عبدالله الأعرج

بين مقاومة التغيير ومساءلته!

الاحد - 04 أبريل 2021

Sun - 04 Apr 2021

في محاضرات داخل البلاد وخارجها عن الإدارة والقيادة لمنظمات العمل يتحدث المحاضرون عن بلوى ابتليت بها منظمات العمل، وهي مقاومة الموظفين للتغيير change resistance.

استسغت هذا الموضوع في أول دورة عن الإدارة الاستشرافية بالنمسا، ووجدتني أنجذب نحو سيناريوهات المقاومة (المجحفة) من بعض الموظفين لأمور يمكن أن ترفع من كفاءة العمل، وكنت أستمتع بالحيل النفسية التي يستطيع القيادي للمنظمة استخدامها لإقناع موظفيه بجدوى التغيير!.

ولكنني وجدت فيما تبعها من دورات تحيزا كبيرا نحو القرارات التي تتخذها قيادات العمل ووصف أي تعاط معها (غير قبولها) بصفة المقاومة وهو لفظ كما نعلم يحمل إيحاء سلبيا وربما اتهاما مبطنا أن سبب تراجع أداء المنظمة هو بسبب عدم قبول (بعض) الموظفين (لكل) ما تطرحه إداراتهم.

وفي نقاشي الأخير مع مدربنا في معهد الإدارة وجدت من المناسب إثارة هذه النقطة من اتجاهين رئيسيين:

أولهما لغوي صرف بحكم تخصصي، وسألته عن رأيه في استبدال مفردة (مقاومة) بمفردة (مساءلة) مأخوذا في الاعتبار أن الفعل الرباعي (قاوم) يختلف معنى وإدراكا عن مثيله (سأل وساءل).

ثانيهما فكري صرف، لأنه من غير المقبول أن ترجو إدارة ما أن تحوز على رضا تام من وقودها (موظفيها) وهي تصف استجاباتهم لما يصدر من قرارات جديدة بـ(مقاومة)، لأن المقاومة فعل شرس يعني حشد الكثير من الدهاء والقوة بأنواعها للانتصار في معركة!

وغني عن القول أن بيئات العمل ذات الطابع الحربي والتي تستخدم فيها أسلحة بين الإدارة والميدان مثل: (مقاومة)، (تحدي)، (اقتناص)، (دحض)، (إفحام)، (إحراج)، (قمع) لا يمكن لها أن تمثل الحد الأدنى من متطلبات تنمية العمل المنظمي، بل إنه يستحيل معها خلق ثقة متبادلة تلقي بظلالها على سير العمل بشكل جميل ومتناغم!.

بقي أن أختم بالتذكير من مغبة الترجمة للمصطلحات الإدارية ونقلها دون تبصر لبيئات مختلفة! فكلمة مقاومة التي يكررها الكثير من المدربين وأساتذة الإدارة ترجمت عن مفردة resistance بالإنجليزية، والتي لا يمكن لها إلا أن تخلق مزيدا من المقاومة والتعنت والإصرار المضاد! لذا فإن استبدالها بلفظة questioning (مساءلة) يفتح مساحة جيدة للفهم والإقناع. وحين قال لي أحد المحاضرين إنه لم يلحظ يوما أي اعتراض من المتدربين في الدورة حول لفظة (مقاومة) همست في أذنه أن الحاضرين ينتمون لطبقة الإدارة وليس للعاملين في الميدان ثم ضحكنا سويا، وأن أذكره بالمثل الشعبي (الميدان يا حميدان)!.

dralaaraj@