علي المطوع

هل تغير العالم أم تغيرت أمريكا؟

الاحد - 14 فبراير 2021

Sun - 14 Feb 2021

ألغت الخارجية الأمريكية التصنيف الأخير لجماعة ما يسمى بأنصار الله الحوثية، ورفعت عنها تهمة الإرهاب كجماعة، فيما أبقت التصنيف ذاته على قلة من رموزها الفاعلين.

هكذا كان بيان وزير الخارجية الأمريكي المتعلق بهذه المسألة، والسبب المعلن للإلغاء يشير إلى أن التصنيف الذي اعتمده سلفه القريب سيؤخر وصول الغذاء والوقود إلى الشعب اليمني!

لست بصدد الحديث عن الحوثيين ولا عن جرائمهم في حق اليمنيين، فاليمنيون يعرفون خطر هذه الجماعة وارتباطاتها العميقة بإيران، ولا ينقص اليمنيين الدراية في معرفة أبعاد وخطورة هذه الجماعة المرتبطة بإيران ومشاريعها التخريبية في المنطقة، هنا نحاول أن نستظهر التناقض الأمريكي ليس على مستوى الحزبين الكبيرين الذين يتناوبان على حكم أمريكا، ولكنه التناقض الذي بات يحكم واحدة من أهم المؤسسات الأمريكية التي تصنع سياسية هذه الدولة وتصنع خارطة تأثيرها في العالم.

الخارجية الأمريكية يفترض فيها ومنها أن تكون أسيرة للمصلحة الأمريكية الصرفة، وأن تكون ثوابتها راسخة في الثبات بمعنى أن نظرتها لأمور العالم وقضاياه لا تتغير بتغير الرئيس الأمريكي مهما كان لونه واتجاهه، ما يجري اليوم يعكس مزاجا متغيرا لدى سكرتير الخارجية الأمريكية، الذي بمقتضاه رفع التصنيف الإرهابي عن جماعة الحوثي التي كانت قبل أيام معدودة إرهابية وفق التصنيف المعروف FTO، وهنا يحضر السؤال المهم: لماذا سلفه بومبيو أقر هذا التصنيف واعتمدته الإدارة الأمريكية السابقة؟! وهل أصبحت المؤسسات الأمريكية

السيادية خاضعة لمزاج الأفراد على حساب الدولة ومصالحها العليا؟

من يدري، ربما الحزبان الكبيران أصبحا على طرفي نقيض في آليات التعامل مع العالم وكياناتها، بينما السياسة ما زالت موحدة وثابتة، وربما أن أمريكا بدأت تظهر ما كانت تردده في الغرف المعزولة، وأصبح العالم بالنسبة لها مجرد كانتونات مصالح تم رسمها في المخيال السياسي الأمريكي الجديد وأصبحت أمريكا تؤطر العالم الثالث بهذا المفهوم، الذي يجعل هذه الكيانات مجتمعة مجرد قطع صغير لا يعبأ بها ولا بردود أفعالها ولا بمشاعر شعوبها التي تتجرع مرارات الظلم والقهر والعدوان.

قد لا نستطيع تفكيك السياسة الأمريكية ومعرفة أبعادها ومنعطفاتها في هذه اللحظة الحرجة من تاريخها، ولكننا نؤمن بأن أمريكا بدأت تتغير من الداخل وهذا التغيير شمل سلوكها السياسي المتناقض والمنقلب على إرثها السابق، فإدارة تقر اتفاقا نوويا مع إيران وإدارة أخرى تلغيه وإدارة تخرج من منظمة الصحة العالمية وتتنصل من اتفاقيات المناخ، وإدارة تعود إلى ذات المنظمة وتعود إلى اتفاقية باريس للمناخ، علما أن المسافة الزمنية بين القرارات المتضادة والمتناقضة تقل عن العامين أو تزيد بقليل، فما معنى هذا التناقض السريع؟ وما هي أبعاده المنتظرة على أمريكا والعالم؟

alaseery2@