هل يتكرر انفجار مرفأ بيروت في اليمن؟

لايلا يونس: الحوثيون يستخدمون الناقلة وسيلة ضغط لابتزاز أمريكا والعالم.. وملايين البسطاء سيكونون الضحايا
لايلا يونس: الحوثيون يستخدمون الناقلة وسيلة ضغط لابتزاز أمريكا والعالم.. وملايين البسطاء سيكونون الضحايا

السبت - 06 فبراير 2021

Sat - 06 Feb 2021

فيما عادت ميليشيات الحوثي الإرهابية للإخلاف بوعودها بشأن تمكين فريق خبراء الأمم المتحدة من صيانة خزان سفينة النفط (صافر) الراسية على شاطئ البحر الأحمر بالقرب من ميناء الحديدة، حذرت الباحثة في علوم البيئة لايلا يونس من أن اليمن على موعد مع كارثة كبرى قد يذهب ضحيتها ملايين البسطاء، وقد يكرر الانفجار المدوي لـ(صافر) المأساة التي حدثت في مرفأ بيروت قبل أشهر عدة، والتي راح ضحيتها 200 قتيل و6000 مصاب.

وأكدت أن الحوثيين يستخدمون ورقة صافر سلاحا لابتزاز المجتمع الدولي، ووسيلة ضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لإلغاء تصنيف الجماعة منظمة إرهابية، وشرحت في تقرير مطول لمجلة (نيوز لاين ماجازين) المخاطر التي تنتظر المنطقة جراء حدوث تسرب نفطي في البحر الأحمر، وفقا لموقع (24) الإماراتي.

تلوث عالمي

وقالت الخبيرة «إن البلاد المطلة على البحر الأحمر لن تكون بمفردها عرضة لمخاطر التسرب النفطي لصافر»، مشيرة إلى أن التلوث الهائل يهدد الملاحة البحرية في العالم كله، مؤكدة أنه يهدد بتغيير هائل في النظام الاجتماعي والبيئي للبلد الذي مزقته الحرب، من مخزونات الأسماك الوفيرة إلى أكبر ميناء في الحديدة، حيث تصل تقريبا جميع المساعدات الإنسانية للدولة.

وأضافت «بعض الدول الأخرى ستتأثر لكن ليس كاليمن، حيث تشير النماذج إلى أنه في حالة حدوث تسرب كبير للنفط، يمكن أن تنتقل البقع عبر الساحل إلى وسط البحر الأحمر، ما يؤثر على السياحة البحرية في مصر والسعودية»، كما حذر بعض الخبراء من أن النفط يمكن أن ينتقل حتى خليج العقبة، ويُدمر الشعاب المرجانية الوحيدة في العالم التي يتوقع أن تبقى على قيد الحياة بعد منتصف القرن الحادي والعشرين.

انفجار هائل

ولفتت يونس إلى أن المناخ السياسي الصعب في المنطقة أدى إلى سنوات من التقاعس عن العمل مع انزلاق السفينة نحو الأسوأ، وقالت «سيتذكر الكثيرون مشهد الدخان الأسود المتصاعد من الصحراء عام 1991 عندما أمر صدام حسين قواته المنسحبة بإشعال النار في حقول النفط الكويتية، وخنق الدخان المنبعث من الحرائق الهواء وتسبب بتفشي أمراض الجهاز التنفسي والجلد في الكويت وأماكن أخرى».

وتابعت «تحمل معضلة صافر تشابها صارخا مع ما قبل انفجار بيروت، أي وجود الكثير من التحذيرات من العلماء والجمهور للتحرك بسرعة قبل الكارثة الحتمية، فالنفط الموجود على ظهر السفينة، مثل نترات الأمونيوم في الخطورة، ظل خاملا لأكثر من خمس سنوات، وهو قادر في أي لحظة على إشعال انفجار هائل».

مصير غامض

وأشارت إلى أنه قبل التخلي عن صيانة السفية (صافر) في 2015، كانت السفينة قد تجاوزت متوسط العمر المتوقع لناقلة تخزين النفط بـ20 عاما، وفقا لعبدالغني جغمان، الجيولوجي اليمني، الذي أضاف «إن البيئة شديدة الحرارة، والرطوبة على الساحل اليمني سرّعت من تدهور حالة السفينة،

وأسهم عمر السفينة، في جانب تكاليف الصيانة والتشغيل المرتفعة وموقعها غير المستقر في البحر الأحمر، الحكومة اليمنية في 2006 إلى البدء في التخطيط لإنشاء صهاريج تخزين النفط على الأرض في ميناء رأس عيسى. ومع ذلك، لم يتجاوز المشروع مرحلته التأسيسية. عندما اندلعت حرب اليمن في 2015، طُلب من العمال التخلي عن صافر، ومنذ ذلك الحين، أصبح مصير السفينة غامضا» وفقا لجغمان.

عواقب وخيمة

وقالت الخبيرة البيئية «إن تخزين ونقل النفط في أعالي البحار عمل محفوف بالمخاطر، ما يعزز احتمالية التسرب، وبالتالي يصعب التنبوء بالآثار المدمرة لهذا التسرب على حياة البشر والبيئة»، مشيرة إلى أنه يُنقل حوالي 3.4 ملايين برميل من النفط التجاري عبر البحر الأحمر يوميا، وتؤكد السوابق التاريخية أن غرق أو عطل في أي من السفن التي تحمل هذا النفط، سيكون له عواقب وخيمة على المدى القصير والطويل.

وتتابع «عندما جنحت Exxon Valdez على الشعاب المرجانية قبالة ساحل ألاسكا في عام 1989، أثّرت على أكثر من 1200 ميل (2000 كلم) من الخط الساحلي، وعلى الرغم من ضخ ملايين الدولارات للتنظيف، تمت إزالة حوالي 10٪ فقط من النفط، بعد أكثر من 30 عاما، لم يتعاف العديد من مجموعات الحياة البرية في المنطقة بعد، ولا تزال مصايد الأسماك الرئيسة مغلقة».

موت جماعي

وشددت على أن المجتمعات الساحلية في اليمن لا تحتمل حتى جزء بسيط من هذا الدمار، وقالت «لعقود من الزمان، كان صيد الأسماك واحداً من أكثر القطاعات إنتاجية في الاقتصاد اليمني الهشّ. قبل حرب 2015، كانت الأسماك هي ثاني أكبر صادرات البلاد، حيث يُوفّر هذا القطاع فرص عمل لأكثر من نصف مليون فرد يدعمون بدورهم 1.7 مليون شخص، ويُشكّلون 18% من سكان المجتمعات الساحلية.

وقدّرت منظمة البيئة اليمنية (الحلم الأخضر) أن تسرّب النفط الضخم بالقرب من رأس عيسى من شأنه أن يدمّر أكثر من 800 ألف طن من المخزون السمكي في مياه اليمن، وأن النظام البيئي البحري يُمكن أن يأخذ أكثر من 25 عاما للتعافي، وحذّر خبراء آخرون من عواقب تتجاوز الموت الجماعي للحياة البحرية».

ارتفاع الوقود

وتوقّعت شركة تحليل المخاطر البريطانية (ريسكوير) أن تسرّب النفط من صافر يُمكن أن يفرض إغلاق أكبر ميناء في اليمن في الحديدة لمدة خمسة إلى ستة أشهر، ما يتسبّب في ارتفاع أسعار الوقود بنسبة 200% وتعطيل خدمات الصحة والمياه والصرف الصحي، وفي حالة نشوب حريق كبير على متن السفينة، يُمكن أن يؤدي تلوّث الهواء الشديد إلى تغطية الأراضي الزراعية بالرماد وتدمير المحاصيل لأكثر من 3 ملايين مزارع.

ووضعت كارين كلاينهاوس، باحثة العلوم البحرية في جامعة ستوني بروك في نيويورك، مع فريق من الباحثين نموذجا حول انتشار النفط من التسرّب من صافر، حيث تشير الخرائط إلى أن التسرّب خلال أشهر الشتاء يُمكن أن يؤدي إلى انتشار النفط في أقصى الشمال وفي وسط البحر الأحمر، حيث سيظل محاصرا إلى أجل غير مُسمّى. وتُعتبر الشعاب المرجانية للبحر مورداً عالمياً بالغ الأهمية نظراً لقدرتها الفريدة على تحمّل درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير طبيعي من دون أن تبهت.

وسيلة ضغط

واستخدم الحوثيون الذين يتحكمون في الوصول إلى الناقلة مسألة الصيانة كوسيلة ضغط بعدما بدأت التسرب بالفعل، وسخروا من المخاوف البيئية لعلماء البحار، حيث كتب مسؤول رفيع المستوى في الجماعة محمد علي الحوثي «إن حياة القريدس أغلى من حياة مواطن يمني للولايات المتحدة وحلفائها».

ويؤكد التقرير أن هذه المشاعر تعكس توترا طويل الأمد في مناطق الأزمات، وتخفي مخاوف التدهور البيئي محنة الناس العاديين، وأشارت كلاينهاوس إلى أن الشعاب المرجانية والحياة البحرية في البحر الأحمر ضرورية للصيادين في المدن الساحلية اليمنية.

وقالت «من الطبيعي أن يُفوت الناس العلاقة بين الأسماك والبشر. لكن الأسماك في الواقع تُغذي الشعب اليمني».

غرق المحرك

وأكدت تقارير في يونيو الماضي تسربا لمياه البحر إلى غرفة المُحرّك الرئيسة للسفينة، وأرسلت الشركة المالكة للسفينة والتي تُديرها الدولة، فريقا من الغواصين لإيجاد حل سريع للتسرب، لكن الأدلة على التدهور العميق عزّزت الاعتقاد بأن كارثة كبرى وشيكة.

وبعد ستة أشهر من إفادة المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسون أمام مجلس الأمن، والتي حذر فيها من الحالة غير المستقرة للسفينة والعواقب الوخيمة لعدم اتخاذ أي إجراء، لا تزال الناقلة راسية في البحر مع أكثر من مليون برميل من النفط الخام على متنها. في الأسبوع الماضي، وأخر قادة الحوثي مرة أخرى مهمة للأمم المتحدة لتفقد السفينة، ورأت يونس أن هذه الخطوة الأخيرة هي استراتيجيتهم للضغط على الولايات المتحدة لإلغاء تصنيف الجماعة منظمة إرهابية.

ما الآثار المحتملة لانفجار صافر؟

  • أثر بيئي على المنطقة والعالم يستمر 25 عاما.

  • تعطل الملاحة في البحر الأحمر الذي ينقل 3.4 ملايين برميل نفط يوميا.

  • تعطل السياحة البحرية في جميع دول المنطقة.

  • إغلاق ميناء الحديدة من 5 إلى 6 أشهر.

  • ارتفاع أسعار الوقود بنسبة 200%.

  • تعطيل خدمات الصحة والمياه والصرف الصحي باليمن.

  • تدمير المحاصيل الزراعية لـ3 ملايين مزارع.

  • تعطل 1.7 مليون شخص يعملون في صيد الأسماك باليمن.

  • تدمير 800 ألف طن من المخزون السمكي في مياه اليمن.