محمد الأحمدي

مدرسة ذا لاين الرقمية

الثلاثاء - 26 يناير 2021

Tue - 26 Jan 2021

ظهر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مبشرا بمستقبل مشرق للإنسانية في إعلان مشروع ذا لاين «درب المؤسس الرقمي» الذي يجمع بفعله آمال الشرق والغرب في موطن الحضارة العربية.

لمع طيف المشروع الذكي بمجرد اعتلاء الأمير لمنصة إعلانه في وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية، وسرت التساؤلات التفاؤلية بين الناس حول سقف طموح المدينة الاقتصادية المبهر للعالم.

ولتبدأ رحلتنا اليوم بالتركيز على بعض المعاني المتضمنة في شعار المدينة الذكية: التقنية والمجتمع والاستدامة، والعيش الرغيد، والطبيعة وربطها بمتطلبات التعليم في العصر الرقمي الذي يواكب تلك المدينة الفارهة في التقنية.

من الواضح اعتماد المدينة لنظام رقمي يسخر ذكاء الآلة الذي يدير تفاصيلها الدقيقة، ويصنع هويتها الفريدة، ويملك زمام القرار فيها من أجل خدمة الإنسانية بالمقام الأول من جميع النواحي.

ولذا فإنها تستحق نظاما تعليميا رقميا يتوازى مع أهدافها، ويرتبط بساكنيها الذين يجوبون العالم بالتقنية، ويمتثل للسرعة في التعامل مع متطلبات التعليم المتجددة، ويجمع بين محاور شعار المدينة الذكية الذي يربط المستقبل بالحاضر مرتكزا على هوية المجتمع السعودي، وقدرات أبنائه على صناعة التأثير العالمي، والاعتزاز بثرواته الطبيعية.

وهذا بحد ذاته تحد جديد لوزارة التعليم يحملها عبء مواكبة تطلعات ساكني وزوار تلك المدينة الذكية، والجيل الذي سينشأ بها في ضوء نمط الحياة التي سيعيش بها.

وعند النظر لتجربة الوزارة القائمة فإنه لا شك من نجاح وزارة التعليم خلال أزمة كوفيد-19 في الحفاظ على استمرارية التعليم، والوصول لجميع المستفيدين في القرى والهجر عبر منصتها الرقمية. وهذا هدف متفق مع رؤية قيادة المملكة التي أنشأت المدارس، وجعلت التعليم حقا لكل أفراد المجتمع السعودي.

في المرحلة الحالية، رغم أهمية التعليم المدمج، وتضمين تدريس المهارات الرقمية لطلاب الصف الرابع الابتدائي المتوافقة مع تطورات العالم ورؤية المملكة إلا أنها تبقى غير كافية لطموح الرقمنة في المدينة الذكية.

وما زالت هناك حاجة في التعليم الحالي لترجمة الأهداف التعليمية والمخرجات المبتغاة في برامج رقمية داعمة للمعلم والمتعلم. في الحقيقة لا يكمن جوهر هذه البرامج للمعلم والمتعلم فحسب، وإنما تمنح صاحب القرار التغذية الرقمية الدقيقة حول تحقيق الأهداف.

فكما استعرضت المتحدثة الرسمية للوزارة بالإحصائيات نجاح منصة مدرستي في تقديم التعليم أثناء الأزمة، فإن تلك التطبيقات الداعمة للتعلم تقدم بلغة الأرقام ذاتها تقريرا تفصيليا بإنجاز كل متعلم في المهارات التعليمية المستهدفة.

وهنا تجدر الإشارة إلى تجربة بسيطة أوردها ليستنير بها القارئ رغم إدراكي بأن إمكانياتنا تفوق هذا الواقع بمراحل، والمقارنة بين الأنظمة التعليمية تميل إلى عدم التعادل المنطقي بينها ولكن إيرادها لإيضاح الفكرة.

يستغرق طفل الصف الثالث الابتدائي بإحدى المدارس البريطانية ساعة للتعلم الفعلي المباشر مع المعلم عن بعد في لقاءين صباحي لشرح أهداف التعلم اليومية، وآخر مسائي للتأكد من تحقيق المتطلبات التعليمية.

وبقية الخمس ساعات يقضيها في التفاعل مع البرامج التعليمية الرقمية المرتبطة بأهداف الدرس كبرامج العمليات الحسابية وبرنامج القراءة اليومي، وبرنامج الكتابة، التي أشرت لها في مقالاتي السابقة مقال التعليم الذكي يخفف العبء التدريسي ومقال منصة مدرستي.

هذه البرامج قد تمتلكها شركات، أو أفراد باستثمارات خاصة أو أوقاف عامة مثلها مثل إنشاء المدارس الخاصة التقليدية حيث تقوم بإعدادها وتطويرها في ضوء غايات التعليم المعلنة، ثم ترخصها الوزارة وتسمح باستخدامها لتحسين العملية التعليمية الرقمية.

وفي سياق ذا لاين، أصبح المسؤولون من وزراء، ورؤساء جامعات، ومنظمات مدنية، وهيئات أمام تحد علني ليعلنوا طموحاتهم التي تتوافق مع هذه الرؤية المبتكرة لجيل نيوم من جاورها، وكيف يستفاد من ذلك في رفع كفاءة الخدمات في مدن المملكة المختلفة.

فكما ظهر ولي العهد ليعلن انطلاقة مشروع ذا لاين، واستعرض الأرقام، والخدمات التي تخدم الإنسانية وتعكس الرفاهية للمجتمع، هل سيظهر وزير التعليم ليعلن مشروع مدرسة درب المؤسس الرقمية بذا لاين مثلا؟ ليتزامن التعليم مع سرعة ذا لاين.

الأمر يحتاج لنقلة تعليمية توازي طموح ولي العهد، وتطلعات العالم لرؤية المدينة الرقمية، ومرافقها ومنها التعليمية. فالتعلم صنع ذا لاين، وفكر القائد وإيمانه بالنجاح سيحول الحلم لحقيقة.