آلاء لبني

البيئة والتنمية

الاحد - 11 أبريل 2021

Sun - 11 Apr 2021

كتبت سابقا عن بعض السلوكيات البيئية للفرد التي تعود عليه وعلى البيئة بالمنفعة بشكل مباشر في توفير المال في مفهوم الاستهلاك الذكي وتقليل إنتاج النفايات والمحافظة على البيئة.

الحقيقة إن خفض أي استهلاك بالمجتمع ليس من مصلحة الشركات الكبرى ومكاسبها الاقتصادية والتجارية والمالية المتعلقة بزيادة الإنتاج لمواكبة الطلب.

لكن ما يشكل التحديات والنصيب والأثر الأكبر ضررا على البيئة هي المنافع والاستخدامات ذات الأهداف التجارية والاقتصادية صغرت أو تعاظمت.

الأنشطة المتنوعة كالرعي الجائر لقطعان الماشية بدون مزارع حديثة، تحويل صكوك الأراضي المنتجة من أراض زراعية إلى عمرانية ليرتفع ثمنها، الإنتاج الصناعي والبتروكيماويات..إلخ.

الضغط الذي تتعرض له البيئة يعد من التكاليف المترتبة على الاقتصاد، فكلما ازدادت الحاجة إلى الموارد يؤدي إلى زيادة سعر الموارد خاصة غير المتجددة منها.

والمساعي نحو تحقيق الكفاءة الاقتصادية وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد، أي بأقل قدر ممكن من الهدر يعني انخفاض حجم الموارد اللازمة لعملية الإنتاج.

تظل تحديات ومناشدات بعيدة كل البعد عن واقع كوكب الأرض!

ومن جانب آخر لكي تلتزم القطاعات أو تكون صديقة للبيئة أو بالأحرى تحد من التلوث تحتاج لتكاليف مالية عالية وتطبيق سياسات بيئية وقوانين مقننة.

هناك علاقة تبادلية بين البيئة والاقتصاد تؤثر على التنمية المستدامة، والتجارة بطبيعة الحال تقع ضمن نطاق الاقتصاد وتتأثر به.

إن التلوث من مساوئ الاقتصاد فجميع عمليات الإنتاج تنتج شكلا من أشكال التلوث، لذا يعد الوصول إلى مستوى التلوث الصفري هدفا مستحيلا، وتتجه البوصلة إلى ما هو مقدار التلوث المناسب للهواء مثلا! المعايير الدولية تحدد سقف كمية الملوثات والانبعاثات المسموحة لتسريبها إلى الهواء.

مقدار التلوث ضمن المعايير المقبولة يخضع لعوامل مختلفة منها المنفعة الحدية وبما فيها من تكلفة آثار التلوث الصحية والبيئية للمجتمع.

التوجه العالمي بإدراج تكلفة التلوث في قرار الإنتاج. واستخدام الضغط والضرائب ضد دول بعينها سواء الصناعية الكبرى أو المنتجة للنفط والكربون، يهدف إلى التشجيع على الإنتاج المستدام والبحث عن التأثيرات الأقل ضررا.

ومن هنا ظهرت الدعوات لكفاءة الموارد والمسميات المختلفة: النمو المستدام، الاقتصاد الأخضر، الإنتاج والاستهلاك المستدام، التجارة المستدامة، الاقتصاد الدائري.. إلخ

التوجه بخلق اقتصاديات تراعي وضع المنظومة البيئية بأول سلم أولويات التنمية وركيزة لأي عملية تخطيط يسهم في الحد من التدهور البيئي واستعادة البيئة لعافيتها، ومن الآمال المعقودة حالياً مبادرة السعودية الخضراء في تفعيل حزم من المبادرات البيئية تسهم في التوجه نحو بيئة مستدامة، وأيضا تفعيل النائب العام دائرة مختصة بالتحقيق في الجرائم البيئية، سيسهم في تعزيز الحماية للبيئة والحد من الجرائم كالتلوث التي تشكل خطرا على الصحة والهواء الذي نتنفسه وتتسرب إلى المياه بالمواد السامة الذي قد يتهاون فيه مرتكبو الجرائم البيئية سواء كانوا شركات محلية أو استثمارية . فالبيئة بكافة مكوناتها أساس عمارة الأرض.

ونأمل أن يلحقه بإذن الله محاكم مختصة بالبيئة تنظر في تلك القضايا تمنع الضرر عن الموارد الطبيعية وتتراكم بها الخبرات وتضرب على أيدي المفسدين للبيئة.

الجدل العالمي على قدم وساق بين المصالح الاقتصادية والتجارية والقوانين البيئية والالتزام بها.

والجدل والانتقاد ليس بمنطق الرضا عن المياه الملوثة أو تلوث الهواء، ما يختلف عليه ليس أهداف التنمية المستدامة أو الاتفاقية بحد ذاتها، بل الطريقة المستخدمة في تحقيق أهداف حماية البيئة. فالاقتصاديون لديهم مخاوفهم حيال تدابير الأهداف والشروط التي قد تتعارض مع بعضها البعض في عدد من الدول والقطاعات متضاربة المصالح.

ويعولون على بناء تدابير معقولة وقواعد منظمة تحقق التوفيق بين المصالح، وتحقق التوازن البيئي، وإن كان مصيرها لليوم التعثر في حماية البيئة من المخاطر الكبرى.

ومن أشكال عدم الرضا بوادر ما يسمى النفاق البيئي فمع احتدام قضايا التغير المناخي وذوبان الثلوج وانبعاثات الكربون والمناداة الحثيثة بمصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، يظهر التنافس القوى العالمية على المواد الخام في القطب الشمالي والخطط الطموحة التي تتجاهل أو تتعارض مع فكرة مشكلة المناخ أمام ثروات ومعادن نفيسة والغاز المسال ونفط يمكن اكتشافها تحت الجليد، وتطوير وامتلاك تقنيات أكثرا تطورا، في ظل اتفاقية قانون البحار التي تنظم استغلال الموارد الاقتصادية في القطب الذي لا يملكه أحد، مما يؤجج نقطة صراع وتوتر سياسي جديد بين دول كندا والدنمارك وروسيا وأمريكا والنرويج وآمال الصين الكبرى.

التنافس بين المنتفعين سيقف مكتوف الأيدي أمام المطالب بالمعايير البيئية والاجتماعية وتجاه خطر الكربون!

الكيل بمكيلين سمة سائدة للكثير من القضايا.

@AlaLabani_1