ناقية الهتاني

قيادة المشاعر في بيئة العمل

الخميس - 11 فبراير 2021

Thu - 11 Feb 2021

تحتاج قيادة المشاعر إلى ذكاء وقوة شخصية، وحجر الزاوية في الذكاء العاطفي هو «وعي الإنسان بمشاعره وقت حدوثها» ويبرز تأثير المشاعر في إعمال أو تعطيل التفكير ذاته.

وقد يبدو للوهلة الأولى أن مشاعرنا واضحة، ولكن إذا مارسنا قدرا أكبر من التفكير والتأمل نجد أننا غافلون عما شعرنا به تجاه شيء ما، أو أنه يوقظ فينا هذه المشاعر فيما بعد.

ونظرا لأننا نمر بكثير من المواقف في حياتنا الشخصية والوظيفية والتي تكون بمثابة المرشحات لممارسة قيادة المشاعر، فالمهارة الذاتية هي أصل التحكم في انفعالات النفس ما دامت هذه الانفعالات هي التي تسوقنا إلى حافز القيام بفعل من الأفعال.

ذكر «سالوڤي» في تصنيفه لمجالات الذكاء الشخصي أن تعرف الإنسان على عواطفه يعطي وعيا بالنفس، والمقدرة على إدارة العواطف من خلال التعامل مع المشاعر لتكون مشاعر ملائمة تقوده فيما بعد إلى تحفيز النفس وتوجيه العواطف في خدمة هدف ما، لأنه بذلك يساعدها على التفوق والإبداع أيضا.

كما أن التعرف على عواطف الآخرين مقدرة أخرى تتأسس من الوعي بالانفعالات وهي مهارة إنسانية فالأشخاص الذين يتمتعون بالمشاركة الوجدانية يكونون أكثر قدرة على التقاط الإشارات الاجتماعية التي تدل على أن هناك من يحتاج إليهم. وتوجيه العلاقات الإنسانية هو فن العلاقات بين البشر وهو في معظمه مهارة في تطويع عواطف الآخرين التي تحقق الكفاءة الاجتماعية وتستلزم القدرات التي تكمن وراء التمتع بالشعبية، والقيادة، والفاعلية في تكوين العلاقات مع الآخرين.

ولا شك في أن المتفوقين في هذه المهارات يجيدون التأثير بمرونة في كل شيء يعتمد على التفاعل مع الناس.

ولا نختلف أن بيئة العمل من أشد البيئات التي تحتاج إلى مهارة قيادة المشاعر لأن تحقيق الأهداف وجودة الأداء، تنبع من التوافق العاطفي ومن القدرة على التعاطف وتقدير الأمور بمفهومها الحقيقي، وتقع مسؤولية قيادة المشاعر على كل من القائد والموظف، فهما يشتركان في نجاحها أو فشلها لأن خطورة «قيادة المشاعر» تكمن في نتائجها والتي تعبر عن وجود أو انعدام قوة الاتصال والتواصل في بيئة العمل وهي مرتكزات النجاح والإنتاجية، والتي بفقدها يفقد العمل أهدافه.

حتى ينجحا في تحقيق ذلك لا بد من توفر مجموعة من المهارات لديهما؛ منها الوعي الذاتي وإدارة الذات والتعاطف وتفهم مشاعر الآخرين، هذا النوع من المهارات يرسم طريقا جيدا لعدم التعبير المبالغ فيه عما يشعر به الإنسان وتضخيم إظهار عواطفه بشكل يعوق الإنجاز ويحول البيئة إلى بيئة غير منتجة، كما أنها تعطي بعدا آخر للشجاعة على التفاعل، فهناك أشخاص يتركون انطباعا اجتماعيا ووظيفيا جيدا، وهم المتناغمون مع ردود أفعال الناس والقادرون على مواصلة هذا التناغم بأدائهم الاجتماعي والوظيفي المنضبط، ليضمنوا أنهم تركوا عند الآخرين الأثر المرغوب، وتُحقق هذه المهارات كثير من الفوائد التي يجنيها العمل، وتعطي القدرة على قيادة المشاعر في الاتجاه الصحيح، والوصول إلى حالة تدفق المشاعر في أثناء العمل لتحقيق مستويات راقية من الإنجاز.

ولعل من أكثر الأساليب التي تعوق «قيادة المشاعر» عند القائد والموظف على حد سواء: كثرة النقد الذي يصدر من كليهما ويولد على الفور ردة فعل الدفاع عن النفس إما بالتبرير أو التنصل من المسؤولية أو الصمت التام.

ويقدم هاري ليڤينسون المحلل السيكولوجي، الذي أصبح مستشارا سيكولوجيا، عددا من النصائح حول (فن النقد) الذي يتضافر مع فن الإطراء، من أهمها:

1 - كن محددا: ركز على الحدث الذي له دلالة ويوضح مشكلة رئيسة تحتاج إلى التغيير أو شواهد تمثل نقص الكفاءة والخطأ في الأداء أو عدم جدوى هذا القرار وصعوبة تنفيذه، وبالمقابل على الطرف الآخر أن ينظر إلى النقد كمعلومة لها قيمتها حول كيفية تحسين العمل، وليس بوصفه هجوما شخصيا.

2 - قدم حلا: لأن النقد الجيد يفتح الباب إلى تقديم إمكانات وبدائل لم يتبين الشخص نفسه وجودها، ويتضمن اقتراحات حول أسلوب الاهتمام بهذه المشاكل في ضوء مناسبتها، بالمقابل راقب عدم وقوعك في اتخاذ موقف دفاعي بدلا من تحمل المسؤولية.

3 - كن حاضرا: لأن النقد مثل المديح فهو أكثر فعالية حين يقال وجها لوجه على انفراد. حتى لا يُسلب من الشخص المتلقي فرصة الاستجابة لهذا النقد أو توضيحه، وعدم جدوى النقد في غياب الطرف الآخر.

4 - كن حساسا: هذه دعوة للتعاطف مع الآخر لتكون متناغما مع ما تقوله، وكيف يكون وقعه على الشخص المتلقي في ضوء اختيار الأسلوب والظروف المناسبة لذلك.

وأخيرا، فإن من أهم نتائج قيادة المشاعر هو إدراكنا وملاحظة مشاعرنا بالنسبة لأفعالنا والتغيرات التي تجعلنا أكثر تكيفا مع عملنا، وحتى لا نقع تحت رحمتها فإن القدرات العاطفية أمر يمكن تطويره لأنها مجموعة من العادات التي من الممكن أن تتحسن بالمراقبة الذاتية والتفهم الواعي وبذل الجهد الملائم والمناسب.

@NS_nagiah