علياء مليباري

الاغتراب والاختلاف

السبت - 19 ديسمبر 2020

Sat - 19 Dec 2020

اعتاد بعضنا على السفر منذ الصغر وكنت من هؤلاء. اعتدنا ارتياد البلاد الغربية والشرقية والعربية الساحرة بطبيعتها أو الكلاسيكية بمبانيها أو المتقدمة بتقنياتها أو الغريبة بعاداتها وهذا الحال في كل مكان.

في الوقت نفسه علمنا والدي رحمه الله منذ الصغر أن نتقبل كل مختلف حتى وإن لم يعجبنا، ولا بد من أن نظهر الاحترام وألا ننكر عليهم اختلافهم طالما أنه لا ضرر منه.

تعلمنا أن نتقبل اختلاف ألبستهم وعاداتهم وطعامهم ولهجاتهم في زيارتنا للدول العربية.

لم نستنكر أو نقلل من غيرنا لأنه مختلف.

في رحلة الابتعاث أدركت أن هذه التربية ساعدتنا كثيرا في الحياة مع المختلفين، أن نحترم عاداتهم ولا نقلل منهم، وكذلك بدون الانقياد وراءها.

وفي المقابل كان هذا الموضوع صعبا على من لم يعتد الاختلاف ولا ألومهم في شيء لأننا كبشر نحن نتائج تجاربنا عادة.

ظهرت لدينا حالات شدتني لمشاهدتها، وأكرر أنها حالات ليست بالكثيرة، هناك من رفض أي نوع من التغيير أو الاختلاف واعتبر كل مختلف سيئا، وركز على هذا الاختلاف وفقد المغزى من هذه الرحلة في الاغتراب، وأصبح كثير النقد والتشكي، ولم يتقبل البلد أو الحياة أو الدراسة.

وهناك من لم يميز معنى الاختلاف واحترامه وبين القيام به. من استصعب التمييز واستسهل كل أمر بحجة التجربة أو عدم التفكير وكيف تتقبل دون أن تنجرف، فأصبح بلا هوية أو مبدأ ثابت لأن التغيير أتى بدون تفكير وليس دوما كل تغيير يعتبر إيجابيا.

هذه الحالات ليست كثيرة ولكنها مشاهد تخبرني دوما بأن تربية أبنائنا وتلك الأفكار والأخلاقيات التي تم زرعها بداخلهم ستوجههم دوما. فمن المنزل حتى أرقى الجامعات

العالمية هذه التربية ساهمت بشكل كبير في أغلب الإنجازات السعودية في الخارج.

تقبل المختلف لا يعني أننا أنكرنا كينونتنا أو عاداتنا. وفي المقابل علينا ألا نرضى أن ترفض اختلافاتنا من غيرنا، ونغير من أنفسنا لنرضي غيرنا.

كونوا محبين لهويتكم وأدخلوا التجديد والتحسين عليها ولا تنكروها ولا تنكروا على غيركم هوياتهم. تعلموا العيش مع المختلف لنتعلم منه بدون أي ضرر أو ضرار. خذوا كل ما يفيد من الاختلاف والغربة ومن هم من دول أخرى وأديان أخرى، حتى تكون رحلة الابتعاث والاغتراب رحلة مفيدة وصحية.

وربوا أبناءكم دوما على احترام غيرهم وتقبلهم مع ثبات مبادئهم، ولا تربوهم على الكبر حتى لا يغتروا بما لديهم فيرفضوا المفيد لهم، ولا تربوهم بدون مبادئ حتى لا تتكون لديهم مبادئ لا تشبهكم أو تشبه مجتمعهم، ويصبحوا كالماء يتشكل بأي شكل يوضع فيه بلا هوية.