آلاء لبني

نضوج مجتمعي

الأربعاء - 31 مارس 2021

Wed - 31 Mar 2021

تحول المجتمع خلال السنوات العشر من نقيض لآخر بموضوع المرأة لن يحدث بدون أخطاء، بل العكس مرحلة النضوج تستغرق وقتا طويلا أكثر مما يتصوره البعض، نستطيع أن نقول كأنها حركة تصحيحية، ستجمع بين ما هو صحيح وما هو خاطئ.

حين يلتحق موظف بعمل جديد ولم يطبق أيا من أنظمته سابقا، هل سيخطئ أم لا؟ بالتأكيد سيستغرق وقتا لإجادة المهارات والمعارف بهذا المجال حتى يقلل من نسبة خطئه.

فكيف بمسرح الحياة بكافة تفاصيله؟

ستجد من يخرج عن طوق أعراف المجتمع ويقلد بعضا من المشاهير(إناث - ذكور) الذين يبحثون عن التواجد الدائم الذي يحقق استمرار تدفق الإعلانات لهم. أو من ستخطئ نتيجة كبت أو عنف مورس عليها، ليس مبررا بالتأكيد، لكن يجب أن نعي أن النفس البشرية متنوعة في ردات أفعالها، فالبعض حين يقع تحت طائلة ضغط أو ظلم، يكره أن يوقعه على غيره ويصبح من أكثر المنادين للدافع عن المتضررين بالتوعية، وآخرون يطبقونه ويمارسون الظلم ذاته على من هم أضعف منهم كنوع من الانتقام، وآخرون يثورن على كل الحدود والأطر المجتمعية.

وهذا الأمر لا يتعلق بمجتمعنا فقط بل لكافة البشر. الجلبة هنا وهناك لا تعني عكس الواقع كما هو. فلا نجعل الأخطاء تأخذ حيزا أكثر من حجمها، النضوج المجتمعي بكافة الاتجاهات أمر نحتاجه ليس فيما يخص قضية المرأة فقط.

فنضوج المجتمع ونضوج المرأة رهان نراهن عليه لتثبت للمحيط الذي كان يرفض تواجدها أنها كفؤ لتحمل المسؤولية وممارسة حقها بكافة المجالات. لتصب التغيرات في المصلحة العامة، هذا الطريق يبدأ بنشر الثقافة والوعي وتغيير المفاهيم التي لا صلة لها بالعدالة، كقناعة الأسر التي تقبل عضل بناتهن، أو ثقافة الكتمان الذي تقع تحت طائلتها من تحرش بهن ويخفن البوح لأهاليهن!

أرجو التفرقة بين التوعية في أحد أكبر الأماكن الحيوية بالمدن وبين الحاجة لها في القرى والهجر وسبل الوصول إليهم.

أول أسباب مشكلة ما نقص المعرفة والمعلومات عنها والجهل بها! وهذا ما يستغله البعض. فتوعية كامل الأطراف لشرائح المجتمع ليس أمرا هينا، لأن تغير ونضوج المجتمع بشكل جمعي يقلص مرحلة التخبط ونسبة الخطأ.

على سبيل المثال: نقص المعرفة بمجال الثقافة القانونية، فكل له دور مهم، وزارة العدل والإعلام وممارسو المهنة .. ونحن بحاجة إلى برامج وأدوات متنوعة، تساهم في تنوير المجتمع.

فقد تغيرت وتطورت العديد من الأنظمة والإجراءات بوزارة العدل خلال السنتين لما يصب في مصلحة الأسرة والمرأة فيما يعد نقلة نوعية، كنا بأمس الحاجة إليها، لما كان من ظلم متعد تتضررت منه الأسر والأطفال (الحلقة الأضعف في أي صراع زوجي) على مدى القريب والبعيد.

منها: تجريم العضل ومنع إجبار المرأة على من لا تريده في النكاح، تنظيم صندوق النفقة للمطلقات والأبناء. أحقية الأم بإثبات حضانة أبنائها من دون حاجتها إلى رفع دعوى قضائية في محاكم الأحوال الشخصية في حال عدم وجود خصومة، منح المرأة حق الولاية على المحضون، مما يسهل عليها مراجعة أي قطاع كالتعليم والأحوال المدنية.

كم تجرع من الهوان ومشقة الحياة؟ الذي ذاق مرارته الأبناء من ظلم آبائهم نتيجة خلاف أو طلاق، بنظام لا يمكن المرأة من قيادة أمور أولادها. ويأتي هنا دور نشر هذه المعرفة لتمكين المجتمع من عدم الوقوع بالأخطاء وسبل الوصول لرد المظالم.

وما زال الأمل في تطوير نظام الأحوال الشخصية الذي نعول عليه الكثير. في الأمل من الحد من اجتهاد القضاة حسب ميولهم وآرائهم. والحد من التراخي في تطبيق القوانين ولا يترك سبيلا لاتخاذ الشكل والمظهر أحد عوامل النظر التي قد تظلم أحد الأطراف!

لم أكن ولن أكون يوما ضد الرجال ولا مع النساء بشكل أعمى البصيرة، بتقديس طرف على آخر، فلكل حالة تقييمها ووضعها وظروفها الخاصة بطبائع وأنفس مختلفة، فالظلم أو القسوة أو الخطأ والتقصير والاستغلال، يظهر من المرأة والرجل على حد سواء.

المرأة كالرجل تماما بشر ليست من الملائكة!

لكن تثبيت الحق بالقوانين التي تغير العادات والمورثات الخاطئة وتنور بها، تحفظ وترد الظلم أيا كان المتسبب به، وهي سبب من أسباب النضوج المجتمعي.

ختاما: لا تستقيم الحياة إلا بتسخير الرجل للمرأة والمرأة للرجل.

كلنا لدينا من البنات والبنين ما نبتهل لله لفتح طريقهم على حد سواء، فجوة الفروقات المجتمعية يجب أن تضمحل نحو العدالة.

AlaLabani_1@