلاحها الأخضر، في منطقة أصبحت مدنها وكرا للخوف، وعلاقاتها على زناد عدم الثقة، وشوارعها ساحات لحروب وملاذا للميليشيات والمرتزقة والشاذين، منطقة ملأت بحار العالم بسفن اللاجئين والمهاجرين البائسين». حفظ الله وطننا ورمضان يجمعنا بخير.

zash113@